مغالطات شعار “تازة قبل غزة”
هوية بريس – جلال اعويطا
والله، بنادم ما فاهم شي لعبة.. مرارًا تصلني مثل هذه التدوينات التي تحمل مغالطات كارثية، ويُسيء أصحابها للمملكة المغربية من حيث لا يعلمون، يظنون أنهم يقدمون نقدًا أو تحليلًا، لكنهم في الواقع يُساهمون بوعي أو بدونه، في خدمة أجندات تُحاول تقزيم المغرب والإساءة لتاريخه ومكانته.. المغرب أكبر بكثير مما يتصور هؤلاء!
أولًا، لا يمكن تصور المغرب كدولة إلا بامتداداته الإجتماعية والثقافية التي تجاوزت حدود الجغرافيا منذ قرون، هل يمكن لمن يزعم فهمًا أن يغفل دور الملوك العلويين، بدءًا من مولاي إسماعيل، في تعزيز الوحدة وحماية المقدسات؟ هل يجهل أن المغرب كان دائمًا في مقدمة المدافعين عن فلسطين منذ أن كانت تحت الخلافة العثمانية وحتى يومنا هذا؟ المملكة المغربية ليست فقط جغرافيا، بل تاريخ يحمل إرثًا عميقًا من الإلتزامات تجاه القضايا العادلة ومن يُريد تصوير غير ذلك، إما أنه يسعى إلى خلق صورة ضعيفة للمغرب تتناسب مع أهوائه، أو أنه يجهل تمامًا التاريخ المشرق للمواقف المغربية الراسخة..
ثانيًا، شعار “الله، الوطن، الملك” ليس مجرد كلمات تُردد بلا معنى، بل يحمل فلسفة عميقة تُلزم المملكة وملوكها وشعبها بالوقوف مع المظلومين والدفاع عن القيم، هل ننسى أن ذكر “الله” في الشعار يعني أولًا وأخيرًا تحقيق العدل والرحمة؟ مع كامل الآسف هذه النخب المزورة تُريد أن نفهم الشعار بمعزل عن المسؤوليات الأخلاقية؟ الدفاع عن غزة، والقدس، وكل مظلوم، هو امتداد لهذه المسؤولية التي تتماشى مع الهوية المغربية..
ثالثًا، من يُفكر بمنطق “تازة قبل غزة” يُضيق واسعاً وكأن الدفاع عن القضايا الداخلية والخارجية متناقض، المملكة المغربية قيادةً وشعباً أثبتوا مراراً أن قضايا الأمة الإسلامية لا تتعارض مع المصالح الوطنية ..
وهنا أذكر فقط كلمات لآخر ثلاث ملوك محمد الخامس رحمه الله (لا يمكن للمغرب أن ينسى إخوانه المسلمين في كل بقاع العالم، وقضية فلسطين ستظل أمانة في أعناقنا ندافع عنها في كل المحافل الدولية، لأنها جزء من عقيدتنا وهويتنا)..
الحسن الثاني رحمه الله في إحدى كلماته بمناسبة تأسيس لجنة القدس (نحن لسنا أوصياء على القدس، بل نحن خدام لها، وما نفعله من أجلها هو واجب تمليه علينا عقيدتنا وتاريخنا، ولن نسمح بأن تضيع وهي أمانة في أعناق المسلمين جميعًا)..
محمد السادس نصره الله في إحدى رسائله الموجهة إلى الأمم المتحدة (القدس ليست مسألة تخص الفلسطينيين وحدهم، بل هي مسألة تهم العالم الإسلامي بأسره. وسنظل في المغرب، تحت راية الله والوطن والملك، ملتزمين بالدفاع عن القدس الشريف، ودعم صمود سكانها، وترسيخ هويتها العربية والإسلامية)..
رابعًا، من يحاول تقزيم المملكة المغربية اليوم في إطار محلي ضيق، يُقدم خدمة مجانية لأعدائها، هؤلاء الذين يسعون للحد من امتداد المغرب الحضاري والتاريخي هم أنفسهم من فتحوا المجال بسبب ضيق تصوراتهم وجهلهم بالتاريخ لجرأة حفنة من المرتزقة على المساس بوحدة أراضيه، قضية الصحراء المغربية لا تُحفظ إلا بحفظ امتدادات المغرب الطبيعية والتاريخية، التي لا تنفصل عن هويته العريقة ومواقفه الثابتة..
خامسًا المغرب أولًا وأخيرًا، بامتداداته التاريخية والحضارية، بثقافته الغنية والمتنوعة، بمبادئه الراسخة، بنخبه الوطنية المتصالحة مع ذاتها ومع القضايا العادلة أينما كانت، وبشعبه الواعي الذي يُحاول مقاومة كافة أشكال التلوثات الفكرية الدخيلة التي تهدف إلى تشويه هويته أو تقزيم مكانته!