ما نحن صانعون بالحياة مِن بعد الدِّينِ والشرع إن عُبِثَ بالدين في قيمه أو أُعدِم الشرعُ في أحكامه؟

هوية بريس – متابعة
جوابا عن سؤال “ما نحن صانعون بالحياة مِن بعد الدِّينِ والشرع، إن عُبِثَ بالدين في قيمه أو أُعدِم الشرعُ في أحكامه؟” كتب الدكتور ميمون نكاز “(اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء، وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء) تلك مقولة أنس بن النضر رضي الله عنه في نازلة غزوة أحد؛ يقصد بهؤلاء الأُوَّل الذين وضعوا ما كان بأيديهم من السلاح لما أشيع في قلب المعركة أن النبي عليه الصلاة والسلام قد قتل، ويقصد بهؤلاء الآخرين المشركين والكفار خصوم الإسلام الظالمين المعتدين..”.
وأضاف الفقيه المغربي في منشور له على فيسبوك “مَرَّ أنس على بعض المهاجرين والأنصار قد استسلموا لإشاعة الخبر وواقع الصدمة فقال لهم: (ما يُجْلسُكُم؟ قالوا : قُتِل رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ما تَصنعون بالحياة بعدَه؟ قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم) ثم انتهض وقاتل حتى قُتل، فَوُجِدَ في جسده بضعٌ وثمانون جرحا، من ضربة سيف أو طعنة رمح أو رمية سهم… أفضى إلى ربه راضيا مرضيا… قد قيل: فيه وفي أمثاله نزلت الآية الشريفة: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، وما بدلوا تبديلا} [الأحزاب23]”.
أقول، يتابع د.نكاز “لا أعلم “رجولة” أوفى بمعناها وأصدق في دعواها وأكمل في إفادتها من هذه الرجولة، “رجولة في صدق الإيمان”، و”رجولة في قوة الموقف”، و”رجولة في عمق المعرفة”، ففي قوله :”ما يجلسكم” معاتبة “للجالسين” في ظروف الجهاد والحركة والمجاهدة والمغالبة والمدافعة؛ تستوي في ذلك “مجالس العلم” و”مجالس الدنيا” المختلفة، وفي قوله: “ما تصنعون بالحياة من بعده” إفراغ للحياة من معناها وفحواها، بل فيه إعدام لها إذا أُعْدِمَ الحقُّ والشرعُ فيها بإعدام سادته وقادته من أهل العلم والعمل..”.
كما أكد د.نكاز “شتان بين “ذُكورة العلم” حيث الألقاب العالية والسامية الباهية، وبين “الرجولة” فيه حيث “صدق الإيمان” في الوفاء بميثاق البيان في زمان “غلبة الكتمان”، حرصا على الدنيا أو خوفا من الطغيان، وحيث “قوةُ الموقف” في ظروف الهزيمة والخذلان، وحيث “عُمقُ المعرفة” و”يَقظةُ العِلْم” في مجاري التحريف والانتحال والتأويلات المضلة للدين والشريعة..”، مردفا “أقول: ما يُجلسنا؟ ما نصنع بالحياة من بعد الدين إن عُبِثَ به على شهادة منا وشهود؟ ما يجلسنا؟ وما نصنع بحياة سيوف الظلم والفساد في الأمة ضاربة، ورماح الإلحاد والكفر في الدين والملة طاعنة، ورمايات سهام التحريف والتبديل جراحاتُها في القرآن والسنة غائرة؟”.
ثم اعترض د.نكاز في نفس منشوره “رب قائل: لا خوف على الدين من التحريف والتعبيث، فقد تولى الله حفظَه”، مؤكدا “أقول لهذا المليء بالفهم المغشوش: إنما الخوف عليك أن تتخلف عن واجبات الوقت القاضية بنصرة الحق، والذب عن حرمات الشريعة، والدفاع عن ملة الأمة، فيقضى عليك بالعذاب الأليم وبعقوبة الاستبدال الخفية، حيث تعيش في “أضلولة الرضا على النفس” لكونك “مسلما صالحا” تعيش “الحياة الطيبة المقرطسة في مفهومها وتأويلها”… ثم أختم قائلا لهذا المليء بالفهم المبتور” للحياة الطيبة: (اعلم أنك لن تبلغ -ولو أجهدت نفسك- أفق الحياة الطيبة التي كان يعيشها أصحاب الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام، واعلم أنهم رضي الله عنهم في فريد أفقهم ذاك قد عوتبوا، بل هددوا بالعذاب والاستبدال إن تَثَّاقلوا إلى الأرض ورضوا بالحياة الدنيوية الطيبة افتتانا بزهرتها وانشغالا بحطامها، فتخلفوا عن النفرة العامة إلى داعي الحق في ظروف تدافعه مع الظلم والباطل، أنصِت أيها المليء المبتلى والمُضَلَّل بالفهم المغشوش المبتور إلى الوحي الشريف وهو يعاتبهم: {يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكمُ ٱنفِرُوا۟ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ ٱثَّاقَلۡتُمۡ إِلَى ٱلۡأَرۡضِۚ أَرَضِیتُم بِٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَا مِنَ ٱلۡـَٔاخِرَةِۚ فَمَا مَتَـٰعُ ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَا فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ إِلَّا قَلِیلٌ ٣٨ إِلَّا تَنفِرُوا۟ یُعَذِّبۡكُمۡ عَذَابًا أَلِیما وَیَسۡتَبۡدِلۡ قَوۡمًا غَیۡرَكُمۡ وَلَا تَضُرُّوهُ شَیۡـٔاۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡء قَدِیرٌ ٣٩﴾ [التوبة38-39]”.
ثم وجه د.نكاز نداء “اعلم أيها المليء بالفهم المغشوش المبتور للحفظ الديني وللحياة الطيبة أنه لا ينتظر الجالسين في مجالسهم، القاعدين عن نصرة الحق والدين إلا “العذاب الأليم” و”الاستبدال اليقين”، وما أنا في هذا القول الثقيل على بعض القارئين إلا من المذكرين، {فهل من مدكر} [القمر51]، وليعلم الذين لا يذكرون هذه الحقيقة ولا يعقلون هذا البيان أن الله قد أهلك أشياعَهم من قبل، وما هم على الله بالأعزاء الذين يُستَثنَون من جريان قدر الاستبدال إذا انطبق عليهم…”.
وفي آخر منشوره أكد د.نكاز “اللهم إني أعتذر إليك من نفسي- إن جَلسَت وتثاقلت- ومن كل الجالسين في “مجالس العلم”، المتخلفين عن “معارك العلم الحقيقية” و”ثغور العمل الثقيلة”، وأبرأ إليك من كل طاغية أو ظالم فاسد خصيم للإسلام عدو للمسلمين..”.



