مقالات بمناسبة الدخول المدرسي.. الدولة والتعليم المدرسي الخصوصي وسؤال الجودة والجدية
هوية بريس – د.خالد الصمدي
صرح الناطق الرسمي باسم الحكومة اليوم على هامش انعقاد مجلسها الأسبوعي بأن الوثيقة التعاقدية بين جمعيات الآباء ومؤسسات التعليم الخصوصي قد قطعت أشواطا مهمة على مسار الاعداد التوافقي، أملا في تمكن هذه الوثيقة من مأسسة هذه العلاقة وتجاوز العديد من الاشكالات التي تعرفها على مستوى الأثمنة وجودة الخدمات.
وإذا ما وضعنا هذا التصريح في سياق ما ينجز وما ينبغي إنجازه في إصلاح هذا القطاع،
فإننا نجد أن القانون الإطار 17-51 يعتبر التعليم الخصوصي شريكا للقطاع العام في المنظومة التربوية، وينص في العديد من مواده على الإجراءات التي ينبغي تنزيلها عمليا لضبط هذه العلاقة وتنظيمها وتجويدها، مع اعتباره قطاعا يخضع لمبدا المرفق العام ويؤدي وظيفة تربوية بتفويض من الدولة بناء على دفتر تحملات.
وسعيا إلى إعطاء نفس جديد لهذه العلاقة التشاركية والرفع من جودتها نص القانون الإطار لاول مرة على ضرورة إخراج وثيقة مؤطرة تسمى “الإطار التعاقدي الاستراتيجي الشامل بين الدولة والقطاع الخاص”، كما نص على ضرورة إعادة النظر في القانون المنظم للقطاع 06-00 والذي اظهر منذ تطبيقه على مدى يقارب ربع قرن جملة من الثغرات التي ينبغي أن تستدرك ، والمواد التي ينبغي ان تحذف أو تعدل، وأفرز تفاوتات بين هذه المؤسسات في جودة الخدمات، و ضعف المراقبة والمواكبة من طرف بعض المديريات في القطاع الوصي، كما كشف عن توترات بين هذه المؤسسات والمرتفقين، خاصة في الأثمنة وجودة الخدمات ، وتصنيف هذه المؤسسات.
وبناء عليه نقول للسيد الناطق الرسمي باسم الحكومة إن التعليم الخصوصي ليس علاقة بين الأسر وأرباب المدارس تضبط بتعاقد بين الطرفين، وإنما هي علاقة بين الدولة والقطاع الخاص أولا تتداخل فيها قطاعات حكومية ومؤسسات عمومية عديدة، وأول ما ينبغي أن يستدرك من التأخرات في هذا الورش هو إخراج ” الإطار التعاقدي الاستراتيجي الشامل بين الدولة والقطاع الخاص السالف ذكره، مع تحيين القانون 00-06 المنظم للتعليم الخاص، وأن أي إجراء فرعي ينبغي أن ينطلق من هذا الاصل، الذي يحدد قواعد الاستثمار في القطاع و يربط التحفيزات بالاستثمار في المناطق ذات الخصاص لدعم مجهود الدولة في تعميم التعليم خاصة في التعليم الإلزامي عوض التمركز في المدن الكبرى، ويحدد آمادا زمنية لاستقلالية القطاع بموارده البشرية وضبط وضعيتها الإدارية والبيداغوحية والمالية، وتحديد سلة الخدمات التي تقدمها هذه المؤسسات المرافقين وما يناسبها من أسعار ، وغير ذلك من المقتضيات.
إن عدم إخراج هذا الإطار التعاقدي الاستراتيجي الى حيز الوجود، وعدم مراجعة وتحيين القانون 00-06 بعد مرور ست سنوات على صدور القانون الاطار، سيجعل كل إجراء فرعي غير ذي جدوى، وخارج ما ينص عليه القانون، ويسقط في عدم احترام تراتبية النصوص القانونية التي سبق أن نبه إليها المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي.
ووحدها هذه الإجراءات المهيكلة هي التي يمكن أن تدل على الجدية في التعاطي مع هذا الملف الذي عمر طويلا، بنفس الاشكالات ونفس طرق معالجتها، فهل ستعرف هذه السنة الدراسية خلخلة لهذا الوضع وسعيا جادا لمعالجته بتنزيل مقتضيات القانون الإطار ذات الصلة؟ عوض ترك الحبل على الغارب بين القطاع والأسر والاكتفاء بالمراقبة من بعيد، مع ترديد عبارة أن القطاع يخضع لقانون المنافسة وحرية الأسعار.
إن الجميع لمنتظرون.