مقاومة احتلال فرنسا للصحراء المغربية الشرقية من خلال المراسلات الرسمية الفرنسية (5)
هوية بريس – ذ.إدريس كرم
– ملخص:
تبين الرسائل أساليب القبائل والمخزن، في مقاومة وعرقلة تمدد فرنسا فى الصحراء جنوب وهران، وشرق وجنوب تافلالت، والتي لم ينفع معها تهديد ولا وعيد، والدليل على ذلك أن الحكومة الفرنسية قررت تنفيذ احتلال نقطة أسفل جبل بشار، الذي كان خاضعا للسيادة المغربية، لذلك أخبرت المخزن، لحمايته أو التبليغ باستعداد مهاجميه، والذي تم بالفعل، مما جعل الفرسيس يرددون، بأن مهاجمة المراكز الفرنسية تتم برضاء من السلطان، ومساعدة المخزن، الأمر الذي أفسد المخططات الفرنسية في المنطقة.
– كلمات دالة:
مولاي اعمر بن مصطفى الحنفي، اعْوِيدَر، تيزيمي، أيت خباش، آيت عيسى، أيت اسعيد، اعريشة، آيت عطا، صبَّاح مولاي شيد، ادغرة.
– نصوص الرسائل:
الرسالة رقم 126
معلومات جديدة حول معركتي تاجِّيت والمنكار -مسؤولية الحكومة المغربية.
من جونار حاكم الجزائر العام
الجزائر في 7 أكتوبر 1903
غالب الهجمات التي قامت بها قبائل تافلالت على تاجيت، كانت مضمنة في جميع التقارير الواردة من مراكزنا جنوب وهران.
فمنذ شهر يوليو، تم الإعلان من بني عباس، على تشكيل حرْكَة قوية جدا، تتكون من قسم كبير من رجال تافلالت برئاسة مولاي اعْمر بن مصطفى الحنفي من تيزيمي، (تافلالت).
بعد ثلاثة أيام من معركة حول تاجيت، فرَّ جزء من تلك الحركة، في اتجاه تافلالت، وأكد الأسرى الذين تم استجوابهم، أن رئيسهم هو مولاي مصطفى، وخليفته هو اعْويدير، وأن آيت خباش، آيت عيسى، أيت اسْعيد، وقبائل أخرى من هذه الواحة، شاركت في هذه الحملة.
وصلت قافلة يوم 16 شتنبر إلى اعْريشة، وأفادت طبعا بأن رجال تافلالت (برابر، آيت عطا، صبَّاح)أرسلوا ثلاثة آلاف من المشاة أمام تاجيت.
ولاء أهل تافلالت للسلطان لم يكن محل خلاف، كان حاكم هذه الواحة منذ فترة طويلة، هو مولاي رشيد، عمُّ السلطان عبد العزيز، أما رئيس الحرْكة، فهو مولاي اعْمار من شرفاء امْدغرة، أي من العائلة الشريفة الحاكمة.
أشارت أحد التقارير المذكورة، إلى ارتفاع منسوب الحماس الذي يعم تافلالت، بعد ما سمي؛ انتصار السلطان، ومولاي رشيد بعث للمخزن في أواخر غشت، مابين 15 و1800 من المشاة، ومع ذلك يجب أن أضيف بأنه سبق لنفس حاكم تافلالت، أن نبهونا لأكثر من مرة بشكل غير مباشر، بتوجه حركة نحو أراضينا.
يمكن للمخزن إذا رفعت عليه دعوى، مناقشة موضوعها بالتفصيل، لكن لا يمكن أن يسود ضد حقيقتين لا جدال فيهما:
1- الحركة تم تجنيدها بشكل رئيسي في تافلالت، وهي منطقة بقيت وفية للسلطان.
2- لم يخطرنا المخزن بتجمع هذه الحركة، التي كانت تستعد ضدنا، مند أكثر من شهر، والتي لم يكن يجهل أمرها، مع أن الأخبار تنتقل بسرعة في المغرب أكثر مما في الجزائر، ونحن بنفسنا، رصدنا تلك التحركات التي تنطوي على مسؤولية الحكومة المغربية، التي لا شك فيها كما يبدوا لي.
الرسالة رقم 132
خطاب موجه للمخزن في موضوع مهاجمة الحدود الجزائرية، صحبة تقرير من نائب القنصل بفاس.
من ديلكاسي وزير الشؤون الخارجية
إلى جونار الحاكم العام للجزائر
باريز في 1903/12/19
في عدة لقاءات تلطفت بإخباري بما كنت قادرا على جمعه من معلومات حول موضوع الهجمات التي سيرت من قبل القبائل المغربية ضد مواقعنا وقوافلنا، في جنوب وهران، المعلومات المتجمعة تفيد بأن المخزن لم يكن غريبا عن تنظيم الحركات التي أتت بشكل دوري لمهاجمة قواتنا في المنطقة الصحراوية.
مما لا شك فيه، الفوضى التي تكافحها الإمبراطورية الشريفة منذ عدة شهور، لم تسمح لنا بإلقاء كل المسؤولية على السلطان، في الأفعال المرتكبة التي عانينا منها، فهذه الأفعال مرتكبة من قبل الأهالي الذين يفرون في غالب الأحيان، من سلطة الإمبراطورية،
لكننا نلومه عن عدم تحذيرنا من التحركات التي يتم التحضير لها على أرضه، والتي يصعب الإعتراف بأنها لم يكن على علم بها.
لذلك لم أتردد في أن آمر القائم بالأعمال في طنجة بإخبار المخزن بمظالمنا المشروعة، وأننا من الآن فصاعدا، سنحمله مسؤولية عدم تبليغنا، بمحاولات الهجمات التي سيتم التخطيط لها ضدنا، في نفس الوقت، سيقوم السيد ديسكون، بلفت انتباه الحكومة الشريفة، للتذابير ذات الطبيعة العسكرية التي قرر مجلس الوزراء اتخاذها، على المنحذر الغربي لجبل بشار بهدف حماية خطوطنا في الزوزفانة
أخبرني مندوبنا بنتيجة سعيه، لتنفيد ما كلفته به، المخزن كما أظن، فهم أهمية التنبيه، الذي وجه له، والتصاريح التي قدمت لنائب القنصل بفاس، من قبل عبد الكريم بن سليمان، جاءت على الشكل الذي يرضينا كما ستقرأ في التقرير المرفق نسخة منه للسيد كيار المخزن ملتزم ليس فقط ببدل مجهوداته، لجلب مشاعر التهدئة للقبائل المجاورة لحدودنا، بل أيضا لإخبارنا كلما كانت هناك بواذر تنظيم حركة معادية بالرغم منه من طرف هذه القبائل، من جهةأخرى يعترف بشرعية تذابير الحماية والمعاقبة، التي نضطر للجوء إليها، ولا يعارض قرارنا في احتلالنا نقطة، تقع على المنحذر الغربي، لبشار بشرط تجنبنا الدخول في بعض القصور واتخاذ بعض المواقف المخالفة لاتفاق 1901-1902.
ديلكاسي
نص التقرير الذي أشار له ديلكاسي في رسالته السابقة
المرفوعة من نائب القنصل الفرنسي كيار بفاس
للسيد ديسكوس المكلف بالشؤون الفرنسية بالمغرب
فاس في 1903/11/24
يشرفني إبلاغكم بأنـي أجريت اليوم مع السي عبد الكريم بن سليمان، المساعي التي كلفتنـي بها في مواضيع الحوادث الأخيرة بجنوب وهران.
لم أغفل التأكيد على خطورة تلك الحوادث، وجعلته يدرك جيدا بأن تلك القبائل المدانة، فرت من سلطات المولى عبد العزيز، وأن المخزن تهاون في تحذيرنا من تحركاتها، في حدود مسؤولياته، وقد قاطعني السي عبد الكريم قائلا: بأنه كان على علم بالأحداث التي كنت أتحذث عنها، ولاسيما قضية المنجار، وأنه عرف الصحف بالتعليقات الخبيثة، التي نشرتها الصحف ضد المخزن لكن من تشرَّب تلك التعليقات، لن يستطيع الصمود أمام تدقيق الأشخاص المطلعين، على شؤون المغرب والصحراء.
إن الحكومة المغربية خاصة في الظروف الحالية، لذيها الكثير مما تخاف عليه، من أية تعقيدات تخلقها الحدود بنفسها عند إنشائها، ليس فقط لأن سلطتها الفعالة لاتمارس على القبائل جنوب فكيك، لكن هذه القبائل ليس لها تواصل مع ناحية فاس، وبعض الشخصيات من تافلالت التي شاركت مع البرابر في حادثة المكار، تشكل في الحقيقة عناصز اضطراب في تافلالت نفسها حيث يمثلون معاوضين لمولاي عبد العزيز.
“قال لي بأن السلطان مستاء للغاية من هذا الوضع وكنا سنكتب لكم، كقائم بالأعمال عند وصولك لفاس تلقيت تعليمات من جلالة الملك لإخبارك رسميا، حتى تتمكن من الإبلاغ بذلك… إذا ما كان في وسعنا معاقبة القبائل المعتدية فسنفعل، لكنك تعلم أن ذلك غير ممكن، وعلى أي حال، فنعِدُك ببذل كل الجهد لتحقيق الأمن في المناطق التابعة لنا”.
بعد ذلك أكد لي السيد عبد الكريم بن سليمان، بإن المخزن الذي يتابع في هذه اللحظة مسألة المنكار لم يطلع على تفاصيلها إلا من خلال الصحف، هو أمر لا يثير الدهشة على حد قوله، بالنظر لعدم وجود تواصل في الوقت الحالي، خاصة مع الجنوب الشرقي للمغرب.
الجيوش والغزوات مثل القوافل الموجودة عادة لدى القبائل الرحل في هذه النواحي، صخبها المتعلق بتنفيذها، أو باستعدادها، لا يصل أحيانا لفاس إلا مُحَوَّرا، من قبل رُوَّاة غير موثوقين، كما أصررت على ضرورة إطلاعنا على تحضيرات القبائل عندما يرفضون اتباع طريق التهدئة، وصرح لي بأن المخزن لن يتوانى عن إبلاغنا، لكن مولاي رشيد ممثل السلطان بتافلالت لم يكن كذلك منتظما، بسبب تأخر وصول سعات البريد، الذين يستغرقون مسيرة خمسة أيام في الذهاب من تافلالت لفاس، ومثلها في العودة رجوعا، في هذا الفصل قد لاتصل المعلومات في الوقت المناسب بسبب صعوبة الذهاب والإياب من فاس لطنجة.
لقد اقترح علي بشكل عفوي بأن يبعث لمولاي رشيد بأوامر شريفة، بالإلتقاء مباشرة بعامل فكيك، ليكون على علم بكل الإستعدادات المعادية الموجهة ضد مراكزنا العامل من جهته توصل بأمر وجوب إخطار رئيس مركز بني ونيف، لقد وافقت بطبيعة الحال على هذه الفكرة التي تندرج ضمن روح الفصل الأول من الاتفاق الفرنسي المغربي لــ1901-1902.
كما أبلغت السي عبد الكريم بالقرار المتخذ بتمديد الخط الحديدي، لغاية بن زيرك واحتلال نقطة على المنحدر الغربي لبشار، ولم أفوت تعليل سبب هذا الإجراء، بكثرة الإعتداءات المتزايدة، المسيرة ضد وحداتنا، وعدم قدرة الحكومة المغربية على منعها.
الوزير أكد لي في الأخير، مرة أخرى، بأن المخزن سيجري أكبر حساب لنصائحنا، وأنه أول من ينشد الهدوء في الصحراء، والمناطق الحدودية، وعبر لي عن أمله بأن السي محمد الكباص سيراجع، كل التدابير لتطبيق هدف الاتفاقات، وهو الغرض من بعثته.
الرسالة رقم133
بلاغ بحركة غرب تافلالت
من ديلكاسي وزير الشؤون الخارجية
إلى سان روني وزير الجمهورية الفرنسية بطنجة
في باريز بتاريخ 1903/12/20
أبلغني الحاكم العام للجزائر، أنه تلقى من مبعوثيه في تافلالت، بأن فرقة مهمة تستعد في الحجرة البيضاء (غرب تافلالت) بتحريض من اولاد جرير والبربر، لمهاجمة المركز الجديد الذي أنشأناه قرب بشار، وذلك بعد رمضان، وقد تم إبلاغه، وهو جاهز لاستقبالهم.
يرجى حمل هذه المعلومات للمخزن، كي يتخذ المتعين، لإبعاد كل مسؤولية عنه، وتسجيل موقفه بوضوح، باستخدامه جميع الوسائل الممكنة، لمنع هذا العدوان الجديد.
وتأتي هذه التضاهرة في الوقت المناسب، حيث انتشرت الشائعات بين القبائل، بأن السلطان يرى بعين الرضى، تحضير هذه الأعمال العدائية الجديدة.