مسائل في الكسوف والخسوف

21 يناير 2019 10:00
هوية بريس – إلياس الرشيد اليوسفي
الحمدلله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
🔸 صلاة الكسوف سنّة ثابتة مؤكدة عند الجمهور وفي قول للحنفية: واجبة، وصلاة الخسوف سنة مؤكدة عند الشّافعية والحنابلة، وذهب المالكية والحنفية إلى أنها مندوبة.

🔸 الكسوف ذهاب ضوء الشمس كلّه أو بعضه، والخسوف ذهاب ضوء القمر كلّه أو بعضه وهو الأشهر عند الفقهاء، وقيل مترادفان فيقال كسفت الشمس وكذا خسفت كما يقال: كسف القمر وكذا خسف. قال ابن بشير: [والكسوف عبارة عن ظلمة أحد النَّيِّرين الشمس والقمر أو بعضها.] (مواهب الجليل). قال الحافظ النووي : [(والأصح) المشهور في كتب اللغة أنهما مستعملان فيهما والأشهر في ألسنة الفقهاء تخصيص الكسوف بالشمس والخسوف بالقمر وادعى الجوهري في الصحاح انه أفصح.] (المجموع)

🔸 أمر النبي ﷺ بالصلاة عند خسوف القمر والشمس، فقال: «فإذا رأيتموهما فكبروا وادعوا الله وصلوا وتصدقوا» وفي لفظ «فإذا رأيتموها فافزعوا إلى الصلاة.) (متفق عليه)

🔸 صلاة الكسوف مشروعة حضرا وسفرا للرجال والنساء والعجائز والصبيان يُسن لولي المميز أمره بها، فيُسنّ حضورها كالجمعة والعيدين ، أما الخسوف فقال المالكية: [لا يخاطب بها الصبي لأنها تأتى وهو نائم ] ( الشرح الكبير)

🔸 تُشرع بلا أذان ولا إقامة، وذهب الشافعية إلى استحباب أن يُقال قبلها “الصلاة جامعة” واحتجوا بأن النبي ﷺ «بعث مناديا ينادي: الصلاة جامعة» والحديث مرسل، وذهب المالكية والجمهور إلى أنه لا يقال قبلها شيء. قال في الشرح الكبير: [ولا يُنادى لها “الصلاة جامعة” أي لا يُسن ولا يُندب، بل هو مكروه أو خلاف الأولى.] واحتجوا بقول جابر -رضي الله عنه- في صلاة العيد وحملوا عليه صلاة الكسوف : «لا أَذَانَ لِلصَّلاةِ يَوْمَ الْفِطْرِ .. وَلا إِقَامَةَ وَلا نِدَاءَ وَلا شَيْءَ ، لا نِدَاءَ يَوْمَئِذٍ وَلا إِقَامَةَ.» (مسلم)

🔸 لا يُشترط لها إذن الإمام كصلاة الاستسقاء اتّفاقاً.

🔸 متى تُصلى؟ قال ابن الهندي (أحمد بن سعيد القرطبي): حين تغيب كلها وتسود وكذلك إذا ذهب جلها تصلى، لأن حكم الجل حكم الكل، وأما إذا خسف منها الشيء اليسير ما رأيت من قال يصلى.] (مواهب الجليل)

🔸 وإذا عرفها فقط أهل علم الفلك ولم تظهر للناس فلا تصلى: قال الحطاب: [( قُلْت ) يُحْمَلُ عَلَى الْيَسِيرِ الَّذِي لَا يَظْهَرُ إلَّا بِتَكَلُّفٍ وَلَا يُدْرِكُهُ إلَّا مَنْ لَدَيْهِ شُعُورٌ مِنْ أَهْلِ عِلْمِ الْفَلَكِ فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهَا لَا تُصَلَّى حِينَئِذٍ وَإِنَّمَا تُصَلَّى إذَا ظَهَرَ الْكُسُوفُ لِلنَّاسِ وَلَوْ فِي بَعْضِهَا.] (مواهب الجليل)

🔸 إذا اجتمع مع الكسوف أو الخسوف غيرها من الصلوات: كالجمعة أو العيد أو فريضة قُدِّم الأخوف فوتا ثم آكدها، فَتُقَدّم الفريضة إذا لم يؤمن من الفوات على صلاة الكسوف أو الخسوف. وإذا اجتمع وِتر وخسوف قُدّم الخسوف لأن صلاته آكد لخوف فوتها.

🔸 ذهب أبو حنيفة ومالك وأحمد إلى أنه لا خطبة لصلاة الكسوف، وذلك للحديث: «فإذا رأيتموهما فكبروا وادعوا الله وصلوا وتصدقوا» فندبهم النبي ﷺ إلى الصلاة والدعاء والتكبير والصدقة ولم يأمرهم بخطبة، ولأنها صلاة يفعلها المنفرد في بيته فلم يشرع لها خطبة. ( مواهب الجليل).
وذهب الشافعية إلى أنه يخطب لها بعد الصلاة خطبتان كخطبتي العيد، واحتجوا بما روت عائشة «ثم انصرف وقد انجلت الشمس فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله…» (البخاري).
🔻واستحب المالكية الوعظ بعدها ولكن لا تكون على صفة الخطبة. (بلغة السالك لأقرب المسالك)

🔸 صفتها: جمهور العلماء على أنَّ صلاة الكسوف ركعتان، في كل ركعة قيامان، وقراءتان وركوعان، وسجودان. وتُدرك صلاتها مع الإمام بالركوع الثاني لأنه الفرض والأول سنة. وذهب الحنفية إلى أنها ركعتان كسائر الصلوات أي كل ركعة بركوع واحد وسجدتين.
🔻 وانفرد المالكية بالتفريق بين صلاة الكسوف والخسوف فذهبوا إلى أن صلاة الكسوف ركعتان بركوعين، وصلاة الخسوف كباقي النوفل ركعتان فقط لأنه لم يُنقل عن النبيّ ﷺ صفة صلاة الخسوف.

قال العلامة محمد مولود اليعقوبي الشنقيطي في (الكفاف):
وتُندَبُ الصّلاة مثنى للقمر :: ليلا والاستنانُ مذهب نَفَر
للشّمس سُنّ ركعتان في كِلا :: هُمَا يُسنُّ أن يقوم أوّلا

🔸 تصلى صلاة الكسوف جماعة اتفاقا، واختلفوا في الخسوف، فقال أبو حنيفة ومالك: يصلون فرادى في بيوتهم، لكون صلاة الخسوف تُقام بالليل ويشق على الناس الاجتماع، واحتجوا بأنه لم ينقل عن النبيّ ﷺ أنه صلى الخسوف جماعة في الليل وإنما صلى الكسوف في النهار. قال الإمام مالك: [يصلون ركعتين ركعتين كصلاة النافلة ويدعون ولا يجمعون] ( المدونة) وقال مالك: [ولم يبلغنا أن رسول الله ﷺ صلى إلا في خسوف الشمس: ولم يعمل أهل بلدنا فيما سمعنا وأدركنا إلا بذلك، وما سمعنا أن خسوف القمر يجمع له الإمام.] وجوّز أشهب الجمع وصوّبه اللّخمي.

واحتج الشافعية والحنابلة بعموم حديث النبي ﷺ: «إن الشمس والقمر … فإذا رأيتم ذلك فصلوا» فأمر ﷺ بالصلاة لهما أمراً واحداً ولم يفرق.

🔸 اذا انتهت الصلاة قبل انتهاء الكسوف فإن الصلاة لا تعاد ، فقد جاء عند أبي داود من حديث أبي بن كعب .. ثم جلس كما هو مستقبل القبلة يدعو حتى انجلى كسوفها.

قال الإمام الشافعي رحمه الله : [إن صلى صلاة الكسوف فأكملها ، ثم انصرف والشمس كاسفة ، يزيد كسوفها أو لا يزيد : لم يُعِد الصلاةَ.] (الأم)

قال ابن قدامة الحنبلي رحمه الله: [إن فرغ من الصلاة والكسوف قائم : لم يَزِدْ , واشتغل بالذكر والدعاء ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزد على ركعتين] (المغني)

وقال العلامة أبو البركات الدردير إمام مالكية زمانه:[ (ولا تكرر) الصلاة إن أتموها قبل الانجلاء والزوال ، أي يمنع فيما يظهر ] (الشرح الكبير)

وجرى المالكية على أصلهم في التّفريق بين الكسوف والخسوف فقالوا بندب تكرار الفرد لصلاة الخسوف حتى ينجلي القمر أو يغيب في الأفق أو يطلع الفجر.
قال الشيخ محمد البشار في (نظم أسهل المسالك):
ثُمّ الخُسُوف لانجِلاءِ البَدْرِ :: بِرَكْعَتَينِ كَرِّرَنْ أو فَجرِ

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M