محو ذاكرة المدن.. د.الودغيري يستنكر “فكرة مجسمات أسماء المدن بالفرنسية”
هوية بريس – متابعة
كتب الدكتور عبد العلي الودغيري “لا أدري ما الجهة التي كانت وراء هذه الفكرة الخبيثة التي سَرى تطبيقُها سريان النار في الهشيم، فلم تبق مدينة من مدن المغرب إلا وبرزت في أجمل ساحاتها ما يشبه اللافتة الكبيرة جدا، هي عبارة عن اسم هذه المدينة المكتوب بأحرف لاتينية ضخمة، مثبَّتة بتقنية احترافية، فتبدو أمامك واقفة شاخصة بلا أعمدة ولا دعائم، وكأنما أريد لها أن تثير فضول الراجلين والراكبين”.
وأضاف الأكاديمي المغربي في منشور له على حسابه في فيسبوك “قد يكون وراء الفكرة إثارة انتباه السيّاح وجذب أنظارهم وحفر أسماء المدن في أذهانهم وتخليدها فيما يلتقطونه من صور تذكارية يتبادلونها بين الأحباب والاًصدقاء، فتكون في هذه الحالة مقبولة ومحبَّذة، لكني أرجِّح أن يكون من وراء ذلك غاية أخرى شيطانية تتحجَّج بخدمة السياحة الوطنية، وهي تعمل على تَلْتين أسماء المدن المغربية وتقديم خدمة مجّانية للمخططات الفرنكفونية”.
ثم استدرك متسائلا “وإلا ما الذي كان يمنع من خدمة السياحة باللغة الرسمية الأولى للبلاد؟ وما الداعي للتفكير في طمس الأسماء المغربية التي يتداولها جميع الناس بما تختزنه من ذاكرةٍ شاهدة على تاريخها وتراثها وحضارتها، وتعويضها بالأسماء التي حرَّفها الاحتلال في المرحلة الكولُنيالية وشوّه معالمَها وسلبَ منها حتى حروفها الأصيلة التي كانت تُكتب بها منذ فجر الإٍسلام، وكأنما الغاية هي تذكير الناس بماضي هذا الاحتلال البغيض وما فعله بلغتنا وثقافتها وذكرتنا الجَمْعية؟”.
صاحب التآليف الكثيرة وعالم اللسانيات تابع في منشوره “أدرك جيدا، أن الفكرة التي تمّ تطبيقها وتعميمها على المدن والحواضر المغربية بشكل تضامني، تتجاوز مستوى الجماعات الترابية ورؤسائها ومنتخَبِيها، لأنها لو كانت كذلك، لما فُرِضت على سائر المدن والحواضر بهذه الطريقة التي عُمّمت بها دُفعةً واحدة، بأشكالها وهندستها الموحَّدة، وكأنها صادرة عن مصنع أو مقاولة واحدة (والأُثر دالٌّ على المؤثِّر)، ولتُرِك لممثلي كل مدينة أو إقليم أن يعبِّروا عن المشاعر والإرادة الحقيقية للمواطنين الذين انتخبوهم”.
والغريب في الأمر، حسب د.الودغيري “ألا أحد ممن من يعنيهم الأمر تحرَّك أو احتجّ علنًا فيما أعلم، ضد تفشّي هذه الظاهرة التي أعدُّها خطوة من خطوات الشيطان تضاف إلى الخطوات الزاحفة الأخرى نحو الإجهاز على اللغة العربية وسد كل المنافذ أمامها بطرق شتى وحِيل لا تخفى على المتتبّع الحريص، حتى ولو بدَا بعضُها للناس وكأنه أمر سطحي أو جزئية بسيطة، لكنك عندما تجمع هذه الجزئيات بعضها إلى بعض، تستطيع أن ترى الصورة واضحة لا لبس فيها”.