مع حلول ذكراها 38 . . مجزرة “صبرا وشاتيلا”. . أسىً لـم يُنس
هوية بريس – وكالات
لا تزال آلام مجزرة “صبرا وشاتيلا” التي وقعت في لبنان إبان الاحتلال الإسرائيلي عام 1982، تسكن ذاكرة اللبنانيين والفلسطينيين الذين تشاركوا الآلام في صورة موحدة لكل أشكال الظلم والاضطهاد.
ومع ذكرى مرور 38 عاما على المجزرة، لا تزال الذكريات حاضرة مع من شهد المذبحة لينقلوا شواهدها المؤلمة إلى أبنائهم وأحفادهم علّ التاريخ الذي ظلمهم بالأمس ينصفهم يوم ما.
ومجزرة “صبرا وشاتيلا” وقعت في مخيمين للاجئين في بيروت يحملان الاسمين ذاتهما، في 16 شتنبر 1982، واستمرت لمدة 3 أيام، خلال فترة الاجتياح الإسرائيلي في العام نفسه، والحرب اللبنانية الأهلية (1975 – 1990).
ووفق روايات سكان من المخيمين شهدوا المجزرة، فإنها بدأت قبل غروب شمس يوم السادس عشر، عندما فرض الجيش الإسرائيلي حصارا مشددا على المخيمين، ليسهل عملية اقتحامهما من قبل ميليشيا لبنانية مسلحة موالية له.
تلك الميليشيا كانت مكونة من بعض المنتمين لـ”حزب الكتائب اللبناني” المسيحي اليميني المتطرف، بالإضافة إلى ميليشيا “جيش لبنان الجنوبي”، وقُدر عدد الضحايا بين 750 و3500 قتيلا أغلبيتهم من الفلسطينيين.
ويقع مخيمي “صبرا” و”شاتيلا” في الشطر الغربي للعاصمة بيروت، وتبلغ مساحتهما كيلو مترا مربعا واحدا، ويبلغ عدد سكانهما اليوم حوالي 12 ألف شخص (رقم غير رسمي)، من بين 12 مخيما للاجئين الفلسطينيين في لبنان.
** ألم لا يُنسى
وبعد 38 عاما، لم تغب مشاهد المجزرة التاريخية من مخيلة أبناء الشعبين وقلوبهم، وكأنها ترتكب بحقهم كل يوم ولا سيما بحق الضحايا وعائلاتهم.
وتلك المجزرة كانت كفيلة لتؤكد على وحدانية دماء الشعبين وتقاسمهما قضية مواجهة إسرائيل التي لم تترك فرصة إلا ونكلت بالشعبين منذ لحظة إعلان وجودها بالقوة.
أحد الشهود على المجزرة لخص في حديثه للأناضول، الفترة بين تاريخ وقوعها وحتى الآن بجملة واحدة: “أهوالها وآلامها وفظائعها تخيم فوق أرواحنا. لن ننسى، فالأسى لا يُنتسى”.
ويستذكر اللاجئ الفلسطيني الحاج أبو محمد الصالحاني (من مواليد 1923)، أجمل أيام حياته التي قضاها مع صديقه الذي قتل في المجزرة.
ويقول للأناضول: “كنت أبقى عند صديقي أبو أحمد السعيد، وعندما كنت أعود من عملي آتي إليه. إنه أعز إنسان عندي وكان يمثل مرجعية وواجهة للمخيم”.
ويضيف في وصف ما يتذكره من المجزرة، أن “العملاء كانوا يستدعون الشخص بالاسم، وعندما يأتي يطلقون النار عليه من أسلحة مزودة بكاتم للصوت”.
ويتابع: “كل من يجدوه يقتلوه في هذا الشارع (الذي يسكن فيه). الناس قالت ذلك. استمروا في المجزرة 3 أيام ليلا ونهارا وكانت الناس تهرب من هنا. هذا الألم لا يمكن أن ينسى”.
** خديعة القتل
ويسرد اللاجئ الفلسطيني أبو بكر، أهوال المجزرة التي حصلت عندما “لم يعد هناك مقاتلين في المخيمات في لبنان، فاستغل الإسرائيليون وحزب الكتائب الوضع، وبدأوا بذبح الناس”.
ويشرح أبوبكر موضحًا: “كانوا (الجيش الإسرائيلي والكتائب) يطرقون على باب الشخص ويخدعونه باسم جاره فيفتح الباب، وقبل أن يقتلوه يسألوه عن جاره الآخر، ثم يقتلوه وعائلته، وينتقلون إلى بيت جاره وهكذا”.
وبحسب الراوي نقلا عن حديث من عاشوا المجزرة، “فقد كان هناك 5 مسلحين فلسطينيين أطلقوا النار تنبيها للاجئين في مدرسة الجليل، مما دفعهم ذلك للسؤال عما يحصل، فعلموا أن هناك من يقوم بذبح الناس من جهة السفارة الكويتية”.
وكان اللاجئ أبو بكر (45 عاما) ممن تمكنوا من الفرار، إذ يقول “هربت مع جدي وأبي وأمي وإخوتي، وذهبنا إلى مدرسة بمنطقة الظريف”.
** مشهد وحشي
ويروي مشاهد لمرتكبي المجزرة أنه “كان هناك شخص اسمه أبو محمد الدوخي، كان لديه محل صغير يبيع فيه الكاز، وكانت إحدى قدميه مبتورة. كانوا يسحبون الكاز في إبر ويضعونها في قدمه. كان الأمر فظيع جدا”.
ويقول متأثرا: “أرادوا التخلص من الفلسطينيين وقضيتهم، وكان هناك ثأر من الحرب (الأهلية) التي بدأت عام 1975 عندما حصلت معارك بين فلسطينيين والكتائب”.
ويتابع: “هناك من يحمل حقدا على الشعب الفلسطيني، بالرغم من أنه لا علاقة لنا بذلك، نحن أتينا إلى لبنان غصبا، وغدا إذا قرروا أن نعود إلى فلسطين نعود”.
ويرد على اتهامات كانت تتردد بحق الفلسطينيين اللاجئين: “نحن لم نأت لاحتلال لبنان، الناس لا يمكن أن تنسى المجزرة، الأسى لا ينسى. سقط أبرياء كثر من نساء وأطفال، لم يرحموا أحدا”.
ويعيش في لبنان 174 ألفا و422 لاجئا فلسطينيا، في 12 مخيما و156 تجمعا، بحسب أحدث إحصاء لإدارة الإحصاء المركزي اللبنانية عام 2017. (وكالة الأناضول)