مذبحة القراء.. هكذا هي المدنية الغربية.. إرهاب للمسلمين منذ نشأتها
هوية بريس – ذ. إبراهيم الطالب
في سنة 1985، خمس سنوات من النار واللهيب مرت على اندلاع الحرب الروسية الحمراء التي ستنتهي بعدها في سنة 1989، وبينما كان الصحافي «ستيف ماكوري» يبحث عن شيء يصلح للنشر في مجلة «ناسيونال جيوغرافيك»، بين أشلاء الرضع واليتامى، وسُحب الدخان والغبار المتصاعد من الدمار الذي أحدثته الصواريخ والقذائف الروسية، إذا به تقع عيناه على فتاة امتزجت في مُحَيَّاها كل معاني الرعب والحزن والفقر والجوع، فصوب عدسة قُمرته إليها، لتحتل بعينيها الخضراوتين واجهة الغلاف لعدد من أعداد المجلة المذكورة.
ثم بعد أكثر من 16 سنة، أي بعد الاكتساح الأمريكي لأفغانستان في مطلع هذا القرن، وقيام المعسكر الليبرالي هو أيضا بدوره في التدمير والتجويع ونشر الموت، قام الصحافي نفسه بالسفر مرة أخرى إلى أفغنستان للبحث عن الفتاة نفسها فوجدها لا تزال حية ترزق، بعد حربين طاحنتين روسية وأمريكية تختزلان الفعل الحضاري للغرب بشقيه الليبرالي واليساري الشيوعي.
وسائل الإعلام والنقاد شبهوا الصحافي «ستيف ماكوري» بـ«ليوناردو دافينشي»، الذي رسم لوحة «الموناليزا»، حيث أطلق بعضهم على صورته اسم «الموناليزا الأفغانية» واحتفوا كثيرا بعمله الفني.
قد يكون هذا الصحافي صادقا ونزيها، لكنه يعكس حقيقة المدنية الغربية في تعاملها مع شعوب العالم الفقيرة خصوصا شعوب العالم الإسلامي الذي لم تتوقف يوما عن تدميره واستنزاف ثرواته وتشريد أهله.
عالم متمدن يعلي من قيمة الإنسان لكن فقط عندما يكون هو الإنسان المقصود بالحديث، عالم مرهف الحس يتأثر بصورة فتاة بائسة جائعة خائفة رسم البؤس على وجهها آثار مخالبه، لكنه لا يرى من أعطى للبؤس الإذن لكي يمارس هوايته في وجوه الثكالى، هذا الغرب المحترم لديمقراطية الكيان الصهيوني نراه يحتفي بالانتخابات النزيهة للشعب المجرم الغاصب، لكنه على الدوام يؤيد همجية حكومة الصهاينة وجيشها وهما يمارسان القتل والتعذيب في حق الأطفال والنساء الفلسطينيات، ويعتبر ذلك حقا في الدفاع عن النفس.
لكن اليوم بعد مرور 16 سنة أخرى تخلف الصحافي «ستيف ماكوري» عن الحدث ولم يسافر إلى أفغانستان ليوثق مذبحة قندوز الأفغانية ليلتقط لنا صور الثكالى اللائي فقدن فلذات أكبادهن في مذبحة القراء، في مدرسة لتحفيظ القرآن، حيث اجتمع المسلمون لتلاوة كلام ربهم في طمأنينة وسلام، ليفاجئهم الطيران الأفغاني ذو العتاد الأمريكي الذي توجهه واشنطن ولا يأتمر إلا بأمرها، يشنّ غارة جوية دموية إرهابية عليهم وأغلبهم من الأطفال، لتسفر المذبحة عن مقتل 100 طالب وإصابة مئات آخرين.
كعادة الحكومات التي نصبها المحتل خرجت الحكومة الأفغانية\الأمريكية لتسوغ هذه المذبحة، حيث صرحت أن الغارة الجوية استهدفت مقرًا لحركة «طالبان»، وما دام كل هذا القتل يمارس بالإذن الأمريكي فهو مشروع ولا خوف من تبعاته، ويكفي أن الهدف المعلن كان هو استهداف طالبان التي حظيت بالتصنيف على لوائح الإرهاب من جانب كابول وواشنطن.
100 طالب للقرآن دفعة واحدة!
تُبعثر أشلاؤهم باسم محاربة الإرهاب، وقبلهم مئات الآلاف من السوريين قتلوا وملايين منهم هجروا باسم محاربة الإرهاب، وقبلهم أمثالهم من العراقيين بنفس الذريعة قتلوا وهجروا، ومن قبلهم الآلاف من البوسنيين ونظائرهم من الشيشانيين والبورميين، ولا يزال مسلمو الروهينجا يُسامون الموت والتحريق.
دائما في كل الأحوال ضحايا الحرب على الإرهاب هم المسلمون لكن من يقتل ويذبح هم من يحارب الإرهاب من أجل التسامح والتعايش، والمتهم دائما هم المسلمون أيضا، إنها مفارقات عجيبة لا يصدقها عقل، ولا يقبلها إنسان سوي العقل والفطرة.
أما حكومة العالم المسماة منظمة الأمم المتحدة فاكتفت كعادتها بوصف المجزرة بأنها مزعجة وهذا دأبها كلما كان الضحايا من المسلمين، دماء 100 طالب للقرآن أهدرت في مذبحة قندوز، فهي في نظرها لا تستحق إدانة ولا عقوبة، هكذا بكل برودة، فقط مزعجة!!
لنتخيل لو كانت المذبحة الإرهابية وقعت في باريس أو واشنطن، قطعا سيعقد لها مجلس الأمن، ولا غرابة في ذلك، فهو مؤسس منذ البداية من أجل أمنهم فقط، ولنظمت المنتديات والندوات حول مكافحة الإرهاب، وتدعو إلى ضرورة تضامن العالم من أجل القضاء عليه.
هكذا هي المدنية الغربية.. كانت دائما إرهابا للمسلمين منذ نشأتها، فمباشرة بعد الثورة الفرنسية 1789 -التي تبنت الأمم المتحدة إعلانات حقوقها ومبادئها عند إنشائها-، وبالضبط في 1798 انطلق نابليون إلى ثغور مصر يمخر عباب البحار، ليرسو بسفنه الحربية قرب بلاد المسلمين فأرهب أهلها بالمدافع والقنابل، وقتل العلماء والنخب من شعب مصر، وبعد ذلك انتقلت جيوش بلاد الأنوار في العالم إلى الجزائر والسنغال وسوريا والمغرب وتونس وغيرها، وكذلك فعلت إيطاليا وبريطانيا وروسيا الاتحادية.
فهل نشرت دول الغرب السلام طيلة قرنين من الاحتلال حتى ننتظر منهم الإنصاف والعدل؟
أم تاب ساستها عن القتل والاستغلال والإرهاب؟
أم غيروا الأساليب فقط ونحن في احتلال جديد متجدد الأسلوب على الدوام؟
أليسوا هم الذين كانوا يحتلون بلدان المسلمين وقتلوا وشردوا وعذبوا ثم بعد تطور العالم، أسسوا منظمة الأمم المتحدة لضمان سيطرتهم واستمرار احتلالهم لنا؟
أليست الدول التي تزعمت الاحتلال والحروب خلال قرنين هي من تحتفظ بحق الفيتو الذي تتحكم به في منظمة الأمم المتحدة منذ التأسيس؟
ألا يدل الواقع والحال على أن اسم المنظمة «الأمم المتحدة» يعني الأمم المتحدة علينا نحن الدول الضعيفة، وأن اتحادهم ضدنا لا يمكنه أن يدوم دون تنظيم لأطماعهم وخلافاتهم؟
فهل بعد هذه الحقائق التاريخية وهذه المجازر الإرهابية المتوالية بحق المسلمين يصدق عاقل أن الغرب يحارب الإرهاب؟
أما آن الأوان لفتح نقاش جدي بين النخب حول حقيقة الإرهاب الدولي في حق المسلمين؟
لماذا يتواطؤ الجميع مع القاتل الإرهابي الحقيقي ضد ضحاياه؟
أما زال في الإمكان أن نتهم أنفسنا وأبناءنا بالإرهاب في حين يُقتل أبناؤنا بسلاح الدول الراعية للإرهاب الأكثر فتكا وتدميرا وبأوامر الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، الذين ينشرون الخوف في المسلمين لتأمن شعوبهم وينعم أبناؤهم فقط بالسلام؟
أما آن الأوان للحديث عن جدوى انضمام دول المسلمين إلى صفوف الدول الكبرى لمحاربة إرهابٍ المتَّهَمُ فيه والضحية دائما من أبناء المسلمين؟
أما آن الأوان أن تعيد دولنا النظر في قوانينها الخاصة بالإرهاب حتى يمارس النزهاء حرية التعبير والنقد دون خوف من السجن بتهمة الإشادة بالإرهاب؟؟
حسبنا الله ونعم الوكيل في كل من يوالهم
و الله معك حق يا أخي ., جميع الدول تتكالب على أمتنا دون حياء بل دون حياة لحكامها المشغولون بالحفاظ عن الكراسي بل ودفع الاثمان الباهضة من أجل تامينها لهم . أما أبناء الشعوب فلا تهمهم في شيئ أسأل الله العلي القدير أن يحمي أبناء الإسلام من طواغيت العرب أولا ثم من باقي الطواغيث .