معجزة اللغة العربية المحفوظة

هوية بريس – أحمد القاري
قبل ثلاثة أيام جرى الاحتفال بأول يوم عالمي للغات التركية.
أصبح اسمها لغات بالجمع، ولم يعد ممكنا الحديث عن “اللغة التركية” بالمفرد لأنها تفرعت إلى تركية وأذربيجانية وكازاخية وأوزبكية وياقوتية وإيقورية وتركمانية وقرغيزية وغيرها.
نالت أيدي السياسيين والحكام من اللغة التركية فأصبحت تكتب بالحرف اللاتيني والحرف الكيريلي إلى جانب الحرف العربي حرفها الأصلي. وحتى في استخدامها للحرف اللاتيني والحرف الكيريلي تعتمد الدول الناطقة باللغات التركية أنظمة كتابة وإملاء وقواعد مختلفة. وكل واحدة منها تأثرت برصيد لغوي مختلف خلال القرن العشرين بسبب الحدود السياسية والإدارية.
ومع ذلك ينتظر أن يصبح الاحتفال باليوم العالمي للغات التركية مناسبة كبيرة ومهمة لأن الجهات الرسمية في الدول المعنية منخرطة في القضية اللغوية ومهتمة بها وتعتبرها من أول القضايا الوطنية.
أما في الحالة العربية، فالاحتفال يجري باللغة العربية، لغة واحدة قواعدها مستقرة ونظام كتابتها وإملائها موحد مع أنه لا يتبع لأي سلطة أو بلد محدد.
إنها معجزة اللغة العربية المحفوظة دون أن تتكفل بذلك أي جهة رسمية أو دولة أو منظمة دولية.
لا أكاديمة ولا مجمع ولا سلطة تقرر الصواب من الخطأ في اللغة العربية. المعجزة الربانية جعلت حفظ القرآن الكريمة حفظا للغة العربية.
خدمة اللغة العربية وتحديد قواعدها والنقاش حولها شأن علمي مفتوح لكل الناطقين بها يساهمون فيه مُقَيَّدين بما استقر منذ صدر الإسلام من مقدمات وأصول ومناهج لا يمكن الخروج عنها.
الفرق بين يوم اللغة العربية ويوم اللغات التركية هو درجة اهتمام الجهات الرسمية ومساهمتها. فرغم تزايد انتباه الحكومات والمنظمات في بلداننا لهذه المناسبة فإن مستوى الاحتفال يبين تراجع قضية اللغة في قائمة الاهتمامات الرسمية.
لذلك فهي مهمتنا أفرادا بالأساس وجمعيات ومنظمات أهلية وإعلاميين ومدونين أن نجعل يوم اللغة العربية يوما لمراجعة ما نقوم به خدمة لها. ومراجعة مدى التزامنا بتعلمها واستخدامها وحث من حولنا على تعلمها واستخدامها. ولن يتأتى ذلك إلا بإعادة اللغات الأجنبية إلى حجمها الصحيح وفق الممارسة الدولية.
وقبل ذلك هذه مناسبة لإظهار فخرنا واعتزازنا باللغة العربية.
لقد خفتت أصوات الانتقاص من العربية لكنها لم تختف. ما زال مطلوبا أن نفرض احترام اللغة العربية واعتبار كل إساءة لها إساءة شخصية لكل واحد منا.
في النهاية: ماذا قدمت للغة العربية خلال العام المنصرم؟ وما الذي تعتزم تقديمه لها خلال العام القادم؟
أثق تماما في أنك ستكون ممن يتشرف بنصرة اللغة العربية، لغة القرآن الكريم، وخدمتها، وخدمة المجمع بالتمكين لها.



