محمد المختار الشنقيطي.. لماذا يُعتبر ترامب أفضل رئيس أمريكي للعرب؟

هوية بريس-متابعات
قدّم الدكتور محمد المختار الشنقيطي، الباحث المتخصص في الفكر السياسي والعلاقات الدولية، قراءة معمقة للتحولات الجارية في النظام الدولي، مؤكدًا أن العالم يعيش لحظة انزياح في موازين القوى شبيهة بتلك التي سبقت اندلاع ثورات التحرر في منتصف القرن العشرين.
تراجع الغرب وصعود الشرق
الشنقيطي أوضح في حوار مصور حديث على منصة يوتيوب، أن المنطقة العربية كانت عبر التاريخ ساحةً لصراع القوى الكبرى، نظرًا لطبيعتها “البرمائية” التي تجمع بين البر والبحر. واستعرض مسار هذا الصراع منذ مواجهة اليونان والرومان مع الفرس، مرورًا بالحروب الصليبية، ثم التنافس بين بريطانيا وروسيا في القرن التاسع عشر، وصولًا إلى الحربين العالميتين والحرب الباردة.
وأشار إلى أن اللحظة الراهنة تتميز بـ انحسار النفوذ الغربي، خصوصًا الأمريكي، مقابل صعود القوى البرية الآسيوية وعلى رأسها الصين، معتبرًا أن هذا التحول يعيد تشكيل البيئة الدولية لمصلحة شعوب المنطقة.
أمريكا بين الانعزالية والتوسعية
وفي تحليله للسياسة الأمريكية، لفت الشنقيطي إلى وجود مدرستين متعارضتين في الثقافة السياسية:
مدرسة الانعزالية (Isolationism): التي تدعو لحصر الاهتمام داخل الحدود الأمريكية وعدم التورط في صراعات الخارج.
مدرسة التوسعية أو العالمية (Globalism): التي ترى أن الولايات المتحدة لا يمكنها الانفصال عن مشكلات العالم، بل يجب أن تنخرط فيها.
ويرى أن المرحلة الحالية تشهد انتصار النزعة الانعزالية، وهو ما ينعكس في سياسات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي دفع واشنطن إلى الانكفاء على الداخل، ورفض الانخراط في صراعات جديدة بالشرق الأوسط، بما في ذلك ضبط الموقف تجاه إسرائيل وسوريا وتركيا.
تراجع الشرور الأمريكية
اعتبر الشنقيطي أن نجاح الجمهوريين في السيطرة على الرئاسة والكونغرس والمحكمة العليا وحكومات الولايات يعكس تغيرًا كبيرًا في المزاج السياسي الأمريكي، مؤكّدًا أن ذلك قد يؤدي إلى انحسار التدخلات الأمريكية في المنطقة وتراجع الضغوط الغربية التي عانت منها شعوبها لعقود، وهو ما يضر بمصالح المشروع الصهيوني الذي وصفه بأنه مشروع غربي أنجلوساكسوني بروتستانتي.
وفي ما يتعلق بالصين، شدّد الشنقيطي على أنها لا تمثل بديلًا حضاريًا أو ثقافيًا للغرب، لكن من الناحية الاستراتيجية تُعد شريكًا أنفع في المرحلة الراهنة، لأنها لا تمتلك تاريخًا استعماريًا في المنطقة، ولا قدرات على اختراق المجتمعات من الداخل كما يفعل الغربيون. وأضاف: “الغربي عدو يعبث بك من الداخل، أما الصيني فعدو بعيد، يعاديك وهو جالس في بيته”.
وخلص الشنقيطي إلى أن التحولات الدولية الجارية تفتح نافذة استراتيجية أمام شعوب المنطقة للتنفس والتخفف من الضغوط الغربية، مؤكدًا أن انحسار النفوذ الغربي يصب في مصلحة استقلال القرار الإقليمي، وأن على دول المنطقة التعامل بذكاء مع الصعود الصيني لتوظيفه في خدمة التحرر من الهيمنة الخارجية.



