ما خطب الأعلام الجديدة؟
مدني عبد المجيد
هوية بريس – الإثنين 25 يناير 2016
من بين الظواهر التي أصبحت تثير انتباه الملاحظ هذه الأيام هي ظهور رايات منافسة للعلم الوطني وأقصد هنا الراية التي تبنتها حركة عشرين فبراير والراية التي يلتحف بها بعض مناضلي الحركة الأمازيغية. فخلال الاحتفال الأخير ببعض الدول الأجنبية بالسنة الأمازيغية الجديدة لوحظ غياب العلم الوطني الذي هو رمز السيادة الوطنية ولست هنا ضد الاحتفال بالسنة الأمازيغية أو اللغة الأمازيغية. ما أزعجني هو غياب الراية الرسمية للمملكة المغربية التي هي رمز لوحدة المغاربة جميعا بغض النظر عن انتماءهم الثقافي أو أصولهم العرقية. والتي هي سيادية بالدرجة الأولى ولا تمثل السكان الناطقين بالدرجة المغربية، بل تشمل جميع المغاربة.
وبالضفة الأخرى هناك فئة من النشطاء السياسيين الذين ارتأوا رفع راية سوداء تعبر عن صدق نواياهم في تسويد الواقع السياسي عوض التشبث بالعلم الوطني في مظاهراتهم. فماذا يعني أن تحمل علما جديد؟ أليس هذا استفزاز لمشاعر المغاربة وتهديد لاستقرارهم وسيادة بلدهم؟ ويحضرني شريط أحد نشطاء عشرين فبراير الذي رفض حمل العلم الوطني عندما طلب منه أحد أعضاء حركة الشباب الملكي حمل هذا العالم عوض الراية السوداء التي دأبت الحركة على رفعها. إن هذا النوع من التظاهر مشكوك فيه لأنه يهاجم السيادة بالدرجة الأولى ويشكل خطرا على استقرار الوطن. إن التغيير الحقيقي يأتي بالطرق القانونية واحترام الثوابت الوطنية والتي من بينها العلم الوطني.
وبالنسبة للأعلام ”الأمازيغية” في المغرب يوجد علمان: أحدهما عام وأخر خاص بأحد المناطق. ما يحز في النفس أننا في صيرورة تقدمية، حيث عرف النقاش حول اللغة الأمازيغية تقدما ملحوظا وأصبح الحديث عن وضع قانون يتعلق بالطابع الرسمي للغة الأمازيغية وإنشاء مجلس للغات والتعبيرات الثقافية في المغرب. والكل يتذكر خطاب جلالة الملك نصره الله ودعوته إلى التسريع في إنزال القانون المتعلق باللغة الأمازيغية واللغات بالمغرب. وبالمقابل لم نلمس مجهودات وطنية للمختلف الفاعلين في الحقل اللغوي أو المدافعين عن اللغة الأمازيغية للتبرئ من هذه الأعلام والتنصيص على التشبث بالعلم الأحمر ذو النجمة الخماسية. وعكس ذلك نرى أن الهوة أصبحت في تزايد. والسؤال الذي يفرض ذاته في هذا السياق هو ما العيب في الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة بالعلم الوطني الأحمر دو النجمة الخماسية دون أي علم آخر؟ وبالعكس كان عدد المحتفلين سيتضاعف وستمر الاحتفالية في جو أخوي بين جميع المغاربة أكثر من المعهود.
وللتوضيح هنا فحتى السكان ”العرب” في المغرب كانوا يحتفلون بالسنة الفلاحية أبا عن جد دون دراية بأصلها أو دلالتها التاريخية. وكوني أنحذر من مدينة وادي زم كنت شاهدا على ذلك في طفولتي. وهذا دليل قاطع أننا شعب واحد ولا داعي للتفرقة بيننا، بل علينا أن نفكر جميعا في حلول تنموية لبلدنا عوض تضييع الوقت في السجال اللغوي والتاريخي والثقافي. فسواء تكلم المواطن المغربي اللغة الأمازيغية أو اللغة العربية فهذا لا يغير للود قضية وبالمناسبة وجب التذكير أن العرب نوعان هناك عرب عاربة وعرب مستعربة. وأن قبيلة قريش بلحمها وعظمها هي من العرب المستعربة التي تعود أصولها إلى سيدنا إسماعيل ابن نبي الله إبراهيم وإبراهيم عليه السلام ليس عربي وتلك حكمة إلاهية. أي أن مسألة العروبة تبقى نسبية وفي الأخير نجد أن أصول سكان بلدنا المغرب متقاربة ويعود جلها إلى الشرق الأوسط.
ما نحتاجه اليوم هو إصدار قانون جديد في المغرب يقنن استخدام الرايات في المغرب. والذي من شأنه أن يحدد الحالات التي يمكن لأصحابها حمل هذه الأعلام حفاظا على السيادة الوطنية للمملكة المغربية واحتراما لمشاعر المغاربة الذي ضحوا بأرواحهم للحفاظ على الوحدة الترابية لهذا الوطن والكل يعلم قيمة اللواء في المعارك الحربية. وكذلك ينبغي على الجمعيات الثقافية والمجموعات السياسية مراجعة ذواتها ونظرتها تجاه العلم الوطني حفاظا على وحدة المغاربة ودرء للفتنة التي قد تنشئ من استفحال هذه الظاهرة في المستقبل.
وعلى الجميع أن يتعقل وينتبه إلى خطورة بعض التصرفات على البلد مستقبلا. فلو توجهنا إلى التفكير في اقتصاد المعرفة والتقدم العلمي والتكنولوجي لكان خيرا للبلد بدل الغوص في الماضي والإيديولوجية العرقية وأن نهدر طاقنا في أمور ستفرقنا عوض البحث عن حلول اقتصادية واجتماعية للنهوض ببلدنا.