مقتل محسن فكري.. من المسؤول؟!
هوية بريس – نبيل غزال
لا يملك إنسان حرٌّ شاهدَ صورة محسن فكري وهو محشور بين صفيحتي حديد تطحنه آلة الأزبال والنفايات إلا أن تغلي الدماء في عروقه، ويسارع إلى أن يبدي رفضه لهذا المنكر والسلوك الهمجي، ويشجب هذه الجريمة اللاإنسانية النكراء.
شاب في عنفوان شبابه، يسعى لتحصيل لقمة العيش الكريم بكده وعرق جبينه يواجه بهذه القوة، ويتعامل معه كحشرة أو كيس قمامة يجب سحقه والتخلص منه على الفور.
من المفترض أن علاقة السلطة بالمواطنين قد تجاوزت هذه المرحلة، وتم القطع من هذا النوع من السلطوية المفرطة الموغلة في الظلام، لكن الواقع يكشف غير ذلك.
إن مصيبة مقتل محسن -رحمه الله- تلخص مسلسل تعامل كثير من رجال السلطة مع المواطنين..
تلخص كيف تتدخل نفسية رجال السلطة في تطبيق القانون..
تكشف الهوة الكبيرة بين بعض رجال الأمن والمواطنين..
تكشف كيف يُستغل منصب السلطة التنفيذية في ظل الفساد لتكديس الثروة وفرض الإتاوات والرشاوى على المواطنين..
تكشف منطق التعالي والتعامل بسلطوية وعنجهية تكرس ثقافة الظلم و(الحكرة).
أشهر قليلة فقط مرت بِنَا أحداث مشابهة؛ فمن اختلاس مليار من ميزانية أمن طنجة وتورط أمنيين ضمن شبكة للتهجير السري، ومرورا بقايد القنيطرة الذي تسبب في حرق “مي فتيحة”، إلى قايد الدروة الذي ابتز امرأة متزوجة ليشبع نزواته الحيوانية، وغيرها من الفضائح التي هزت المجتمع.
هذه الوقائع تمس بصورة المغرب وتشعر المواطنين بالإهانة والحط من كرامتهم، والمس بكبريائهم.
فدور الأمني أو الشرطي بالتحديد هو أن يكفل حقوق المواطن ويمنع أية حالة اعتداء عليه، لا أن يهدر حقوقه ويعتدي عليه بالصورة التي شاهدنا عليها محسن فكري رحمه الله.
نعم لا أحد يدعو إلى الفوضى ومخالفة القانون، لكن في الوقت نفسه يجب النظر إلى أن كثيرا ممن يخالف هذا القانون من باعة متجولين وحرفيين ومن يبحث عن لقمة العيش في هذا الزمن الصعب، يضطر إلى مخالفة القانون لتيسير أموره وضمان قوت يومه، وهذا معطى جوهري يجب أخذه بعين الاعتبار حين نتحدث عن تطبيق القانون، وعن العدالة الاجتماعية، وعن دولة الحق والقانون، وحين نضع استراتيجية تدبير الشأن العام.
لن نستبق نتائج التحقيق، ولن ندع عواطفنا تغلبنا، ولن نستغل الحدث لتصفية الحسابات.. كما سبق وفعل بعض المتدخلين في هذا الموضوع، لكن ما وقع بالحسيمة ظلم واضح.. وإهانة لسمعة المغرب وصورته في الداخل والخارج.. وهو حدث يجب الوقوف عنده مليا لاستخلاص الدروس، ومراجعة علاقة السلطة بالمواطنين وإيلاء اهتمام كبير للشباب والطبقة المسحوقة التي كانت تعاني بالأمس في صمت لكنها اليوم ترفع صوتها عاليا مطالبة بحقوقها ورفع الظلم والجور عنها..
فغياب العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروات، والشطط في استعمال السلطة، أسباب ساهمت في موت محسن، من أجل ذلك يتعين إخراج نتائج التحقيق، ومحاسبة المتورطين في الجريمة على الفور، لتسكين الشارع وتجنيب البلد فتنة وقانا الله شرها.