مدونة الأسرة اليهودية.. هل من سبيل إلى تغييرها؟
هوية بريس – د.محمد عوام
اليهود المغاربة الذين ظلوا متشبثين بوطنهم المغرب، وعاشوا مع المسلمين فيه، ولم يرحلوا عنه محتلين لفلسطين، فهؤلاء لهم مدونتهم الخاصة بأحوالهم الشخصية، لها مرجعية دينية يهودية، وهذا من حقهم، لا أحد ينازعهم في ذلك.
وقد ضمن لهم هذا الحق منذ عقود، ونصت عليه أيضا (مدونة الأسرة) في الأحكام العامة في (المادة 2)، حيث جاء في آخرها: “أما اليهود المغاربة فتسري عليهم قواعد الأحوال الشخصية العبرية المغربية”.
لكن لا أحد يطالبهم بتغيير مدونتهم، أو تجديدها والاجتهاد فيها، أو الحذف منها والزيادة فيها، حتى تواكب ما سمي بالمواثيق “الدولية”. وتجد المناضلين والمناضلات ممن يتباكون على وضع المرأة المسلمة، وأنها مظلومة، ولا يستحيي بعضهم أن يصرح بأن الإسلام هو من ظلمها، في الوقت ذاته يتمسح بالإله ياكوش فيعقد قرانا مزورا باسمه، ليشبع رغباته الجنسية، ويدعي هذا البئيس وأمثاله أنه يدافع عن المرأة.
فهؤلاء العلمانيون الحداثويون، لا يملكون الشجاعة للمطالبة بتغيير مدونة الأسرة اليهودية، مع العلم أن وضع المرأة اليهودية كارثي، فعقدوا كلهم عزمهم على غض الطرف عن كل ما يتعلق بمدونة اليهود، لا يتحدثون عن الميراث فيها، ولا عن استعبادها، ولا أي شيء. فهل معنى هذا أنهم أحسن حالا من المسلمين أم أن الرعب والخوف من اليهود قد يجلب سخط النظام العالمي المتهود؟ أم أن التعليمات والأجندات الغربية يهمها فقط أسر المسلمين؟!
إذا كنتن وكنتم معا تدافعون عن مدونة الأسرة وتطالبون بتغييرها، فلا تنسوا إخوانكم اليهود من المطالبة بتغيير مدونتهم، حتى يحسوا بوطنيتكم الصادقة، ونبل مشاعركم وأحاسيسكم الرقيقة. وإلا قولوا لنا ما في قلوبكم، وإن كنا نراها ونعلمها من فعالكم وأقوالكم.
وفي هذا السياق لماذا لم تتشكل لجنة ملكية لإصلاح المدونة اليهودية المغربية، الخاصة بالمواطنين اليهود وفقا للمفهوم “الجديد الموسع” لإمارة المؤمنين؟
ولماذا لا نرى عنتريات العلمانيين التقدميين، دعاة حماية المرأة من كل أشكال التمييز في نقدها؟ هل أن معنى ذلك أن هؤلاء القوم فوق النقد والإصلاح أم أن صلابتهم وقوتهم تجعل كل من يحوم حول معتقداتهم وخصوصيتهم أن يصاب بصعقة كهربائية يهودية؟
إن المرجعية الإسلامية هي الحاكمة لمدونة الأسرة، فلا يقبل البتة ما يخالفها، باسم الاجتهاد المنحرف عن الأصول والقواعد والمقاصد الشرعية المعتبرة، أو باسم موافقتها للمواثيق الغربية، المسماة “دولية”، لذا قلنا مرات كثيرة لا لعلمنة المدونة، والسعي في خراب الأسر. على أن كل تغيير أو إصلاح للمدونة مخالف لقطعيات الشريعة وثوابتها ومقاصدها فهو باطل، ومردود على صاحبه كائنا من كان.