محامي: تطبيق قانون العقوبات البديلة يطرح إشكالات عملية خطيرة

هوية بريس-عبد الصمد ايشن

قال المحامي والحقوقي نوفل البعمري، إن تطبيق قانون العقوبات البديلة يطرح إشكالات عملية خطيرة، خاصة في ما يتعلق بالغرامات اليومية التي يتم الحكم بها كبديل عن العقوبات السالبة للحرية، مشيراً إلى أن عدداً من الأحكام القضائية تصدر دون التنصيص على ضرورة الإدلاء بما يفيد الصلح أو التنازل من طرف المطالبين بالحق المدني، وهو ما قد يؤدي إلى إهدار حقوق الضحايا والمطالبين بالتعويض.

وأوضح البعمري في منشور له على فايسبوك، أن المشرع المغربي نصّ صراحة على شرط الإدلاء بوثائق تثبت تبرئة الذمة المالية اتجاه باقي أطراف الدعوى، وذلك لضمان حقوقهم المالية وعدم ضياعها، غير أن الواقع العملي يكشف عن خروقات متكررة، إذ يتم استبدال العقوبة السالبة للحرية بالغرامة اليومية دون التأكد من تسوية هذه الحقوق، ودون أي إشارة لذلك في منطوق الأحكام.

وأضاف المتحدث أن هذا الخلل يبرز بشكل أوضح في ملفات إهمال الأسرة، حيث يتم الحكم بالعقوبة البديلة لفائدة الزوج أو المطلق المتابع أمام القضاء، بينما الزوجة أو الأبناء لا يتوصلون بكامل مستحقاتهم المالية من نفقة أو تعويضات، وهو ما يشكل، بحسبه، مساساً مباشراً بحقوق هذه الفئات الهشة.

وأشار البعمري إلى أن هذا الوضع قد يكرّس امتيازاً واضحاً لفائدة المتهمين الميسورين، الذين يستطيعون دفع الغرامة اليومية بسهولة، في مقابل تهميش حقوق الضحايا والمطالبين بالحق المدني، ما يضر بمصداقية العدالة ويعمّق الشعور بالظلم لدى الضحايا.

وختم البعمري دعوته بضرورة تدخل الجهات المختصة لتدارك هذا الخلل، سواء عبر إصدار مذكرات توضيحية للقضاة أو من خلال تعديل النصوص القانونية، مؤكداً أن العدالة لا يمكن أن تتحقق إلا عبر موازنة دقيقة بين مصلحة إعادة إدماج الجاني وضمان الحقوق المالية والمعنوية للضحايا.

يذكر أن قانون العقوبات البديلة دخل حيز التنفيذ في المغرب ابتداءً من 1 شتنبر 2024، وذلك بعد صدوره في الجريدة الرسمية خلال صيف السنة نفسها، ليشكل محطة أساسية في تحديث المنظومة الجنائية المغربية.

ويمنح هذا القانون للقضاة إمكانية استبدال العقوبات السالبة للحرية بعقوبات بديلة، وفق شروط ومعايير محددة، بهدف تخفيف الضغط على السجون وتعزيز مقاربة إعادة الإدماج، مع ضمان عدم الإخلال بحقوق الضحايا والمطالبين بالحق المدني.