ما هي العلاقة بين مطلب الحريات الفردية ومطلب التعديل الجذري للمدونة؟

هوية بريس – عابد عبد المنعم

مع قرب الدخول السياسي الجديد بدأت تظهر بعض المطالب المتعلقة بتعديل مدونة الأسرة؛ في ضوء الخطاب الملكي الذي دعا إلى ضرورة مراجعة هذا القانون.

ووفق ما ذكره إدريس الكنبوري فإن المثير في الأمر أن الجهات الداعية إلى المراجعة الجذرية للمدونة والمساواة في الإرث تقرأ الواقع الحالي للمدونة الموجودة قراءة مغلوطة؛ فهي لا تنظر إلى الاختلالات في التطبيق بل تنظر إلى ما لم يتضمنه النص السابق وما يجب أن يتضمنه النص المقبل.

وأضاف المحلل السياسي المغربي الأرقام الرسمية تقول بأن معدلات الطلاق ارتفعت بشكل مهول؛ بينما تراجعت معدلات الزواج بشكل كبير. ولن نملأ هذه التدوينة بالأرقام لأنه يمكن الاطلاع عليها في مكان آخر. لكن ما يهم هنا طرح الإشكال التالي: ما هي العلاقة بين مطلب الحريات الفردية ومطلب التعديل الجذري للمدونة؟.

كلنا يذكر النقاش الساخن الذي أثير حول الحريات الفردية في العام الماضي؛ لكن هذا النقاش اختفى اليوم وحل محله النقاش حول المدونة؛ وما يجب معرفته هو أن محركي النقاش حول الحريات الفردية هم محركو النقاش حول التغيير الجذري للمدونة.

ما هي الاستراتيجية؟

الاستراتيجية هي أن المطلوب من المدونة المقبلة أن تعطي “مكاسب” أكبر للمرأة على حساب وحدة الأسرة؛ من حيث اقتسام الثروة وشروط الطلاق والحضانة وغيرها؛ الأمر الذي سيجعل الزواج في حكم الممتنع إلا في حالات خاصة جدا؛ وستتراجع أكثر نسبة الزواج وتتسع نسب الطلاق؛ وتصبح مؤسسة الأسرة بمثابة إكراه للشباب؛ بسبب وجود قانون يتسم بالزجر أكثر مما يتسم بالتأليف.

هذا الوضع سيجعل النقاش حول الحريات الفردية نقاشا منطقيا ومقبولا؛ وستصبح تلك الحريات مطلبا له نوع من المصداقية؛ لأن الكثيرين سيفضلون اتخاذ خليلة لا تترتب عنها كلفة؛ بدل اتخاذ زوجة تترتب عنها كلفة مادية ونفسية؛ وبدل بناء أسرة تصبح بمثابة سجن للطرفين؛ لا يعرف أحدهما متى يغدر به الآخر.

وختم الكنبوري تدوينة على صفحته بالفيسبوك بقوله “إنها حزمة واحدة نابعة من فلسفة واحدة؛ واستراتيجية مدروسة الهدف منها تفكيك المجتمع؛ فمطلب التغيير الجذري للمدونة يخدم مطلب الحريات الفردية؛ وهذا ما سيحدث تماما لو سار مطلب تعديل المدونة في المسار المرغوب لا في المسار المطلوب. قال الشاعر: ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا / ويأتيك بالأخبار من لم تزود.