معاناة الأشخاص بدون مأوى أو الأشخاص المشردون SDF

02 ديسمبر 2025 18:03

معاناة الأشخاص بدون مأوى أو الأشخاص المشردون SDF

هوية بريس – عبد السلام حجي

هل الأوضاع التي يعيشها الأشخاص المشردون أو الأشخاص بدون مأوى تبعث على القلق؟

وما حجم التحديات والمخاطر التي يواجهها هؤلاء الأشخاص يوميًا؟ وما حجم الوعي بها لدى المجتمع؟

الأشخاص بدون مأوى أو الأشخاص المشردونSDF (personnes sans domicile fixe )

(personnes sans abri) ، هم الأشخاص الذين لا يجدون بيت يقيهم من البرد أو من الحر، محرومون من سقف تتوفر به  جميع الضروريات الحياتية أو المعيشية اليومية، لا يتوفرون على مكان أو منزل أو حتى على سرير لإراحة بدنهم والسكون إليه ليلا، فخلال النهار هم يتجولون ابتغاء  الرزق والقوت اليومي ، وعند اقتراب  الليل تجدهم يبحثون عن أماكن تسترهم من أعين الناس، لا لشيء إلا لأخذ حصتهم من النوم الطبيعي البشري، وفي العراء،  لا نعلم كم هو عددهم، هم من نجدهم ملفوفين في بعض أركان الأزقة والشوارع، منثورين في بعض الجوانب، في الظلام بعض الناس يتفادون المرور بمحاذاتهم إما خوفا  أو احتراما لخصوصياتهم، بل يتعرض الأشخاص بدون مأوى لأخطار تواجههم يوميا؛

قبل كل شيء، فالأشخاص بدون مأوى هم مواطنون، غالبا مسالمون، أنواعهم وأصنافهم متعددة، فمنهم من هم أطفال في رعاية سنهم ومنهم من هم شباب في مقتبل العمر هائمون، ومنهم أناس متقدمون في السن أغلبهم من جنس الرجال ونادرا ما تجدهم نساء؛

لا تعجب ولا تتعجب من وضعهم، ولا تحتقر جنسهم ، لكل منهم ظروفه الشخصية ، فإذا تساءل المرء عن أسباب وجود هؤلاء في الشارع دون مأوى، ولو دخلت في حوار معهم، لوجدت أن لكل متشرد  سببه ومشاكله الخاصة، فبالنسبة لكبار السن المتزوجين فمنهم من تشرد بسبب الإدمان أو سوء وتدهور علاقته الزوجية  إما هروبا  من مسؤولية البيت أو أخرجته الزوجة أومن مشاكل الأطفال والمصاريف،  يكون ذلك مصحوبا بعدم القدرة على الانفاق فلا يجد مفرا إلا مغادرة محيطه الاجتماعي، أما بالنسبة لغير المتزوجين الفرادى غالبا  ما  تكون ظروفه المادية استفحلت  ووصل إلى الباب المسدود فخرج إلى الشارع يمد يده إلى الناس من أجل الأكل أو من أجل التسول أو لكلاهما،  اما بالنسبة للأطفال  فأغلبهم يكون  ضحية أحوال البيت السيئة وغير محتملة او نتيجة تربية فاسدة او ظروف بيئية صعبة ومستحيلة أو هروب من المدرسة أو اختلاط بصحبة سيئة مدمنة أو لكل هاته الظروف مجتمعة؛

لا تعجب من أمرهم، فكل شخص معرض لمثل هذه الظروف، فكم منهم كان في وضعية مريحة وله دخل معين وأسرة محترمة لكن فجأة تغيرت لديه الظروف وتغيرت حياته لتصبح جحيما يدفعه إلى ترك كل ذلك وراءه بسبب الضغوط النفسية الشديدة والتي يفقد فيها الانسان السيطرة على أعصابه وعلى قواه العقلية أحيانا؛

هذه المعضلة متشعبة، هي اجتماعية بالدرجة الأولى وهي من اختصاص جهات معنية بالوقوف إلى جانب هذه الفئات ودورها هو مساعدتها ومواساتها على تخطي المحنة، فالمعمول به هو أنه فعلا يتم التواصل مع هذه الفئات من أجل البحث معهم وأخذهم إلى مراكز مختصة لرعايتهم وتقديم المأوى إليهم؛

وتجذر الإشارة إلى أنه في بعض الحالات، تمتلئ فيها هذه المراكز ولا توجد أماكن شاغرة لهؤلاء الأشخاص، إما لكثرة عددهم أو لصغر الطاقة الاستيعابية لمراكز الايواء، هذه الأخيرة منها من يقدم بعض الخدمات كالإيواء الليلي أو المساعدة النفسية السيكولوجية أو الأطعمة أو الألبسة ثم خدمات النظافة والتوجيه والتطبيب؛

وأحيانا أخرى، نرى أنه من بين هؤلاء الأشخاص بدون مأوى من يرفض الذهاب مع المرشدين المختصين التقنيين الذين يطوفون عليهم في الشوارع من أجل مد يد المساعدة، ورغم هذه الجهود الجبارة ، منهم من يهرب عند رؤية سيارة المصلحة الخاصة بالمساعدة،  لاعتقادهم ولانتشار أخبار  عن أنه سيتم نقلهم إلى مراكز بجهات أو مناطق بعيدة عما هو مألوف لديهم وعن أماكن تواجدهم التي ألفوها وتعودوا العيش فيها؛

يبقى التساؤل مطروحا: هل كل مدينة أو جماعة ترابية تتوفر على عدد ما يكفي من مراكز الرعاية والمؤطرين الكافيين والإمكانات المادية والضرورية وميزانية محترمة لمواجهة هذه المعضلة، خاصة بعد الارتفاع مستوى المعيشة وغلائها وتعقد الظروف الحضارية الحالية، و كم يوجد من مركز متخصص في كل مدينة أو جهة؟ و هل تعطى الأهمية لبناء مراكز جديدة في المستوى المطلوب أو فتح مثل هذه المراكز المهمة جدا، والتي تجسد في عمقها ظاهرة يجب العناية بها لأنها تشكل صورة من صور رقي كل مجتمع يغير على أبناء وطنه؛

الأشخاص بدون مأوى أو الأشخاص المشردون هم أناس مغلوبون على أمرهم، وفي حاجة ماسة لتظافر جهود المجتمع، بل يستحقون عناية كبيرة من لدن كل مؤسسات الدولة والفاعلين الاجتماعيين والجمعيات الخيرية، المواطنة الحقة هي إيلاء هذا الموضوع الأهمية القصوى من حيث الزيادة في المراكز وتأطيرها وتجهيزها وتوفير الإمكانات المادية والمعنوية وتوعية وتنوير الرأي العام بخصوص برامجها والدفاع عنهم وتوفير الرعاية الطبية والاجتماعية لهم .

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
9°
19°
السبت
20°
أحد
20°
الإثنين
19°
الثلاثاء

كاريكاتير

حديث الصورة