معالم في طريق المهزلة الانتخابية
هوية بريس – د.رشيد بنكيران
– أول هذه المعالم الكاشفة النسبة المرتفعة للمصوتين التي أعلنت عنها الوزارة الوصية على الانتخابات، ففي حدود الخامسة مساء قيل إن نسبة المشاركة بلغت 36% ، وهي نسبة بدورها غير بريئة !؟، ولكن بعد مرور ساعتين وفي حدود الساعة السابعة مساء ارتفعت نسبة المشاركة إلى أكثر من 50%، يعني صوت ثلث المشاركين في هذه المدة الضيقة، وبلغة الأرقام ما مقداره 2،5 مليون مصوت اتجهوا إلى أماكن التصويت ما بين الخامسة والسابعة مساء!!
هذا العدد من المصوتين لو كان نصفه حقيقيا فضلا عن كله لظهرت طوابير على مكاتب التصويت، ولنقلت وسائل الإعلام المختلفة وعلى رأسها الإعلام الرسمي الصفوف الطويلة للمصوتين، لكن لم يكن هناك طوابير على صناديق التصويت ولا أي ازدحام لافت للنظر، لا شيء يوجد من ذلك. فمتى صوت 2،5 مليون ناخب وفي أي صناديق شاركوا!!؟؟
– من هذه المعالم الكاشفة ظاهرة عدم تسليم معظم المحاضر التي تشهد لمصداقية العملية الانتخابية في وقتها المحدد، وقد صرح بذلك رئيس الحكومة السابق أمام وسائل الإعلام، وهذا المَعلم يؤكد ما كشفه المعلم الأول.
– من المعالم الكاشفة ترويج مقالة إن الشعب عاقب حزب العدالة والتنمية، وليس في هذا القرار غرابة…
ولكن أن يعاقب الشعب هذا الحزب ليصوت على حزب آخر يعرف مسبقا أنه الحاكم الفعلي وصاحب وزارات سيادية لا يملكها حتى حزب العدالة والتنمية أثناء حكومته…
وللشعب مع رئيسه الحالي معارك نضالية سبق أن عاقبه بإعلان مقاطعة منتوجات شريكاته….
فلا جرم أن تلك المقالة تفتقد لأدنى معايير المنطق المقبول، وترويجها هو تسطيح لعقول الناس وعدم احترام ذكائهم.
لواختار الشعب إنزال العقاب على حزب العدالة والتنمية لكان سلوكه الطبيعي والمرتقب هو مقاطعة الانتخابات، وليس المشاركة بنسبة أكبر من نسبة انتخابات 2016م، ثم تقديم صوته لمن كان يشارك في الحكم بنسبة أقوى وهو متدمر من الجميع!؟
لو افترضنا صحة المقالة آنفة الذكر سنكون أمام مواطن عقاب نفسه بنفسه بتمكين من أسهم في ضياع حقوقه، وهذا لا يعقل أبدا، فالناس لها عقول.
– من المعالم الكاشفة في طريق المهزلة الانتخابية النتيجة التي حصل عليها حزب العدالة والتنمية، فمهما يكن من عقاب نزل بهذا الحزب، فإن أصوات أعضائه وأسرهم والمنتمين لحركته الدعوية والمتعاطفين معهم أو ما يسمى بالفئة الصلبة للحزب سيفوز بها، وهي كافية بأن تمكن حزب العدالة والتنمية من التفوق على أحزاب ليس لها من هذه الفئة الصلبة معشارها، ورغم ذلك حصلت هذه الأحزاب الضعيفة على ضعفي ما حصل عليه حزب العدالة والتنمية وكانت أعلى منه مرتبة رغم أنها أقل منه تنظيما وأضعف منه فكرا وممارسة……
وهذا يعني أن النتيجة التي حصل عليها حزب العدالة والتنمية ليست طبيعية نابعة من واقع المشهد السياسي للمواطن، بل هي مختلقة، وصانع المشهد لم يحبك اللعبة جيدا، ولعل الرغبة الجامحة في التخلص من هذا الحزب أنسته تأثيث تفاصيل الجريمة الكاملة.
وأخيرا، هي معالم كان لا بد من ذكرها لكي أسجل شهادتي للتاريخ، وأكون ضمن المنخرطين في كوكبة نشر الوعي وإظهار الحقائق.
ظن كثير من المغاربة وأنا واحد من هؤلاء، أن وسائل التحكم القديمة في الانتخابات اختفت دون عودة ، لكن للأسف الشديد عادت حليمة لعادتها القديمة.
كتبت هذه الكلمات ليس دفاعا عن حزب العدالة والتنمية أبدا، بل أرى أن ما وقعه له وخصوصا على مستوى المجالس البرلمانية يستحقه، فهو المسؤول عما جرى له، وكان بحاجة ملحة الى صفعة كي تبين له الحقيقة وتوقظه من غفلته، فكم من ناصح أمين حذر وأنذر ولم يجد من يسمعه، ولكن وصفة الكي – وخصوصا من مرغوب لا يعترف بالجميل – قمن بأن يوقظ الحمقى وليس فقط الغافلين، فقد قيل إن آخر الدواء الكي.
ورغم ما يظهر من خيبات أمل ، فإن أكبر مستفيد من المشهد السياسي الجديد هو المواطن المغربي، فإن الأحزاب التي ستشكل الحكومة الجديدة هي أحزاب مخزنية دون لف ولا دوران.