مشكلة أصحاب الكلام بالتربية “بعيداً عن الدين” أو “التربية الحديثة”
هوية بريس – تسنيم راجح
مشكلة أصحاب الكلام بالتربية “بعيداً عن الدين” أو “التربية الحديثة” هي أنهم وإن قالوا أنهم مسلمون فإنهم يتكلمون عن الدين كأنه “وجهة نظر”! شيءٌ تختاره في الحياة أو لا تفعل، لا فرق إن اخترت أي دين شئت، ولا مشكلة أن تأخذ من الدين الذي اخترته ما تشاء، فهذا نوعاً ما “ذوقٌ شخصي”، شيءٌ يشبه الانتقاء من صحن فواكه، أمرٌ عادي!
ولأنه كذلك (عندهم) فهو ليس أمراً مهماً البتة، فهو “خلافي” وليس داخلاً في صلب الحياة وقراراتها، إنما هو على الجانب، في زاويةٍ ضيقةٍ في عقلك لا تكلم عنه أحداً ولا حتى أطفالك قبل عمرٍ يختاره “خبراء التربية” لك!
أما قبل ذلك فربِّ أطفالك بقيم الإنسانوية التي لقنتها لنا الدول الغربية والأمم المتحدة معدومة الإنسانية (كما ثبت للعالم أجمع)، لقّنهم بحسب ما تمليه نتائج الأبحاث ونظريات العلم النفسي المتغيّرة باستمرار، اجعل من أطفالك فئران تجارب لكلّ متصدّر على وسائل التواصل أو الشاشات أو غيرها في الشرق والغرب!
احذر أن تكلّمهم عن الغيبيات كالجنة والنار والملائكة والشياطين! فقد يخافوا وقد لا يفهموا وقد يتحول الأمر عندهم للهوس! لكن لا بأس أن تملأ رأسهم بقصص الأبطال الخارقين والأساطير اليونانية وأفلام هركليز وحوريات البحر والسحرة والأشباح والزومبي ومصاصي الدماء ومن يتحولون لوحوش ومن يطيرون على مكنسة أو سجادة…. فهذا لا يخيفهم ولا يربكهم ولا يملأ ذهنهم بزبالاتٍ تحتله!
احذر أن تخبرهم أن هناك مسلمون وكفارٌ في العالم لئلا يتطرفوا! لكن لا بأس زن تخوفهم من الأمراض والبكتريا والفيروسات وضرر الطعام السيء ليعتنوا بصحتهم ويغسلوا أيديهم ويمارسوا الرياضة..!
احذر أن تحكي لهم قصص الأنبياء لئلا يعلموا أن الله يعاقب الكفار المعتدين!
احذر أن تأمرهم بالصلاة عند سبع سنوات!
احذر أن يحفظوا الآيات التي فيها وعيد أو عقاب!
واحذر أن تربيهم ذوي هوية أو توجههم إلا ليكونوا ذائبين في المجتمع الضائع أو الغربي الذي أنت فيه..!
والواقع أن ما يسميه أولئك تربيةً هو حرفٌ ممنهجٌ للطفل عن فطرته وإخراجٌ له تدريجياً من دينه، هو إخراجٌ لشخصٍ لا يأبه إلا بهذه الحياة الدنيا ولا يدور إلا في فلكها..
ليكون مجرّد مواطنٍ صالح، مبتسمٍ في الخارج يتلقى راتبه ويشتري طعامه ولباسه ولا رسالة له ولا غاية توجهه وتدفعه ليضحي ويبذل ويعمل ويزكّي نفسه حين لا يرى الفائدة الدنيوية القريبة أو البعيدة لعمله..
فأنت حين تؤخر “الدين” تترك الطفل ضائعاً زمناً طويلاً بين أيدي أي أحدٍ يتلقفه ويملأه بما يريد، لتأتيه حين تستفيق وتجده أصلاً اعتنق منهجاً فكرياً كاملاً لا مكان لـ”الدين” فيه..
ولذلك فكلّ كلام أولئك مرفوض عندنا أصلاً، ولذلك لا نقبل منهم بعده كلّه أن يعلّمونا “التربية الدينية”! لأن تربيتنا أصلاً كلها “دينية”! ليس الدين مجرد جانبٍ منها، إنما هو مبدؤها ومنه غايتها وقيمها ومسارها..
ومن أهل العلم “الحقيقي” والفضل نتعلم، وبالله نستعين..