مقاومة احتلال فرنسا لصحراء المغرب الشرقية من خلال الرسائل الفرنسية الرسمية (ج3)
هوية بريس – ذ.إدريس كرم
ملخص الرسالتين:
تتحدث الرسلة الأولى عن عدم تجاوب المخزن مع تظلمات الفرنسيين بالجزائر من هجمات المغاربة على مراكز قواتهم الثابتة أو الطوافة.
أما الثانية فتتعلق بفرنسي يدعى (بوزيت) جاء مع جماعة في مركب عبر واد كيس لقبيلة بقيوة، فأصابه طلق ناري، لما حاول الفرار للمركب الذي جاء فيه مع من كان معه، والذي تم اعتقال أربعة منهم.
الرسالة رقم11
***تظلم فرنسا من سلوك الحكومة المغربية، في عدة قضايا، منها: اتوات
نص الرسالة:
من ريفو وزير الجمهورية الفرنسية بطنجة
إلى: السيد دلكاسي وزير الشؤون الخارجية
طنجة في 1901/5/17
في الوقت الذي نضطر فيه إلى اللجوء في مواجهة المخزن، لوسائل الضغط، قصد الحصول على تعويض أعمال الخداع الشامل، لسوء فهم واجباته تجاه الأمم المتحضرة، ربما لم يكن من المفيد إجراء فحص سريع لحالة علاقاتنا مع الحكومة المغربية، وتقييم وضعها فيما يتعلق بفرنسا.
يمكن القول دون مبالغة أن حساب المخزن في الوقت الحالي معنا مثقل بخطر السلبية.
منذ آخر سفارة للسيد دومنبيل لدى -البلاط المغربي-
أبريل -يونيو1898 لم نتلق أية إجابة بشأن أية مسألة ذات أهمية.
ظلت القضايا التي عالجها سلفي أثناء سفارته، معلقة لما يقرب من ثلاث سنوات، في حين أن تلك التي انتظرها زميله من ألمانيا، والتي تفاوض بشأنها في نفس الوقت ونفس الشروط، تمت تسويتها بعد فترة وجيزة من عودته، وبدون مساعدة من مظاهرة بحرية ضاغطة.
بفضل مجهودات هذه المفوضية، حدث بعض التحسن مؤخرا، حيث تمكنت من بعد مفاوضات شاقة من التوصل لاتفاق بشأن الشكاوى الرئيسية التي تركت معلقة، ؛ومع ذلك، لم يكن الأمر كذلك دون التعرض مرة أخرى للإدارة السيئة للمندوب الشريفي المسؤول عن هذه المفاوضات.
فقد انصرمت المواعيد المتفق عليها لتنفيذ هذه اللائحة لأكثر من شهرين دون المصادقة عليها، ووصول أوامر المطابقة المخزنية لطنجة.
فيما يتعلق بالمسائل ذات الترتيب الأكثر خصوصية، فإن ملاحظة سيادتكم تضع بالتأكيد في اعتبارها التفكير في الأخطاء الجسيمة التي يبدو أن الحكومة الشريفة، ترفعها في وجه فرنسا، بالنسبة لمسألة اتوات، ضد قواتنا.
هذا العدوان الطويل غير المبرر الذي تمتلئ به تقارير متوالية للحكومة العامة الجزائرية، حيث أظهر المخزن بشكل ما تراجعا عن التزاماته المباشرة في هذه الحوادث، وذلك بتواطئه الواضح في الهجوم على تيميمون، الذي تم الإعداد له تحت سمع وبصر مولاي رشيد، ولكلاوي، ليس فقط من قبل الرحل الذي من بينهم من هو خاضع لنا، وإنما من قبل فخدات مستقرة في محيط خليفة السلطان بتافلالت.
ثم هنالك الخطوات الدبلوماسية لشرح هذا التصرف الفريد الغير السليم، الذي قام به المخزن لذا مختلف الحكومات الأوربية، أثناء عملياتنا في اتوات، وهي خطوات فاشلة من الأول، لم تفت في عزمنا، وكما يبدوا، فقد واجهناها اليوم لذى بعض القناصلة، فاستقبلوها بتحفظ.
وأخيرا، حتى في قضية (بوزيت) المؤسفة، لم تتم العودة للبيان الكامل لشكاوينا، كما لاحظنا عدم ملاءمة تصرف ممثل السلطان في طنجة للأحداث، حيث تجرأ على مطالبة وزير فرنسا، بمعاقبة الفرنسيين الذي سقط أحدهم، تحت ضربات مسؤول مغربي، ولم يجدوا كلمة ندم، للتعبير عن هذا الحدث، بالرغم من توصله بالمعلومات، حول ما جرى، جعلته يدرك بلا شك العواقب المترتبة عليه، سواء الشخصية أو العامة،
لذلك كان الإجراء حقا طافحا، وسيكون من الصعب تخيل الظروف التي مرَّ فيها الموقف النشط، المتخذ من قبل الحكومة الفرنسية، ما إذا كان ملائما، وأضيف، مناسبا أكثر.
منذ أمد بعيد (نونبر 1896) حيث سوينا بعض الشؤن بدعم من المدمرة (ألبرفيل) مع القِوى المنافسة، ليس بسبب خطإ وظيفي في تسوية شؤونهم، وإنما تماشيا مع الطريقة الكلاسيكية للاحتجاج البحري.
لم تكتسب أي من القوى العظمى بالمغرب لنفسها -فيما يتعلق بالحفاظ على الوضع الراهن- المميزات التي تمكنها من الاحتجاج به على ضياع مصالحها، مثل ما ارتضينا تقديمه يوميا من تضحيات.
تقريبا الجيران الوحيدون للمغرب على الأرض، المتصلون بسكانه، على طول حدود طويلة ممتدة لحد ما، مستفيدون منذ عام 1845 من معاهدة توصلت لها القبائل المغربية، والمغرب نفسه باستمرار، ولم نقم قط بانتهاك هذا الوضع، لكننا أيضا أهملنا بشكل منهجي الفرص الأكثر شرعية، لخداع الحكومة الشريفة بانتقامات أو مزايا، ربما كان من السهل على الأخرين، الاستسلام لها والتهاون فيها.
مثل هذا الولاء المستمر والراسخ، يضع فرنسا -سواء فيما يتعلق بالمغرب أو القِوى الأجنبية- في وضع قوي وصريح للغاية، بحيث يمكنها تأكيد سياستها بوضوح أكبر، سواء اليوم، أو عندما تقتضي سيادتها الحفاض على حقوقها، والمطالبة بها.