ما هو الدليل على أن الفتاة إذا بلغت 18 سنة تصبح مؤهلة للزواج؟
هوية بريس – متابعات
تحت عنوان “قول في أهلية الزواج في مدونة الأسرة” أكد د. خالد الصمدي أنه “كما هو الشأن بالنسبة للأحكام الشرعية ينبغي أن تبنى مدونة الأسرة على مفاهيم شرعية، ومنها مفهوم البلوغ الذي يعبر عن نضج عقلي ووجداني وجسمي معين بعلامات محددة تختلف سنه بين الذكر والأنثى ومن منطقة جغرافية الى أخرى”.
وأضاف الوزير المنتدب السابق بالتعليم العالي “وبهذه العلامات تنتهي مرحلة الطفولة من الناحية الشرعية وتبدأ مرحلة البلوغ التي تترتب عنها واجبات تحمل مسؤولية التكاليف الشرعية تجاه الخالق وتجاه المجتمع كوجوب الصلاة والصيام، وتحمل مسؤولية المخالفات والأخطاء من الناحية الشرعية كالزنا والسرقة والخيانة وغيرها، قبل حلول سن المسؤولية القانونية،
وهذه الواجبات والمحظورات تتطلب وعيا تاما بالأحكام الشرعية ذات الصلة بها بعد مرحلة تدريب وتربية وتوعية تبدأ من سبع سنين إلى سن البلوغ، وهي مرحلة التأهيل المثلى لتحمل المسؤولية صحيا وبدنيا وذهنيا، وبناء عليه ولذلك اعتبرت المنظومات التربوية العالمية أن سن 15 سنة هو نهاية التعليم الالزامي (نهاية الاعدادي).
ووجه الخبير الدولي في علوم التربية أنه إذا كان دخول مرحلة البلوغ يعني القدرة على التزاوج من الناحية البيولوجية فإن ذلك لا يعني بالضرورة القدرة على تحمل مسؤولية الزواج وتكوين أسرة، لذلك لم تربط الشريعة الإسلامية الزواج بمرحلة البلوغ كما يوهمنا البعض، وإنما ربطته بشرط آخر وهو القدرة على تحمل تبعاته ومسؤولياته، وذلك رهين بالتأهيل المبكر لتحمل هذه المسؤولية بصفة عامة بما في ذلك مسؤولية الزواج، وهذا مصداق قول رسول الله صلى الله عليه وسلم “يامعشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء” والباءه هنا هي القدرة بمختلف مكوناتها النفسية والاجتماعية والمادية، فربطت الزواج بتلازم البلوغ والتأهيل،
لكن القوانين الوضعية حين ربطت تحمل المسؤولية وحددت سن الرشد في سن 18 سنة، ودعا عدد من النشطاء إلى اعتماده أوتوماتيكيا سنا أدنى للزواج، فإنها لم تحل الإشكال،
لأن الرشد والتأهيل لا يحده بالضرورة سن معين فكم من راشد في سن البلوغ وكم من مراهق في سن الأربعين،
وبلوغ 18 سنة لا يقوم دليلا على القدرة على تحمل مسؤولية الأسرة،
وختم الصمدي تعليقه بقوله: حيث إن البلوغ كما الأهلية هي حالات نسبية تختلف من شخص الى آخر فإن تحديد سن الزواج ينبغي ان يظل مرتبطا بالإضافة إلى توفر الشرط البيولوجي الذي هو البلوغ ، بدراسة اجتماعية ونفسية ومادية حسب كل حالة تقوم بها جهة مختصة وتقرر فيها السلطة تقديرية لقضاء الأسرة، في ربط تام بين شرط السن وشرط القدرة، دون الاقتصار على أحدهما، سواء قبل سن 18 أو بعدها،
وهو المسلك القويم الذي أقرته الشريعة الإسلامية حين جمعت بين سن البلوغ والتأهيل فضمنت بذلك الحصان والعفاف، وبناء أسرة على أسس سليمة،
وإذا كان هناك قصور في مستوى التأهيل فإن ذلك يسائل منظومتنا التربوية والاجتماعية، قبل أن يسائل منظومتنا القانونية، ولا يعالج بسطر صارم في قانون قد يعقد الأمور أكثر مما يحلها، ألا هل بلغت اللهم فاشهد.