“مجلس بركة” يؤكد غياب الاستقرار عن سوق الشغل المنظم في المملكة
هوية بريس – متابعة
في الوقت الذي أعلنت الحكومة عن مشروعها الإستراتيجي الرامي إلى توفير مليون و200 ألف منصب شغل، في أفق سنة 2021، أصدر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي تقريرا جديدا، حول الحماية الاجتماعية في المغرب، جاء فيه أنّ سوق الشغل المنظم في المملكة يتّسم بعدم الاستقرار.
واستند المجلس، في تقريره المعنون بـ”الحماية الاجتماعية في المغرب.. واقع الحال، الحصيلة وسبل تعزيز أنظمة الضمان والمساعدة الاجتماعية”، إلى الأرقام المتعلقة بعدد العمال المصرّح بهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، والتي تكشف عن تزايُد عدد الذين يتمّ التوقف عن التصريح بهم قبل بلوغ سنّ المعاش.
3.283.679 هو عدد الأشخاص المؤمّنين الذين جرى التصريح بهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي سنة 2016. وكشف تقرير “المجلس الاقتصادي”، بناء على تتبع تطور أعداد المصرَّح بهم، منذ سنة 1997، أنّ واحدا من بين كل عشرة مؤمَّن لهم في القطاع الخاص تمّ التوقف عن التصريح به قبل بلوغ سن التقاعد لدى CNSS في 2016.
وخلُص التقرير إلى أنّ هذه المعطيات “تجسّد العوائق البنيوية التي تطبع سوق الشغل وتبرِز ما يتسم به من هشاشة وصغر حجم”، مشيرا إلى أنّ هذه العوائق تؤدي إلى محدودية قدرة نظام الضمان الاجتماعي على الاحتفاظ بالأشخاص المؤمن لهم وزيادة أعدادهم، ناهيك عن تحسين مستوى الخدمات المقدمة لهم.
ويبرز ضعف الحماية الاجتماعية أكثر في القطاع الفلاحي، الذي يشغّل أزيد من 40 في المائة من اليد العاملة في المغرب، إذ يتمّ التصريح بأجير واحد فقط من بين اثنين لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، لمدّة تقلّ عن ستة أشهر؛ وهو ما يستلزم من الأجير المصرَّح به قضاء ضِعفَي المدة الزمنية المطلوبة من أجير عادي للحصول على الحق في معاش التقاعد.
وتُعتبر النساء الفئة الأكثر إقصاء من التمتع بحماية الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في القطاع الفلاحي، إذْ لا تتعدى نسبة النساء اللواتي يتمّ التصريح بهنّ لمدّة 12 شهرا 15 في المائة فقط، مقابل 37 في المائة من الرجال؛ فيما لا تتعدّى نسبة عدد العمّال، ذكورا وإناثا، المصرّح بهم، في جميع القطاعات، 49 في المائة فقط، حسب ما جاء في تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي.
ويبدو، من خلال الأرقام الواردة في التقرير، أنَّ ثمّة حاجة ماسّة إلى توسيع الوعاء المقاولاتي، من أجل توفير مزيد من فرص الشغل، إذ تتسم بنْية أُجراء المقاولات المنخرطة في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وتوزيع مستويات الأجور التي تصرح بها هذه المقاولات، بهيمنة المقاولات الصغرى والصغيرة جدا ذات مستويات الدخل المنخفضة.
وحسب المعطيات الرقمية الواردة في تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي، فإنَّ 62 في المائة من المقاولات في المغرب لا تصرح سوى بأقل من 4 أجراء لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وتصرّح 86 في المائة من المقاولات بـ10 أجراء، فيما لا تتعدى المقاولات التي تصرّح بأكثر من 200 أجير مقاولة واحدة فقط من بين كل 100 مقاولة.
وإذا كانت الحماية الاجتماعية للعمال في القطاع الخاص تتسم بالهشاش، فإنَّ أجورهم أيضا مطبوعة بالهشاشة، إذ إنَّ نسبة 40 في المائة من النشيطين يتقاضون أجورا شهرية تقلّ عن 2565 درهما (الحد الأدنى للأجور)، ولا تتعدّى أجور 50 في المائة من المؤمّن لهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أقلَّ من 2798 درهما، أما نسبة المؤمّن لهم بأجرة شهرية تتعدى 6000 درهم فلا تتجاوز 14 في المائة فقط.
وفي الوقت الذي فشل فيه النموذج التنموي المغربي، وهو المُعطى الذي أقرّه الملك شخصيا في خطاب افتتاح السنة التشريعية الحالية بالبرلمان، أورد تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أنَّ المغرب يُصنف ضمن البلدان التي لديها مستوى منخفض من الإرادة السياسية للاستثمار في المجال الاجتماعي، حيث تقل درجتها عن درجة عدد من البلدان المقارَنة.
واستند التقرير إلى خلاصات تقرير صادر عن منظمة العمل الدولية، جاء فيه أنّ المغربَ لديه نسبة إرادة سياسية أضعف من إثيوبيا، التي تسجّل 69.6 في المائة، في حين أنّ نسبة الإرادة السياسية لدى المغرب لا تتعدى 21.6 في المائة. ويتم قياس نسبة الإرادة السياسية للاستثمار في القطاع الاجتماعي، من خلال حصة النفقات المخصصة للصحة العمومية والتعليم العمومي من إجمالي النفقات العمومية.