مسكوتات أحمد الشرع وتشغيب البهلوان

11 ديسمبر 2025 14:31

مسكوتات أحمد الشرع وتشغيب البهلوان

هوية بريس – إبراهيم الطالب

يحلو على الدوام لعصيد أن يلعب دور البهلوان، يكثر الحركة في كل اتجاه، ويضع المساحيق على وجهه لخداع “الأطفال”، يتنكر وراء شخصية الناقد أو الحقوقي أو المدافع عن الأمازيغ.

كل مرة يتخذ موضوعا يشطح من خلاله في الفضاءات العمومية والخاصة.

ومن بهلوانياته ما نشره مؤخرا منتقدا خطاب الشرع الأخير في سوريا، كلمات ملؤها الحقد يغمز فيها ويهمز، يجري به كالعادة داء الكلَب، الذي يفقد المصاب توازنه وضبطه للمشاعر والحركات.

المسكين لم يتذكر الملف السوري إلا بعد أن سقط الطاغية، وصار لأول مرة منذ عقود للسوريين حكومة قريبة منه تعمل لمصلحتهم، لنراه ينط من قفصه الإيديولوجي المتأمزغ إلى دمشق الشام مخلفا وراءه في الرباط العاصمة “مول المازوط” وغزواته وغنائمه التي يجنيها من رئاسة الحكومة التي دمرت الطبقة المتوسطة، هذه الطبقة التي خرج منها عصيد بفضل الريع الذي يكسبه من تسويق الإيديولوجيا في المؤسسات العمومية وغير العمومية.

ادعى عصيد أن كلمة الرئيس السوري بمناسبة مرور عام على سقوط نظام الأسد، يقبع فيما وراء عباراتها مسكوت عنه؛ حاول هو أن يفضحه ففضح نفسه، فما هو هذا المسكوت عنه؟

حسب هذا الفهيم يتمثل المسكوت عنه في:

“أن السلطة الانتقالية في سوريا تتواجد في وضعية صعبة، حيث عليها إحداث التوازن المطلوب بين أهداف الانتفاضة المسلحة التي كانت إخوانية – سلفية الهوى والإيديولوجيا، وبين التحالفات الجديدة الخارجية والداخلية التي لا تسمح بتلك الأهداف”.

ويحلوا لنا أن نسأله: هل هذا يمكن اعتباره مسكوتا عنه؟؟

فإذا كان منطلق الثورة السورية واضحا، وصعوبة الوضع السوري لا ينكرها أحد، بل هو مما يعيشه المواطن السوري ويعلمه كل العالم، فما المقصود إذن بهذا الكلام؟

مقصوده: هو التذكير بأن الشرع والثورة وكل الوضع السوري هو نتاج انتماء إخواني- سلفي تمخض عنه وصول مجاهد إسلامي إلى السلطة، ولا يخفى أن هذا ما يغيظ أعداء الشرع والإسلاميين في العالم بأسره من الحكام الظلمة إلى حكام الدول الصهيو-غربية ونخبهم السياسية المتصهينة، وذلك الانتماء هو تهمة لا يزال أصحابها في سجون الظلم منذ عقود ومنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، لذا نعتبر أن هذا الأسلوب الذي يتقنه العصيد هو من أقذر الأساليب في تصفية الحسابات الأيديولوجية.

ثم يستطرد عصيد في كلامه منقبا عن المسكوت عنه ليخرج لنا التالي: (من جانب آخر سكتت خطبة الشرع كليا عن أمور ثلاثة نعتقد أنها نقط ضعف السلطة الانتقالية:

أولا: احتلال إسرائيل لأراضي سورية.

ثانيا: جرائم الإبادة التي شنتها المجموعات المسلحة التابعة للسلطة وحلفائها من البدو على الدروز والعلويين وتهديد أطراف أخرى للمسيحيين.

ثالثا: الملف الكردي الذي يظهر قدرا كبيرا من الارتباك في سلوك “الشرع” ومن معه).

وسنقف بسرعة مع الثلاثة، فبخصوص أولا:

لن نلزم هذا الفهيم بالانضباط بشعاره المحبب له “تازة قبل عْزة”، فقط نريد منه أن يرد على سؤالنا التالي: لماذا لا ينتقد من خلال قناعاته العلمانية، سلوك الكيان الصهيوني الذي يعتقد بكل النبوءات والخزعبلات مثل البقرات الحمر؟؟

ولماذا لا ينتقد دولة الكيان الغاصب التي لا تخفي أسسها الدينية التي تؤطر عملياتها التقتيلية في الأطفال والنساء..؟؟

فإذا كان يعتبر أن الشرع قد سكت عن احتلال إسرائيل لأراضٍ سورية، فلماذا لم يتحدث عنها هو قط في مقال أو شريط خلال 30 سنة الماضية التي ملأها بالكلام ضد الإسلام وشعائره؟؟

بل لماذا لم يتحدث طول عمره المليء بالكراهية للمسلمين عن احتلال نفس الكيان لفلسطين وأراضي لبنان وغيرهما؟؟

اليوم فقط انتبه إلى المسكوت عنه في كلام الشرع الموجه لشعبه، إنه العجب العجاب!!

أما بخصوص ثاني المسكوتات التي وردت في خطاب الشرع، حسب عصيد والمتعلقة بـ: “جرائم الإبادة التي شنتها المجموعات المسلحة التابعة للسلطة وحلفائها من البدو على الدروز والعلويين وتهديد أطراف أخرى للمسيحيين؛ فلن نناقشه في صحة الأحداث من زيفها والانتقائية في التعاطي مع الوضع السوري، لكن نسائله: لماذا لم يكتب شيئا عن جرائم الكيان الصهيوني طيلة أكثر من سنتين؟؟

هل كان في غيبوبة واستفاق الآن في المسجد الأموي بين يدي الشرع فأزعجته الآيات والمناظر واللحى؟

أين كان خلال السنوات الطوال التي دمر فيها بشار شعبه وقتل مليونا من البشر من النساء والأطفال والعجزة، لماذا لم نجد له مقالا ولا حلقة يشجب فيها الدمار والتقتيل؟

دعونا من دماء سوريا، لماذا يرِقَّ قلبه لكل الصور التي حركت العالم بأسره، وجعلت العقلاء يقفون ضد المغتصبين القتلة الإرهابيين، ويسقطون السردية الصهيونية في حين يرتجف قلبه على دماء النصارى والدروز؟

لماذا يترك كل ذلك، ويفضل أن يبحث بين زغب لحية الرئيس الشرع عن شيء ينفس به عن حقده على المسلمين وغيظه من كل ما هو إسلامي أليس يدعي أنه حقوقي ويقدم نفسه بهذه الصفة؟؟

الجواب معلوم للجميع فلا داعي للإطالة.

ولنقف بسرعة مع ثالث المسكوتات عنها حسب الفهيم والتي تمثلت في:

“الملف الكردي الذي يظهر قدرا كبيرا من الارتباك في سلوك “الشرع” ومن معه”.

بخصوص هذا الملف، يمكن أن توضح له مليكة مزان أشياء كثيرة بشأنه، فهي متعاطفة مع الأكراد وتعرف أبعاد الملف وخطورته، وما دامت قد كانت ذات يوم تجمعها بعصيد علاقة زواج على شريعة ياكوش، يمكنه أن يقصدها لتفسر له سبب ارتباك الرئيس الشرع من ملف الأكراد، وبالمرة يطمئن على آثاره على جسدها الأنثوي الذي مارس عليه كل انتهاكات حقوق المرأة، ثم رماها المسكينة دون حتى أن يكلف نفسه الرد عليها، أو بيان سلوكياته الشاذة للرأي العام، فلم يعد ملف مزان من خصوصياته ما دام قد أصبحت قضية رأي عام.

صدقا نرجو ممن يعرف عصيد ويحبه أن ينصحه بتغيير منهجه الذي تجاوزه الزمن والمبني على العداء للإسلام، والعرب وتاريخ المسلمين ولغتهم وقرآنهم ورسولهم صلى الله عليه وسلم، هذا العداء الذي أنتجه لديه احتقانه بسُم الإيديولوجيا، لذا نراه يغرق في الكذب والتزوير والانتقائية، وكلها أمور تسقط صفة العلمية عن كل كلام بل يسقط معها العقل والذوق، وتجعل من عصيد جنديا في طابور معادِ للأمة المغربية والإسلامية لا كاتبا في جريدة أو في صفحة ورقية أو إلكترونية.

سؤال أخير: لماذا يدعو عصيد المسلمين إلى التخلي عن المطالبة برد الاعتبار لدينهم كمصدر للتشريع ومؤطر للسلوك الاجتماعي الفردي والجماعي، ويطلب منهم أن يتركوا الأساطير ويكونوا عقلانيين، في حين يغض الطرف عن نشر الخرافة التي تصرف عليها وزارة الأوقاف الملايير سنويا من المال العام، ويفضل بالمقابل أن ينتقد سلوك المغاربة الإيماني عندما يصرفون أموالهم الخاصة في بناء المساجد؟

أتدرون لماذا؟؟

لأنه يفكر تماما مثل المحتلين الصهيوغربيين، يرى أن الخرافة تنسجم مع العلمانية، وتدعمها في إخضاع المسلمين للآلة الرأسمالية من جهة، وتحول -من جهة أخرى- دون انتماء المغاربة إلى دائرة الإسلام الواعي؛ حيث يتحرك المسلم لنصرة دينه واسترجاع هويته المسلوبة، ويعمل ليرى دولته تمتثل لمقتضيات أسس الهوية المغربية والتي يوجد الإسلام على رأسها بشريعته وعقيدته.

إننا لن ننتظر أن يعتدل سلوك البهلوان لكن نأمل أن يرقى بنفسه ليصبح مجرد إنسان.

وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
17°
16°
الجمعة
19°
السبت
18°
أحد
18°
الإثنين

كاريكاتير

حديث الصورة