مشروع تعديل دستوري يرسم «الأمازيغية» ويحدد الفترة الرئاسية في ولايتين بالجزائر
هوية بريس – متابعة
الثلاثاء 05 يناير 2016
اقترح مشروع تعديل دستوري كشفت عنه الرئاسة الجزائرية، اليوم الثلاثاء، ترسيم الأمازيغية كلغة ثانية في البلاد إلى جانب العربية، وتحديد الولاية الرئاسية في اثنتين من خمس سنوات، بعد أن كانت مفتوحة، إضافة إلى تأسيس هيئة مستقلة لمراقبة العملية الانتخابية من بدايتها إلى نهايتها.
جاء ذلك في مؤتمر صحفي، عقده أحمد أويحي، مدير ديوان الرئاسة، في العاصمة، للحديث عن مضمون مشروع تعديل دستوري جديد، قال إنه يعكس 80% من اقتراحات للطبقة السياسية في مشاورات أجرتها الرئاسة عام 2014 وقاطعتها المعارضة.
واستحدث المشروع مادة “3 مكرر” في الدستور تنص على أن “الأمازيغية لغة وطنية ورسمية”، إلى جانب العربية.
كما تقرر إنشاء أكاديمية وطنية للأمازيغية تكون تابعة لرئاسة الجمهورية، لتسهيل تفعيل القرار على أرض الواقع من خلال الممارسة، حسب أويحي.
وتعد الأمازيغية اللغة الرئيسية في التعاملات اليومية لسكان منطقة القبائل الكبرى التي تضم عدة محافظات تقع شرق العاصمة وقام الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة بترقيتها إلى لغة وطنية في تعديل دستوري عام 2001 أصحبت مادة تعليمية ولها نشرات خاصة في التلفزيون الحكومي غير أن أحزاب بينها الموالاة إلى جانب منظمات ظلت تطالب بجعلها لغة رسمية.
وينقسم الأمازيغ في الجزائر حسب باحثين إلى عدة مجموعات منفصلة جغرافياً، وهم القبائل في بلاد القبائل (شرق العاصمة)، الشاوية في منطقة الأوراس (جنوب شرق)، المزاب (المجموعة الأمازيغية الوحيدة ذات المذهب الإباضي) في منطقة غرداية (500 كلم جنوب)، الطوارق (أقصى الجنوب)، الشناوة في منطقة شرشال (90 كلم غرب)، وهناك مجموعة بربرية أخرى قرب مدينة ندرومة على الحدود مع المغرب، وتتميز لغتها أو لهجتها بقربها الكبير من الشلحية وهم أمازيغية الشلوح (بربر) في المغرب.
وتضمن المشروع الجديد، تعديلاً للمادة 74 من الدستور الحالي التي تنص على أن “مدّة المهمة الرّئاسية خمس سنوات، ويمكن تجديد انتخاب رئيس الجمهورية” أي أن الرئيس يمكنه الترشح لعدة ولايات، أما حالياً فأصبح من الممكن إعادة انتخاب الرئيس لمرة واحدة فقط، أي تحديد الولاية الرئاسية في ولايتين من خمس سنوات فقط.
كما شمل استحداث “هيئة عليا دائمة ومستقلة” لمراقبة الانتخابات ترأسها شخصية مستقلة.
وفي هذا الصدد، أوضح مدير ديوان الرئاسة أن هذه الهيئة ستكون مهمتها مراقبة العملية الانتخابية من لحظة استدعاء الناخبين، ومراقبة القوائم، إلى غاية إعلان النتائج النهائية.
وتضم الهيئة، قضاة، وشخصيات عامة، وأكاديميين.
وتطالب المعارضة الجزائرية بإنشاء لجنة مستقلة لتنظيم الانتخابات وليس مراقبتها، وهو مطلب قال أحمد أويحي اليوم إنه “غير واقعي، لأنه لا توجد دولة غربية عريقة في مجال الديمقراطية تطبقه حالياً”.
من جهة أخرى، تضمن مشروع التعديل الدستوري ، لأول مرة، حق المعارضة في إخطار المحكمة الدستورية ( أعلى هيئة دستورية في البلاد) ، حول مدى قانونية قوانين يصادق عليها البرلمان، بعد أن كان الأمر سابقاً مقتصراً على السلطات الرسمية، فيما تم أيضاً، الإعلان عن وجوب عمل البرلمان بجدول أعمال تقترحه الكتل النيابية للمعارضة مرة كل شهر.
كما جاء في المشروع، أن رئيس الجمهورية يعين الوزير الأول بعد استشارة الأغلبية البرلمانية، في وقت ينص الدستور الحالي على أن الرئيس حر في اختيار هذا الشخص، دون الرجوع للأغلبية البرلمانية.
وكانت الرئاسة الجزائرية، أعلنت نهاية شهر ديسمبر/كانون أول الماضي، أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وافق على مشروع تعديل دستوري، خلال اجتماع مع وزراء وكبار مستشاريه سيُسلم للطبقة السياسية خلال أيام قبل إحالته على البرلمان للمصادقة عليه.
وتنص المادة 176 من الدستور الحالي ” إذا ارتأى المجلس الدّستوري (المحكمة الدستورية) أن مشروع أيّ تعديل دستوريّ لا يمسّ البتّة المبادئ العامة التي تحكم المجتمع الجزائري، وحقوق الإنسان والمواطن وحرياتهما، ولا يمسّ بأيّ كيفية التوازنات الأساسية للسّلطات والمؤسسات الدّستوريّة، وعلّل رأيه، أمكن رئيس الجمهورية أن يصدر القانون الذي يتضمّن التّعديل مباشرة دون أن يعرضه على الاستفتاء الشعبي، متى أحرز ثلاثة أرباع (3/4) أصوات أعضاء غرفتي البرلمان (من إجمالي 606 عدد نواب الغرفتين)”.
ويعود إطلاق مشروع تعديل الدستور، إلى العام 2011 ،عندما أعلن بوتفليقة عن “حزمة إصلاحات”، شملت قوانين الانتخابات، والأحزاب، والجمعيات، والإعلام، لمواجهة موجة الثورات العربية، التي قال إنها “ديمقراطية مستوردة”، كما اعتبر أن الجزائر استثناء فيها، وتعهد بأن يكون تعديل الدستور آخر محطة لهذه “الإصلاحات”.
لكن المعارضة وصفت ذلك “بعملية تجميل لواجهة النظام، لحين مرور عاصفة الثورات”.
وفي مطلع مايو /أيار 2014، وبعد إعادة انتخابه لولاية رابعة، أعلن بوتفليقة عن فتح مشاورات، برئاسة مدير ديوانه، أحمد أويحي، مع الأحزاب والشخصيات الوطنية، والجمعيات، حول مسودة للدستور، أعدها خبراء قانونيون، وشدد على أنه سيكون “دستوراً توافقياً”.
وأجرت الرئاسة “بين مطلع يونيو/ حزيران و8 يوليو/ تموز 2014، لقاءات مع شخصيات وطنية، وأحزاب سياسية، وجمعيات ومنظمات، وأكاديميين بشأن الوثيقة التي تضمنت 47 تعديلا على الدستور الحالي.
ولم تُلب أطياف المعارضة الرئيسية، هذه الدعوة للمشاركة في المشاورات حول الدستور، وواصلت عقد لقاءات من أجل ما تسميه “الذهاب إلى تغيير ديمقراطي سلمي في البلاد”.
كما أكد قادة المعارضة في عدة مناسبات أنهم غير معنيون بنتائج تلك المشاورات وأن النظام استفرد بإعداد التعديل الدستوري، كما أن الأولوية هي لانتخابات رئاسة مبكرة بسبب مرض الرئيس عبر تنصيب لجنة مستقلة للإعداد والإشراف ومراقبة الانتخابات بدل وزارة الداخلية.
وفي تصريح صحفي أدلى به في نوفمبر/ تشرين ثاني 2014 ، برر بوتفليقة تأخر الكشف عن مضمون التعديل الدستوري بـ”أنه يسهر على وجه الخصوص على تفادي التسرع والتقليد والارتجال، ولأن الجزائر التي عانت الأمرّين من ويلات الإرهاب، ترفض أية مغامرة من هذا القبيل التي غالباً ما تخلف مآسي والتي يرفضها مجتمعنا جملة وتفصيلاً”.
وأجرى بوتفليقة، منذ وصوله الحكم عام 1999 تعديلين دستوريين الأول عام 2001، قام بموجبه بجعل الأمازيغية لغة وطنية ثانية إلى جانب العربية، وعام 2008، عندما عدل مادة دستورية أصبح بموجبها الترشح لرئاسة الجمهورية مفتوحاً، بعد أن كان محدداً في ولايتين فقط (5 سنوات لكل منهما)، وهو ما سمح له بالترشح لولاية ثالثة عام 2009، ورابعة في 17 أبريل/نيسان 2014، وفقا للأناضول.