مجلس النواب يشرع في المناقشة العامة للجزء الأول لمشروع قانون المالية لسنة 2019
هوية بريس – و م ع
شرعت الفرق والمجموعة البرلمانية بمجلس النواب، خلال جلسة عمومية الأربعاء 14 نونبر، في المناقشة العامة للجزء الأول من مشروع قانون المالية لسنة 2019، في ظل تباين المواقف بين الأغلبية التي تؤكد على النفس الاجتماعي للمشروع، والمعارضة التي ترى أنه مجرد “نسخة” عن المشاريع السابقة.
وبهذه المناسبة، وبعد أن استعرض السياق العام الذي ميز إعداد مشروع قانون المالية، سجل رئيس فريق العدالة والتنمية إدريس الأزمي الإدريسي، في مداخلة له، أن المشروع يندرج في سياق تنزيل التوجهات والتدابير التي دعا إليها الملك محمد السادس في خطبه الأخيرة، وأساسا تلك المتعلقة بدعم المجالات الاجتماعية، مبرزا أن المشروع بنفسه الاجتماعي المتميز يشكل خطوة أولى على درب مسار تجديد النموذج التنموي المغربي، بما يتيح دعم القطاعات الاجتماعية وتقليص الفوارق ودعم المقاولات وتعزيز الاستثمارات.
واعتبر الأزمي، خلال هذه الجلسة التي ترأسها الحبيب المالكي رئيس مجلس النواب، أن نجاح أي برنامج تنموي رهين باستعادة الثقة في الحياة والمؤسسات السياسية وتعزيز المسار الديمقراطي، وكذا بترصيد الانجازات في مجال الحقوق والحريات، مشيرا إلى أنه يتعين، على المستوى الاقتصادي، العمل على تحرير الطاقات وإفساح المجال للتنافس والمبادرة المقاولاتية والمساهمة في تعزيز الثروة الوطنية.
وأضاف أن هذا النموذج التنموي يتعين أن يعمل أيضا على تعزيز التضامن والتماسك الاجتماعي وتوسيع الحماية الاجتماعية والاهتمام بالفئات الاجتماعية الهشة، وكذا تيسير الولوج إلى تعليم متاح للجميع ذي جودة.
وفي مجال تناغم مشروع قانون المالية 2019 مع أولويات العمل الحكومي، سجل السيد الأزمي بـ”ارتياح” الإجراءات الحكومية المتضمنة في المشروع وخاصة المتعلقة بدعم القطاعات الاجتماعية وتقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية، مشيرا في هذا الصدد إلى الرفع من الاعتمادات المالية المرصودة للشق الاجتماعي، وكذا عدد المناصب المالية المخولة للقطاعات المهمة من بينها التعليم والصحة.
ودعا رئيس فريق العدالة والتنمية، في هذا السياق، إلى ضرورة الإسراع في إخراج السجل الاجتماعي الموحد بغية تطوير البرامج الاجتماعية وضبط الفئات الهشة المحتاجة، وكذا الحرص على استدامة برنامج “راميد” وتطوير خدماته، فضلا عن اعتماد الحوار الاجتماعي بشكل منتظم.
وفي المجال الاقتصادي، نوه الأزمي بالإجراءات الهامة التي جاء بها مشروع قانون المالية وخاصة مواصلة مجهود الاستثمار العمومي، داعيا في هذا الصدد إلى إرساء العدالة في التوزيع المجالي لهذه الاستثمارات وفعاليتها ومساهمتها في تحفيز نسب النمو، ومشيرا أيضا إلى أن التدابير تشمل أيضا دعم المقاولات وحرص الحكومة على حل مشكل تأخر الأداءات، كما حث على التفعيل الفوري للمراكز الجهوية للاستثمار وإرساء دعم متنوع للجهات الأقل حظا، مشيدا بالعمل من أجل إنجاز الاصلاحات وخاصة اصلاح منظومة التربية والتكوين وتنزيل الجهوية المتقدمة وتكريس الحكامة الترابية وكذا إصلاح الإدارة.
بالمقابل، قدم فريق الأصالة والمعاصرة قراءة نقدية وتحليلية لمشروع قانون المالية لسنة 2019 شملت الجوانب السياسية والاجتماعية والاقتصادية والمالية.
وهكذا، عبر رئيس الفريق محمد أشرورو، في مداخلة له، عن الأسف لسوء التدبير الحكومي للشأن العام وخاصة مسألة غياب التقائية سياساتها الاجتماعية، مستعرضا عددا من “الاختلالات التي تم رصدها في عهد الحكومة الحالية وأساسا استفحال البطالة في صفوف الشباب وكذا تدهور القدرة الشرائية للمواطنين”.
وسجل أشرورو، في هذا السياق، غياب مخطط حكومي لمعالجة الخصاص في مجال العدالة الاجتماعية والتشغيل والاستثمار المنتج، وكذا لأي إبداع لجيل جديد من الإصلاحات وإنجاز طفرة حقيقية للاستثمار المنتج لفرص الشغل.
وبعد أن شدد على أن الاستقرار الذي تنعم به المملكة يعد من مقومات القوة الاقتصادية، دعا السيد أشرورو إلى نهج سياسة تعليمية جريئة تحصن المدرسة العمومية وتكرس الحق الدستوري في تعليم جيد ونافع، وكذا إرساء سياسة اقتصادية طموحة، مقترحا أيضا العمل على إنجاز إصلاح ضريبي شامل لتحسين وتعزيز الاستثمار وتحقيق العدالة الضريبية والاجتماعية، وتفعيل هيئات الحكامة خاصة مجلس المنافسة، وإرساء قضاء متخصص وأساسا في مجالي العقار والتجارة.
من جهته، اعتبر محمد أبودرار، عضو فريق الأصالة والمعاصرة، أن مشروع قانون المالية لسنة 2019 يعتبر مجرد “نسخة” للمشاريع السابقة، وذلك نظرا لغياب الرؤية والجرأة السياسية لتنزيل إصلاحات هيكلية، داعيا إلى إجراء إصلاحات ضريبية على اعتبار أنها تعتبر المدخل الوحيد لإصلاح المالية العمومية وإرساء عدالة ضريبية.
كما حث على “إعادة هيكلة بعض المؤسسات العمومية، وإبداء الحزم في التعامل مع المالية العمومية”، وكذا الرفع من الضريبة على بعض القطاعات، معبرا عن أسفه لطريقة التعامل مع التعديلات المقدمة من طرف فرق المعارضة.
بدوره، تطرق هشام مهاجري، عن الفريق ذاته، للمشاكل التي تعرفها قطاعات الصحة والتعليم والعدالة والاجتماعية والمجالية، مشيرا إلى غياب الالتقائية في ما يتعلق بتنفيذ برنامج الفوارق المجالية، معبرا عن الأسف في التأخر في إخراج المراسيم الخاصة المتعلقة بالجهوية المتقدمة.
وكانت لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب صادقت، ليلة الأحد الاثنين، بالأغلبية، على الجزء الأول من مشروع قانون المالية لسنة 2019.
وصادق على هذا الجزء من المشروع 24 نائبا، وعارضه 13 آخرون.