مثير.. هكذا تعامل المجتمع السويدي مع محاولة سابقة لإحراق المصحف
هوية بريس- متابعة
كتب إدريس أجمي المراكشي، باحث في قضايا الفكر والحوار ومقيم بالسويد، مقالا بعنوان “حادثة حرق المصحف الشريف..قراءة من داخل السويد”، يتفاعل فيه مع واقعه إحراق المصحف بالسويد.
وأكد صاحب المقال الذي نشرته “هسبريس” أنه من الضروري “فهم ما يجري، وعلاقة ذلك بطبيعة ونمط التفكير المجتمعي والحقوقي لبلدٍ كالسويد”.
كما دعا إلى استحضار هذا الفهم “حتى تنقاد حماسة غضبنا بنور وحكمة فهمنا، ونفوت على الحمقى فرصةَ إحداث شرخٍ يصعب التئامه، خصوصاً مع المجتمع السويدي الذي يشاطرنا تاريخاً عريقاً من المشاعر الإنسانية النبيلة”.
ومن الحقائق التي ذكرها الباحث المقيم بالسويد أن “الدولة السويدية، بتاريخها السياسي وهيئاتها ومؤسساتها السيادية، عاشت قرنين من الزمان على الحياد بمفهومه الشامل، وأنها لم تكن على الأقل خلال العصر الحديث قوةً استعماريةً حين هاجت العديد من الدول الأوروبية لاحتلال غيرها من الشعوب”.
وزاد: “مائتا سنة من الحياد والمسالمة لاشك أنها تركت أثراً عميقاً على نمط العيش والتفكير لدى المواطن السويدي البسيط، وحين أقول المواطن السويدي فأنا أقصد ذاك الممتدة جذوره إلى شعب الفايكنغ، ولا أقصد به الطارئَ القادمَ من ثقافاتٍ وبيئاتٍ مغايرة حتى لو حمل جنسية البلد”.
وتابع: “هذا التاريخ العريق من عدم التخندق مع جهةٍ ضد أخرى أضحى ثقافةً مجتمعيةً يتميز بها الرجل السويدي والمرأة السويدية عن كثيرٍ من شعوب المنطقة، فكلاهما يستقبلان الآخرَ بإظهار قدرٍ غير مألوفٍ من الاحترام والود حتى وهم ينفذون القانون بصرامته! بل إن المواطن السويدي يتمتع بحسٍ إنسانيٍ رفيع، وهو ـ بمعاينةٍ شخصيةٍ للعديد من الحالات ـ سريع الدمعة والتأثر، فقد يتخذ مسؤولٌ ما قراراً سلبياً، لكنه يظهر مع رفضه الكثيرَ من التعاطف”.
وأوضح: “هذا المجتمع السويدي، بهذه الخصال الإنسانية، رفض ويرفض بشكلٍ قويٍ محاولات حرق المصحف الشريف، وقد تجلى هذا الرفض ـ على الأقل ضمن حدود المدينة التي خطبت في مسجدها مباشرةً بعد محاولةٍ سابقةٍ لعملية الإحراق ـ في رسائل الشجب لهكذا سلوك، والتعاطف مع المسلمين، من جهاتٍ لها وزنها في البلد، وأهمها الكنيسة التي أطلقت أجراسها تدق لحظةَ محاولةٍ سابقةٍ للقيام بهذا الفعل من طرف المتطرف الدنماركي (راسموس بالودان)، ومصالح البلدية التي رخصت للمسلمين في ذلك اليوم بتنظيم تجمعٍ عائلي تخللته أنشطة لصالح الشباب والأطفال، والشرطة السويدية التي وفرت الحماية لتجمع المسلمين في حدود مهامها الموكلة إليها باحترافية، وكبريات المحلات التجارية التي وفرت المياه والعصير والحلويات مجاناً لهذا التجمع العائلي”.
وقال: “أما (بالودان) هذا فاكتفى بالنظر إلى جنبيه، حيث لم يجد أحداً، فحمل حقيبته وانصرف! وانتهى اليوم بتبادل رسائل الشكر والتقدير بين الشرطة والبلدية والكنيسة من جهة وبين المسلمين عمار هذا المسجد من جهة، ووقف الجميع على تحضر الإنسان المسلم ونبل مشاعره، بل وانعقدت الكثير من الصداقات في هذا اليوم”.