مخترعة مغربية شابة تخترع جهازا يحتفظ بأشعة الشمس الطبيعية
هوية بريس – الأناضول
بابتسامة عريضة وثقة كبيرة، تتحدث المخترعة المغربية الشابة ليلى صدقي، عن كيفية توفير إنارة طبيعية من أشعة الشمس ليلا ونهارا، باستعمال الألياف البصرية ودون حاجة إلى الكهرباء.
وبفضل اختراعها “صولاردو” (solardo)، حصدت المهندسة المتخصصة في الكهروميكانيك (في العقد الثالث من عمرها) جوائز عالمية من كوريا الجنوبية الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا.
في بداية الشهر الجاري، ومن بين أكثر من 60 ألف متسابق، تمكنت ليلى من حصد الميدالية الذهبية في أكبر تجمع دولي للاختراع في مجال الكهرباء والطاقات المتجددة في كوريا الجنوبية Bixpo Awards 2017.
** “صولاردو”.. ثورة إنارة
منذ أربع سنوات تعمل المهندسة المغربية في مختبرها بمركز البحث المسمى “هندسة النظم الذكية والمستدامة”، في المدرسة المحمدية للمهندسين، التابع لجامعة محمد الخامس (حكومية) بالعاصمة الرباط.
وقالت ليلى للأناضول: “لسنوات كنت أتردد على مختبري، ومنه إلى سطح المركز، حيث مكان تثبيت لاقط مغطى بالمرايا موصول بألياف ضوئية بصرية، يتحرك بحركة الشمس، ويلتقط أشعتها، ويجمّعها في نقطة مركزية”.
ويعتمد الابتكار على الألياف البصرية المستعملة في مجال الاتصالات، والتي يمكنها نقل ضوء الشمس الطبيعي المركّز صوب المكان المراد إنارته داخل المبنى، حتى وإن كان تحت الأرض، ومن دون نوافذ، بل وتخزينه ثم استخدامه ليلا.
وتابعت محاولة تبسيط فكرة اختراعها: “كأنما أخذتَ أشعة الشمس وضوءها، ونقلتها مباشرة صوب مكان آخر مع كل فوائدها، ما يمكّن من الاستفادة من ضوء الشمس الطبيعي ومن فوائد فيتامين دال والكالسيوم”.
ولا يقتصر دور “صولاردو” على توفير إنارة طبيعية من أشعة الشمس مباشرة، فله استخدامات طبية، منها محاربة الميكروبات، وكذلك في مجال التجميل والزراعة، وهي براءات اختراع تشتغل عليها ليلى حاليا.
هكذا يعمل “صولاردو”
وتشرح صاحبة النظام مشروعها البحثي، لافتة إلى أنه يرتكز على جمع الأشعة بواسطة مركّز للطاقة، مع استخدام تقنية الألياف البصرية.
ويتم تركيز الأشعة القادمة من الشمس بواسطة المركّزات الشمسية للطاقة على مستوى البؤرة أو النقطة المَركز حيث توضع حزمة من الألياف الضوئية التي تملك خاصية نقل الموجات بصفة عامة من المصدر إلى النقطة المراد توصيل الموجة إليها عبر مجموعة من الانعكاسات الداخلية.
وأوضحت صدقي لـ “الأناضول” أن النظام إضافة إلى استخدامه للألياف الزجاجية، تم تطويره ليتحمل استعمال ألياف بصرية بلاستيكية حتى يكون المشروع أقل كلفة.
وتفاديا لذوبان وتلف الألياف البلاستيكية بسبب الأشعة المركّزة في النقطة المركز، اهتدت المخترعة إلى اعتماد نظام ثلاثي الفلترة يمنع الأشعة فوق البنفسجية وتحت الحمراء، ويسمح بمرور الضوء المرئي بنسب معينة.
كما تشرح أن نظام “صولاردو” يختلف مع طريقة عمل ألواح الطاقة الشمسية المعروفة، لأنه لا ينتج الكهرباء بل يعمل على توفير إنارة طبيعية عبر نقل أشعة الشمس كما هي إلى داخل المبنى دون تحويل من أشعة شمس نحو طاقة كهربائية ومن هذه الأخيرة إلى إنارة.
ويمكن لهذا النظام أن يشتغل ليلا بدمجه مع تقنيات أخرى لينتج طاقته الخاصة به وينير المكان خلال الليل، كما يمكن استخدامه في المنازل والمستشفيات والإدارات والجامعات وكل المباني المظلمة التي تحتاج إلى الإنارة أو لا يصلها ضوء الشمس بالقدر الكافي.
وتؤكد المتحدثة أن نسبة الضوء المنتج يتعلق بقطر الجهاز وبنوعية الألياف المستخدمة.
وأشارت الباحثة إلى أنه من الصعب الحديث عن التكلفة النهائية لهذا النظام، وأن النموذج الصناعي الذي هو في طور التنزيل كفيل بمدنا بهذه المعلومة.
** البداية
عمل المهندسة ليلى في شركات بمجال كهرباء المباني جعلها تلحظ حجم الكهرباء المهدرة نهارا، وهي حوالي 30 %، رغم وجود مصدر طبيعي للإنارة وهو الشمس، ما دفعها إلى التفكير في تطوير نظام جديد يقلص استهلاك الكهرباء.
ورغم تمتع الكثير من المهندسين المغاربة والعرب عامة بكفاءة عالية، فإنهم يظلون حبيسي العمل بتكنولوجيات موجودة يستهلكونها دون أن تكون لهم إضافة، وهو ما دفع ليلى إلى محاولة تغيير هذا الواقع.
وهي رغبة وجدت متنفسا لها عبر التحاق ليلى بسلك الدكتوراه والاستمرار في البحث العلمي على مستوى المدرسة المحمدية للمهندسين، تحت إشراف الأستاذ محمد المعروفي، لتنطلق رحلة الاشتغال على “صولاردو”.
** جوائز عديدة
لم تكن الميدالية الذهبية في كوريا الجنوبية هي الجائزة الأولى التي تحرزها المخترعة المغربية، ذلك أن عام 2017 حافل بالتتويج والتفوق دوليا.
فقد نالت الجائزة الأولى للتميز من مؤسسة ألمانية، تلتها جائزة أحسن براءة اختراع من جامعة محمد الخامس، وميدالية ذهبية في الولايات المتحدة الأمريكية، وجائزة خاصة من جامعة في رومانيا.
وقالت ليلى إن “البحث العلمي والابتكار هو الضامن لمستقبل أي بلد ومؤسساته، وأي مجتمع دون بحث علمي ودون تنزيل (تطبيق) عملي للأبحاث هو مجتمع لا مستقبل له”.
وتابعت: “نبذل مجهودات كبيرة مادية وعلمية داخل مختبراتنا وعلى أرض الواقع، لتنزيل ما نشتغل عليه بعيدا عن النظريات، فالنظري لن يمنح المغرب في شخص ليلى صدقي كل هذه الجوائز”.
** مشاكل التمويل
وفيما تم تمويل اختراع “صولاردو” جزئيا من طرف المركز البحثي، تكلفت المخترعة المغربية ببقية التمويل.
وشددت ليلى على أن “البحث العلمي التطبيقي يحتاج إلى تمويل وكثير من التضحيات المادية والمعنوية”.
ومن بين ما يعانيه البحث العلمي في المغرب، وفق ليلى، هو “طرق تمويل المعدات التكنولوجية الحديثة التي يتم جلبها من الخارج”.
ومضت قائلة إن “طريقة التنزيل (تطبيق اختراعها) لا تتماشى مع البحث العلمي وسرعته وتطوره”.
وباستثناء عرض مقدم من مركز “الطاقة الخضراء” (حكومي) في مدينة بنجرير (وسط) لتطبيق الاختراع، لم تتلق ليلى أي عروض أخرى داخل المغرب.
ولا تبدو ليلى راضية عن صدى اختراعها في المغرب، حيث قالت: “إن تم تكريمي من مسؤولي بلادي فسيكون ذلك حافزا لي ومبعث فرح”.
وزادت: “سأعتبر أن مسؤولي بلادي يهتمون بأمور تستحق فعلا الاهتمام، وأن المغرب يسير في الطريق الصحيح في تقدير أهل العلم”.
وشددت على أن “الاهتمام بباحثة ومخترعة فازت بجوائز عالمية سيشجع باحثين وعلماء شبابا مغاربة على البذل والعطاء”.
** عرض أمريكي
المخترعة المغربية قالت إنها تلقت عرضا سخيا من مركز للبحث العلمي في الولايات المتحدة الأمريكية، لتوفير تمويل شامل لإتمام المشروع وتطبيقه.
لكنها استدركت: “أرغب في أن يبقى صولاردو اختراعا مغربيا ويتم تنزيله بالمغرب، وفي الوقت نفسه لا أستطيع التوقف عن أبحاثي، فالعلوم لا تتوقف”.
وعن وصفة النجاح بالنسبة إليها، وهي أم لطفلين، قالت: “أحب التخطيط لحياتي ووضع رؤية واضحة لعملي وأبحاثي وقدراتي ولأسرتي”.
الشابة المنحدرة من مدينة خريبكة (وسط) تابعت: “أدين بالكثير لوالدي اللذين لم يدخرا جهدا كي أصل إلى ما أنا فيه”.
ووجهت المخترعة المغربية رسالة إلى الشباب بقولها: “عليكم بالاستيقاظ والعمل، فالعمل ليس مجرد أمل وحلم، وإنما هو تنزيل (تطبيق) على أرض الواقع”، وفقا للأناضول.
تحية تقدير واحترام للأخت الكريمة … بالتوفيق و السداد. و رحمة الله على أخينا المخترع الشاب. اللهم انصر الاسلام و المسلمين.