مدونة الأسرة المغربية… إلى أين؟!

05 يناير 2025 09:58

هوية بريس – د.يوسف فاوزي

مذ إعلان أمير المؤمنين محمد السادس نصره الله عزم الدولة على إجراء تعديل لبنود مدونة الأسرة؛ انخرطت هيئات المجتمع المدني في نقاش عمومي تداخلت فيه الآراء بناء على اختلاف القناعات الفكرية؛ غير أن المقترحات التي أعلن عنها مؤخرا شكل عند البعض صدمة؛ حيث إن هذه المقترحات جاءت للأسف في صالح صف واحد وهو الصف العلماني اللقيط؛ دون مراعاة خصوصية المجتمع المغربي؛ من حيث دينه وهويته.

فالمقترحات التي قيل إنها جاءت من اجتهاد المجلس العلمي الأعلى كانت أغلبها تنازلات خطيرة تستجيب لصالح الطرح العلماني؛ وهو تنازل سيفقد مصداقية المؤسسة العلمية في نظر المجتمع المغربي؛ ولنا أن نتساءل: لماذا دائما يطالب من الفقهاء تأويل النصوص لموافقة هوى العلمانية؟؟!! ولماذا لا يطالب العلمانيون بالتنازل والاستجابة لنصوص الشريعة؟؟!!

فمن المطالب التي جاء رأي المجلس العلمي الأعلى موافقا فيها لرغبة العلمانية رفع سن الزواج؟؟!! وهذا تنازل خطير فالزواج في أصله عقد شرعي بين رجل وامرأة؛ والمرأة إذا كانت بالغة عاقلة فهي مرشحة للزواج وبناء أسرة؛ والناظر في حال المجتمع المغربي اليوم لن يجد صعوبة في معرفة مدى عزوف الشباب عن الزواج؛ فما الحكمة من رفع سن الزواج إذا؟؟؛ والطامة الكبرى هي ما قد تسفر عنه الاستجابة للمطلب العلماني اللقيط بإباحة العلاقات الرضائية؛ فإذا اصطدم الشباب بباب الحلال فُتِحَ لهم باب الحرام!!  والفتاة إذا منعت من الزواج بذريعة صغر سنها؛ ستتداعى الجمعيات النسوية والحقوقية لتمكينها من عقد علاقة غير شرعية مع الرجل بذريعة أنها حرية فردية! هنا تمتاز العلمانية اللقيطة بموهبة التناقض والازدواجية في المعايير لدرجة النفاق.

وكذلك إخراج السكن من الإرث؛ ليكون في ملكية الزوجة؛ هو تنازل خطير من المجلس العلمي الأعلى؛ فمآلهإاشعال نار العداوة والحقد بين الورثة؛ وتضييع لحقوق الناس خصوصا الوالدين من جهة الهالك؛ وقبل هذا؛ ما هو الدليل أو الأصل الشرعي الذي استند عليه المجلس في هذا الرأي؟؟!!!

العجيب في آراء المجلس العلمي الأعلى اختصار العبارات لدرجة الإخلال بالمعنى؛ فالواجب على المجلس إخراج نسخة تفصيلية لهذه الاختيارات حتى يكون المغاربة على بينة من أمرهم.

المدونة كانت بخير وعلى خير؛ حتى تسلطت عليها جمعيات مرتزقة تخدم أجندات أجنبية مقابل مبالغ مالية لم تعد تخفيها هذه الجمعيات؛ وصارت تتبجح بهذا الدعم السخي لنقض أصول الشريعة في بلد مسلم.

مدونة الأسرة المغربية تسير في اتجاه متاهة متشعبة؛ ستكون فيها الأسرة عبارة عن شركة تجارية بين رجل وامرأة هدفها الربح المادي؛ وهنا يمكننا أن نتخيل طبيعة المجتمع الذي سيتولد عن هذه الشراكة الفاسدة.

والسير في هذا الاتجاه سيضعف قيمة الرجل في المجتمع؛ فبدل أن يكون الرجل سيد بيته له القوامة والكلمة المسموعة؛ سيصبح مجرد خادم لمصلحة المرأة لا غير؛ وهذا ليس في صالح المرأة أيضا؛ لأنها سينظر لها نظرة حقد داخل المجتمع بسبب هيمنتها على بنود المدونة حتى إن البعض يصف هذه المدونة أنها مدونة المرأة فقط دون الرجل.

واستغرب لماذا لا يتم الحديث عن المرأة اليهودية المغربية؟؟؟؛ فهي مظلومة في الإرث؛ وتعاني حيفا وظلما لا يتصور من حيث الحقوق؛ فلماذا لا تنصف؟؟ ويقتصر دائما على المرأة المسلمة؟؟!!!

ارتفاع نسبة الطلاق في المجتمع؛ والعنوسة؛ وعزوف الشباب عن الزواج؛ والأطفال المتخلى عنهم؛ كل هذه الحقائق كافية في بيان فشل الطرح العلماني في بناء أسرة قوية متماسكة.

إن الفترة الراهنة تستدعي من العقلاء النظر إلى الأمر من زاوية رزينة تستجيب لمصلحة المجتمع والأجيال المقبلة؛ بدل التمادي في التنازلات لصالح تيار واحد أثبتت كل محطات التاريخ أنه تيار فاسد معاد للدين والدولة؛ والله غالب على أمره.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M