مشاريع حكومية تجرّ المئات إلى الإفلاس.. وبرلمانية: أحلام الشباب من “فرصة” إلى “السجن”

هوية بريس- متابعات
تعيش المقاولات الصغيرة والصغيرة جدًا وضعية مقلقة، إذ تسجّل منذ سنة 2022 منحًى تصاعديًا في عدد حالات الإفلاس، وسط انتقادات متزايدة للحكومة بعدم إبداء أي اهتمام فعلي بهذه الفئة الحيوية من النسيج الاقتصادي الوطني.
ووفق النائبة البرلمانية، عائشة الكوط، فإن عدد المقاولات التي أعلنت إفلاسها بلغ سنة 2023 حوالي 33 ألف مقاولة، في حين يُتوقّع أن يتزايد هذا العدد خلال سنتي 2024 و2025، مما ينذر بأزمة بنيوية تضرب قلب الاقتصاد الوطني.
وأشارت البرلمانية إلى أن “المثير في الأمر هو أن عددًا من البرامج الحكومية، التي رُوّج لها على أنها مبادرات لدعم المقاولين الشباب، ساهمت في الواقع في تأزيم أوضاعهم بدل تحسينها”.
وضربت مثالًا ببرنامج “فرصة” الذي اعتبره العديد من الشباب أملًا في الخروج من البطالة، غير أن التجربة تحولت، حسب قولها، إلى “فخٍّ انتهى ببعضهم في السجن أو العودة إلى البطالة”.
كما انتقدت المتحدثة التحفيزات الضريبية الموجهة للمقاول الذاتي، معتبرة أن التعديلات الأخيرة في قانون المالية لسنتي 2024 و2025، وخاصة الرفع من الضريبة على الدخل، وضعت العديد من المقاولين في وضع لا يسمح لهم بالاستمرار، ما اضطرهم إلى إغلاق مشاريعهم أو إعلان الإفلاس لتجنّب الضغط المالي.
وأضافت أن عددًا كبيرًا من هؤلاء المقاولين كانوا يشتغلون مع شركات كمتعاونين قبل أن يتم تشجيعهم على التحول إلى مقاولين ذاتيين، لكنهم وجدوا أنفسهم لاحقًا أمام تكاليف وضغوط جديدة أدّت إلى إفلاسهم.
وفي سياق متصل، أشارت البرلمانية إلى تأخر صدور النصوص التنظيمية الخاصة بميثاق الاستثمار المتعلقة بالمقاولات الصغيرة والمتوسطة، مقابل تسريع الحكومة لإصدار المراسيم الخاصة بدعم الشركات الكبرى، معتبرة أن هذا التوجّه يعكس “هيمنة منطق الاحتكار وتغليب مصالح الكبار على حساب الصغار”.
وأكدت أن المقاولات الصغيرة التي تعمل في إطار المناولة مع الشركات الكبرى تواجه أزمات سيولة خانقة بسبب آجال الأداء الطويلة، ما يجعلها عاجزة عن أداء الأجور وتغطية المصاريف الأساسية، لتجد نفسها في النهاية مضطرة لإعلان الإفلاس.
كما لفتت الانتباه إلى أن ارتفاع أسعار المحروقات والاحتكار وضعف التنافسية في عدد من القطاعات فاقم من معاناة هذه المقاولات، خصوصًا تلك التي تعتمد على النقل أو على المعدات ذات الاستهلاك المرتفع للوقود.
وبحسب البرلمانية، فإن أغلب المقاولات التي أفلست تنتمي إلى قطاعات التجارة والبناء والعقار، وهي قطاعات تهيمن عليها شركات كبرى تعتمد بدورها على مقاولات صغرى في المناولة.
واعتبرت أن زحف المتاجر الكبرى والسوبرماركات إلى الأحياء الشعبية أدى إلى تراجع محلات البقالة التقليدية التي كانت تلعب دورًا اجتماعيًا واقتصاديًا مهمًا، مشيرة إلى أن “السوبرماركت لا يمنح الكريدي ولا ينتظر الزبون حتى نهاية الشهر، بينما البقال كان يمثل شبكة تضامن اجتماعي حقيقية”.
وختمت البرلمانية تصريحها بالتأكيد على أن “الحكومة تسير في اتجاه دعم الشركات الكبرى وتهميش الصغرى، في وقتٍ أثبتت فيه التجارب العالمية أن الاقتصادات القوية تنبني أساسًا على النسيج المقاولاتي الصغير والمتوسط، باعتباره المحرك الحقيقي للتشغيل والإنتاج الوطني”.



