آمال معلقة على لقاح كورونا بعد سنة استثنائية في الميدان الصحي
هوية بريس – و م ع
بعد سنة استثنائية وغير مسبوقة نتيجة لتفشي وباء كورونا (كوفيد-19)، تعقد مدينة مراكش، على غرار باقي مدن المملكة، الآمال على اللقاح المرتقب ضد الوباء، حتى تعود عاصمة النخيل إلى ديناميتها ونشاطها المعهودين في مختلف المجالات المجتمعية.
ومنذ أن أعطى صاحب الجلالة الملك محمد السادس، في نونبر الماضي، توجيهاته السامية من أجل إطلاق عملية مكثفة للتلقيح ضد فيروس كوفيد-19، باتت ساكنة المدينة الحمراء تنتظر هذه العملية النوعية باهتمام بالغ، على اعتبار أنها تشكل ردا حقيقيا من أجل وضع حد للمرحلة الحادة من الجائحة.
وتمهيدا لهذه العملية، وضعت المندوبية الإقليمية لوزارة الصحة بعمالة مراكش، تماشيا مع الاستراتيجية الوطنية للوزارة الوصية، خطة إقليمية لإنجاح عملية التلقيح في مختلف مراحلها، من خلال تعبئة جماعية للأطر الطبية والعاملين في المجال الصحي قصد ضمان نجاح هذه العملية على مستوى تراب العمالة.
وبالمناسبة، أكد المندوب الإقليمي للصحة بمراكش، عبد الحكيم مستعد، أن عدد المؤسسات الصحية المعبأة من لدن المندوبية الإقليمية للصحة، لاحتضان عملية التلقيح المرتقبة ضد وباء (كوفيد-19)، يبلغ 67 مؤسسة صحية موزعة على كافة جماعات تراب العمالة.
وأوضح مستعد، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذه المراكز الصحية تتوزع بين 40 مركزا صحيا على مستوى مدينة مراكش لوحدها، إلى جانب 13 مركزا صحيا و14 مستوصفا بالجماعات القروية الواقعة بنفوذ العمالة، وذلك بهدف ضمان تغطية شاملة للقاح لفائدة الساكنة.
وأفاد بأن حوالي مليون و13 ألف شخص سيستفيدون من عملية التلقيح ضد كوفيد-19 على مستوى عمالة مراكش، مؤكدا أن المندوبية عبأت، في إطار خطة التلقيح الإقليمية، 114 فريقا للتلقيح، أي ما مجموعه 646 إطارا طبيا وشبه طبي وتقني وإداري.
وأشار إلى أنه تمت تعبئة الوسائل والتجهيزات اللوجستيكية اللازمة لاستقبال جرعات اللقاح ضد كوفيد-19، من قبيل مستودعات التخزين الجاهزة (أزيد من 2700 ثلاجة)، على اعتبار أن اللقاح يحتاج إلى درجة حرارة معينة وظروف تخزين خاصة، بالإضافة إلى أماكن استقبال المستفيدين من هذا اللقاح.
وستشمل عملية التلقيح، في مرحلة أولى، مواطني الإقليم الذين تزيد أعمارهم عن 18 سنة، حسب جدول لقاحي من حقنتين، مع إعطاء الأولوية للأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالفيروس سواء في ميدان عملهم أو بسبب هشاشة بنيتهم الصحية.
ويتعلق الأمر، على الخصوص، بالعاملين في الخطوط الأمامية، وخاصة العاملين في مجال الصحة، والسلطات العمومية، وقوات الأمن والعاملين بقطاع التربية الوطنية، وكذا الأشخاص المسنين والفئات الهشة الأكثر عرضة للفيروس، وذلك قبل توسيع نطاقها على باقي الساكنة بالإقليم.
وتجدر الإشارة إلى أنه منذ تسجيل أولى حالات الإصابة بكورونا في مراكش، تجندت الأطر الصحية، لاسيما بالمركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس، للتكفل بحالات الإصابة وتقديم العلاج والدعم اللازمين لها، مع الاستعانة بالأطر العسكرية في هذه العملية، بناء على خبرتها الدولية في مجال الأوبئة.
وهكذا، أرست المديرية الجهوية للصحة بمراكش آسفي مخططا استباقيا للتصدي للفيروس يرتكز على تعزيز مراقبة نقط العبور، والوقاية والتكفل بحالات الإصابة المؤكدة، وتحسيس وتوعية مهنيي الصحة، والتواصل مع الساكنة.
كما تم تشكيل لجنة جهوية تراقب بشكل يومي، الأشخاص المخالطين لحالات الإصابة المؤكدة بالفيروس، إلى جانب تمكين جميع مستشفيات الجهة بوحدات للعزل الصحي مجهزة بتقنية الضغط السلبي، من قبيل المستشفى الجهوي بالمامونية والمستشفى الجامعي محمد السادس، وذلك قصد التكفل بحالات الإصابة المحتملة.
وبالمناسبة، أكد المنسق العام لوحدة كوفيد-19 بالمديرية العامة للمركز الاستشفائي بمراكش، عبد المجيد التقوي، أن الأطر الطبية والتمريضية، خاصة بمصلحة الإنعاش، خاضت، هذه السنة، معركة “شاقة ومضنية” ضد فيروس كورونا. وأشاد السيد التقوي، في تصريح مماثل، بحالة “التعبئة القصوى”، التي عاشت على إيقاعها الطواقم الطبية ولاتزال، على مدار أيام الأسبوع وساعات اليوم، لاستقبال حالات الإصابة بفيروس (كوفيد-19)، وحرصها على أدق التفاصيل، مع جاهزية دائمة للتدخل حسب تطورات الوضعية الصحية للمرضى.
وبعد أن ذكر بأهمية التقيد بالتدابير الوقائية لكبح انتشار الوباء، أشار التقوي إلى أن اللقاح يظل السبيل الأنجع المتوفر حاليا لوقف نزيف الإصابات المسجلة منذ مدة نتيجة لبعض مظاهر التراخي في تنفيذ التدابير الوقائية تزامنا مع الرفع التدريجي للحجر الصحي.
من جهة أخرى، ومباشرة بعد إعلان حالة الطوارئ الصحية في مارس الماضي، وما تلاها من إغلاق للعديد من الفضاءات والأماكن العمومية، انخرطت ساكنة مدينة مراكش، بشكل طوعي، في تنفيذ قواعد السلامة المنصوص عليها، في مشهد يجسد للتجاوب الإيجابي مع التدابير والإجراءات الاحترازية المتخذة للتصدي لخطر تفشي وباء “كورونا” المستجد بالمملكة.
وأظهرت ساكنة المدينة الحمراء، إلى جانب الفعاليات الجمعوية، استجابة فورية ليست بالغريبة عنها وحسا وطنيا كبيرا أبان عن وعيها الكامل بالمسؤولية الملقاة على عاتقها كل حسب موقعه، للمساهمة في قطع الطريق على كل السبل المحتملة لانتشار وباء “كوفيد-19”.
كما تعبأت السلطات المحلية (الأمن الوطني، الدرك الملكي، القوات المساعدة وأعوان السلطة) للسهر على تنزيل التدابير الوقائية، والمساهمة في تحسيس مختلف الفئات الاجتماعية بأهمية التصدي للوباء سواء عبر ارتداء الكمامات الواقية أو التعقيم أو احترام التباعد الاجتماعي، لاسيما داخل الفضاءات التي تعرف توافدا كبيرا للمواطنين.
وتراهن مدينة مراكش، التي استطاعت نسبيا، بفضل مجهودات الفاعلين الصحيين والترابيين، أن تتحكم في الوباء وتمنع استفحاله بين الساكنة، على اللقاح المرتقب ضد كوفيد-19، كوسيلة ملائمة للتحصين ضد الفيروس والتحكم في انتشاره، في أفق عودة الساكنة، تدريجيا، لممارسة حياتهم العادية، في طمأنينة وأمان.