متقاعدو المغرب خارج حسابات واهتمامات الدولة
هوية بريس – علي او عمو
أَوردت جريدة هسبريس يوم الثلاثاء 16 أبريل 2024 خبراً تحت عنوان:
(وزارة التربية الوطنية تعلن صرف الزيادة في الأجور بأثر رجعي نهاية أبريل).
جاء في الخبر أنَّ : “وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة قد أعلنت أن الزيادة المقررة في أجور نساء ورجال التعليم، والبالغة 750 درهم شهريا (الشطر الأول)، سيتم صرفها تزامنا مع صرف أجور شهر أبريل الجاري؛ وذلك بأثر رجعي ابتداء من شهر يناير 2024”.
و أضاف المصدرُ نفسُه أنّ ” الوزارة أوضحت ، في بلاغ رسمي، أن هذه العملية تأتي بعد استكمال جميع المساطر والإجراءات اللازمة، بتنسيق بين المصالح المعنية بوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة ووزارة 8الاقتصاد والمالية”.
و قالت هسبريس أنّ “البلاغ قد أشار أن هذه الزيادة تندرج في إطار تنزيل و أجرأة اتفاقي 10 و26 دجنبر 2023، الموقعين بين الحكومة والنقابات التعليمية الأكثر تمثيلية، والتي تم من خلالها إقرار زيادة عامة في أجور كافة نساء ورجال التعليم، بمختلف هيئاتهم ودرجاتهم، بمبلغ شهري صاف حدد في 1.500 درهم، يصرف على قسطين متساويين (فاتح يناير 2024 – فاتح يناير 2025)”..
لابدّ من الإشارة هنا، إلى أنّ وزارة التربيَة الوطنية و نقاباتُها قد أغفَلت، عَمْدا، في “حواراتها الاجتماعيّة” الزيادة في رواتب معاشات الأساتذة المُتقاعدين التي جُمِّدت مُنذ أمدٍ بعيد. متناسيةً ما أصاب هذه الطبقة الواسعة من رجال و نساء التربية و التعليم جرّاء الإجراءات الجائرة التي قامت بها حكومة حزب “العدالة و التنمية” عندما أقدمتْ على ما أَسمَتْهُ، آنَذاك، (إصلاح صناديق التقاعد)، الذي يعتبَرُ كارثةً كبرى لا يُمكِنُ و يستحيل أن ينساها رجال و نساء التعليم المتقاعدون ، حيث تمَّ تخفيض نسبة المعاش “حدّ السنّ” من 2,5% عن كل سنةِ عمَلٍ إلى 2% فقط، كما تمَّ خَفْض نسبة معاش التقاعُد النسبِيِّ من 2% عن كلِّ سنة عَمَلٍ إلى 1,5% فقط ،الشيء الذي خفَّضَ من رواتب الأساتذة المُتقاعدين، بالرغم من قضائهم في المِهنة مُدّةً طويلة تفوق، في بعض الأحيان، أربعين سنةً من العمل، كما قامت الحكومة السالِفة الذكر، بزيادات متتالية في ثمن المحروقات و قامت بتحرير السوق المغربي مِمّا نتج عنه ارتفاع فاحش في كلّ الموادّ الأساسية مما ساهَم في غلاء المعيشة، الشيء الذي جعل رواتب المتقاعدين عاجزة عن مواجهَة مُتطلَّبات الحياة، كي يعيشوا عيشةً كريمة كَسائر مُتقاعِدي الدول الديمُقراطيّة التي تحترم نفسها و التي تسعى إلى الارتقاء بأوضاعِهم المعيشيّة إلى مُستوى الرفاهيّة و الرّخاء و السعادة و حُسن الحال..
و كما يعلم الجميع أنّ المُتقاعد المغربي هو الذي يعيش تَبِعات القرارات المُتهوِّرة للحكومات المغربيّة و النقابات المُوالية لها، و التي، يبدو، أنّها متواطِئة معها في الخطوات السلبيّة التي تنتهجها تُجاه هذه الفئة المُهمَّشة من الشعب. لقد أصمَّت الحكومات آذاننا ب “الحوارات الاجتماعيّة” التي لم و لنْ تكون سوى ذَرٍّ للرّماد في عيون الذين أفْنَوْا حياتَهم في خِدمة وطنِهم..
يُعاني المُتقاعد المغربيّ مآسي جمّة جرّاء التّهميش و الإقصاء و عدم الاهتمام به، بالرفع من راتب معاشِه الهزيل و المُجمَّد و القارّ منذُ عقود عديدة، المُتقاعد الذي أفنى حياتَه في تربية و تعليم ناشِئة بلده، إنّها الخِدمة الجليلة التي يستَحقّ عليها كلّ الاهتمام و الرعاية و العيش الرّغيد و الكريم، و ذلك باتخاذ الدولة تَدابيرَ عاجلة في وَضع سُلَّم مُتحرِّك لراتِب معاشه، بعيداً عن المُراوَغة و المُماطَلة و التضليل المُتجلّية في ما يُسمّى (الحوارات الاجتماعيّة)، التي سئِمَ المُتقاعد منها، لِكوْنه واعٍ عن مقاصِدِها و أهدافِها و مَراميها، لا ينتظر هذا الرّجُل المُناضل من نقابات تَتلقّى دعماً ماليّاً هائلاً من الدولة أنْ تُدافِع عن مَطالِبه و حقوقه المهضومة، فحصول هذه النقابات على مِنحة سنويّة بالملايير من السنتمات يَكبَحُ جِماحَها في مُقارَعة الحكومات و الوُقوف أمامَها نَدّا من أجل حمايَة هذه الفئة المُفقَّرة و المُهمَّشة التي كانت يوماً من الطَّبقة المتوسِّطة، و انحدَرت الآن إلى الشريحة الفقيرة من الشعب، و ذلك بسبب السياسات المُنتهَجة و المُمَنهجة للدولة تُجاه المتقاعد المغربي المسكين..
الخلاصة:
على الحكومة المغربية الحالية العمَل على إعادة النّظر في النّهجِ الذي تسلُكه تجاه جميع الأساتذة و الأستاذات المُتقاعدين، و ذلك بِوضْع استراتيجيَّة واضحة لإعادة الاعتبار لهذه الفئة، استراتيجيّة تروم في أهدافِها الرفع من رواتب هذه الفئة المُتضَرّرَِة الهشّة، من خلال إلغاء الضريبة على الدّخل، أوَّلاً و قبل كلّ شيء، التي تُعتبَر اختلاساً واضِحاً من رواتِبِهم الهزيلة، علماً أنّهم كانوا يُؤدّون هذه “الذّعيرة” طيلة مُدّة عمَلهم.. بالإضافة إلى وَضع سُلَّمٍ مُتحرِّكٍ للمَعاشات، بعيداً عن المُفاوَضات التضليليّة و العقيمة التي تُجرى مع النقابات المُواليَة لها، و التي لا تتناوَل حقوق الأستاذ المُتقاعد، الذي أركنَتهُ الدولة إلى زاوية التهميش و الإقصاء و التفقير.. لا أحدَ من أعضاء الحكومة و لا من أعضاء النقابات يمْنح شيْئاً من جَيْبِه، فالزيادة في معاشات الأساتذة و الأستاذات المتقاعدين هي من أموال الشعب و من ثروات بلدهم الهائلة، من فسفاط و ذهب و ثروات بحريّة من أسماك مختلفة الأشكال و الأنواع، التي تُذِرّ على الدولة الملايير من الدولارات…