معاناة الأنثى
د. عبد الله الشـارف
هوية بريس – السبت 28 نونبر 2015
نشرت مجلة الأحد اللبنانية (عدد:324) رسالة من أنثى افتتحتها واختتمتها بهذه العبارة: “ليتني لم أكن أنثى” وقالت خلال سطورها: (..إنني مضطرة لمسايرة بنات جنسي، ولأكسب إعجاب الرجال، أن أطلي وجهي بالأحمر والأبيض والأسود، وإذا ما كنت في مجتمع رجالي حاولت أن أتقمص الشخصية التي تروقهم، فأنا حينا رصينة هادئة، وطوراً لعوب مغناج، وآونة أخرى ساذجة غريرة، وفي أحيان كثيرة أتصنع الهبل كل ذلك في سبيل أن أحوز إعجاب كل طائفة من الرجال. ولذا أعجز عن تخطيط شخصيتي أو فهم نفسيتي، ليتني لم أكن أنثى..إذن لانطلقت في هذا العالم الواسع أمشي على هواي وألبس على هواي وأتحدث على هواي ).
أفليس هذا الذي تعترف به هذه الفتاة العصرية من حيرة وضياع هو نتيجة طبيعية لخروج المرأة عن فطرتها وانصرافها عن وظيفتها، واهتمامها بغشيان مجتمعات الرجال، وإنشاء صداقات معهم للظفر بإعجاب كل واحد منهم، على اختلاف الأهواء والأمزجة في نفوس الرجال؟!!
ألا ترون معي معشر القراء الأفاضل كيف يوحي شياطين الجن إلى شياطين الإنس من الملاحدة والعلمانيين والمفسدين ليعملوا على تدمير ومسخ فطرة الإنسان والزج به في غياهب الظلمات، وجعله يتجرع مرارة العذاب والشقاء من أجل أن يكون متحضرا ومتحررا!! إن هذه الحضارة الغربية التي نسج خيوط فلسفتها العلمانية والمادية، شرذمة من فلاسفة اليهود أمثال ماركس ودارون وفرويد ومن سار على دربهم ونهجهم، لتعاني من الشقاء النفسي والاجتماعي، بسبب البعد عن فطرة الإسلام، ما يصرح به عقلاؤها من الذين دخلوا في الإسلام.
ثم يأتي بعد ذلك دور المستغربين المقلدين الببغاوات من تلامذة المستشرقين، لكي ينادوا بمسخ فطرة الإنسان المسلم في بلاده المسلمة. وبعد، أفليس هذا الذي تعترف به هذه الفتاة العصرية من حيرة وضياع هو نتيجة طبيعية لخروج المرأة عن فطرتها وانصرافها عن وظيفتها، واهتمامها بغشيان مجتمعات الرجال، وإنشاء صداقات معهم للظفر بإعجاب كل واحد منهم، على اختلاف الأهواء والأمزجة في نفوس الرجال؟
لماذا هذا الاعتداء على البريئات من بناتنا، لماذا يغرر بهن ثم يقذفن في مستنقع الرذيلة، فيصبحن لا قيمة لهن، ولا يرغب فيهن أحد من الرجال حتى أولئك الدعاة إلى العلمانية والتحرر من القيم والدين. لانهم لا يرضوا لأنفسهم الزواج من امرأة مارست الرذيلة ولو باسم التحرر أي على مذهبهم!! إنهم يفسدونها ثم يتبرؤون منها ومن سلوكها!!
ألم أقل لكم معشر القراء الأفاضل أن هؤلاء شياطين الإنس. ولقد أبى المستغربون من دعاة التربية في بلادنا إلا أن يمارسوا هذه الرذيلة من خلال الكتاب المدرسي: “ينبغي للمرأة.. أن تفتن وتحير وتسحر. وبما أنها تشبه الوثن الذي يعبد، فحري بها أن تستعمل المساحيق ومستحضرات التجميل كي تعشق، ..فتستولي على القلوب وتأسر العقول؟!! ” Royaume du Maorc, Ministère de l’éducation nationale s, 3éme année secondaire 1995 p 380, Manuel du Francai“
هذا النص للشاعر الفرنسي الخليع والماجن “شارل بودلير” الفرنسي، دعوة من “المربين” المغاربة إلى بناتنا البريئات لدفعهن إلى ولوج عالم التبرج والغواية، إن مضمون هذا النص محاولة ماكرة لإقناع الفتاة التلميذة أو الطالبة بأن قيمتها وهويتها وشخصيتها، كل ذلك يكمن في مظهرها الخارجي، وما يمكن أن تنافس به أخواتها مما تتميز به من جمال أو تمتلكه من وسائل الزينة والفتنة.
إن شارل بود لير يطلب من المرأة أن تتبرج و تبالغ في التزين حتى تستطيع (الاستيلاء على القلوب والتأثير في العقول).
ما هذه الوظيفة الدنيئة التي يسندها الشاعر الماجن إلى المرأة؟
وما هي المعاني والأفكار «التربوية» و«الأخلاقية» التي يحتوي عليها هذا «النص التربوي»، والتي يؤمن بها بعض المربين عندنا، والتي أوحت إليهم بإقحامها في الكتاب المدرسي؟ هل هناك أقبح وأشنع من أن يدعو إلى الرذيلة من يدعي القيام بمهمة التربية والدعوة إلى الفضيلة؟” (د. عبد الله الشـارف: أثر الاستغراب في التربية والتعليم في المغرب، 2000م، ص:65).