ملاحظات على المسألة المغربية (1903م)
هوية بريس – ذ.إدريس كرم
نحن لا نعني في هذه الملاحظات القليلة، أننا سنتناول المسألة المغربية، التي سبق أن نوقشت هنا مرارا وتكرارا، كما أننا لا نحاول الإشارة، إلى الحلول التي لم يجدها أصحاب الكفاءة بعد.
إنها مجرد مسألة توضيح الوضع الحالي لمسألة كبيرة وحساسة للغاية، وربما لن يكون هذا الملخص عديم الفائدة.
تمييز ضروري
لا بد أولا من التمييز بين “الشؤون الجنوبية “والمسألة المغربية نفسها تقول، لا يمكننا فصل أحدهما عن الأخرى بشكل مطلق، لن يتحقق لنا السلام على الحدود الوهرانية، إلا في اليوم الذي سيكون فيها سائدا بفاس، ويحتمل فيه أن نسيطر على الصحراء المغربية كما فعلنا بالنسبة للصحراء الجزائرية
لكن ليكون هذا صحيحا، يجب أولا حل مسألة فاس، والتي في جنوب وهران، يجب حلها بشكل منفصل، وبوسائل مختلفة تماما، لا يمكننا تكرار بأن الأولى لا تعتمد على الثانية بأي حال من الأحوال،
نريد (نأخذ هذه الكلمة بالمعنى الأكثر سلمية) المغرب عبر الجنوب، عبر الصحاري الرهيبة التي تمتد جنوب الأطلس، ستبقى العزلات الوهرانية ستكون سخيفة وغامضة، تافلالت خاضعة دائما للتل المغربي، وينعت بتل تافلات
أما وجهة النظر الثانية، فهي قضية المسؤولية، وقد أوضح السيد جونار ذلك بشكل مشروع في خطاب ألقاه مؤخرا، في ملتقى “الدراسات الجزايرية ” بقوله ؛إذا كانت الحكومة العامة حرة في التحرك على حدود وهران، فهي على حد تعبيره، مجرد ” خادم متواضع”
لوزارة الخارجية، فيما يتعلق بمسألة المغرب، “فالأمر في الأخير، هو قبل كل شيء، شأن حكومي، وهو بلا شك من أهم القضايا التي تجعل الموجودة على الإطلاق، أن لكل ما هو مستحق له.
مسألة الجنوب
من العدل أيضا أن نضيف أن السيد جونار يدرك الصعوبات التي يجب أن يواجهها في الجنوب، احتلال اتوات، قلق وغضب قبائل برابر الصحراء المغربية. الحاجة إلى الإمدادات على طريق 800 كلم شاقة وصعبة، إن وجدت، جعلتنا على اتصال مع عدائي الصحراء هؤلاء، نهاب، ومتعصبين للجهاد المقدس وأجر الصيام، الذي يدفعهم لمضاعفة قيامهم بهجمات
متواصلة، كبدتنا خسائر فادحة، في الأرواح والمعدات منذ أكثر من عام.
استيحاء من الأفكار التي ذكرنا بها من بالأعلى، قرر الحاكم العام، بالنسبة للمستوى الدفاعي، أن يضع مراكرنا في مستوى المقاومة، لتحسين مراكزنا، نحن متأكدون من مقاومة الهجمات العنيفة، وأيى قوة غير متوقعة، -تاجيت قامت بهجوم من قبل حرْكَة مكونة من 8000 شخص فيهم 4000 محارب -لقد تقرر رفع القوات المتحركة الدائمة الإستعداد، للذهاب لمراكز الإنقاد التي نشرناها على طول طريق الإمدادات، لكن هذا الإجراء، لا يبدو كافيا حتى الآن
واد الززفانة الذي تعبره القوافل، توجد به من جهة الغرب، سلسلة جبال بشار، حيث تتمركز خلفها الوحدات القادمة من مختلف نقاط الصحراء المغربية، التي اعتبرناها ضرورية لاحتلال هذا الخط، الذي سيضاعف خط الززفانة، وسيكون بمثابة غطاء ضروري، واد بشار أصبح الأن مراقبا بعد إقامة مراكز في : بن اخليك، خط السكة الحديدية جنوب وهران، سوف يمتدلهذه النقطة الأخيرة، التي ستصلها خدمات التلغراف.
وهكذا فإن تجديدات الدفاع، ستؤدي إلى توسيع الإحتلال العسكري نحو الغرب، والزيادة في عدد المراكز، وبالتالي رفع وتيرةالإمدادات، والمزيد من خطوط السكة الحديدية، التي لم تقترحها الدراسات المتخصصة، بل أملتها متطلبات الموقف لمنع تكرار هجمات، مثل ما وقع في تاجيت، وضمان الأمن الكامل لمراكزنا.
مسألة فاس
من الواضح أننا سنضطر طوعا أو كرها، إلى إيجاد علاج لوضع لا يطاق على حدودنا، وحتى لو لم تدفعنا اعتبارات أخرى، فإننا سنسعى إلى تسريع حل مسألة فاس، سيكون من الأحسن الإصرار على هتين النقطتين ؛أهمية رأس مال المغرب، بالنسبة لأسياد الجزاير وتونس، والقيمة الحقيقية لهذا البلد.
السيد دوسيكونزاك، بعد دوفوكو، وبعد آخرين، سلطوا الضوء على تفوق التل المغربي على ممتلكاتنا الأخرى في شمال إفريقيا، نحن نعرف الثراء الرائع لبعض الوديان التي تسقيها المياه التي بوفرها قمم الأطلس الثلجية، كما نعرف جمال مراعيها، ووفرة غابات وقطعان هذه المناطقة الجميلة، ولا نتجاهل صفات سكانها، الذين يزودون الجزاير بالكثير من العمال الأقوياء
وأخيرا أوضح السيد إيتان في كلمة واحدة، حاجة فرنسا إلى الإحتفاظ بالمغرب، من أجل سياسته المستقبلية
مضيفا بأن الإسلام جزء لا يتجزأ، ولا يقول بأن شمال إفريقيا منطقة جغرافية، وإثنية معينة، لا يمكن أن يهيمن عليها إلا سيد واحد، لأن صعوبة اقتسام الموارد لاتنتهي
العمل الدبلوماسي.. لكن كيف نضمن المستقبل الفرنسي في المغرب؟
الجميع باستثناء عدد قليل من الرؤوس يرفضون فكرة الغزو :هناك سببان جيدان من أجل هذا ؛صعوبة الأوامر الدبلوماسية، ونموذج الجزاير، كيف نود أن نجعل القوى تعترف بالشرعية الفرنسية على المغرب، وبنفس القدر من الحكمة، فإننا نفضل الغزو الذي أزعج المسؤولين التنفيديين، في المجتمع الإسلامي الجزائري “الطريقة اللطيفة” هو ما تحقَّق لحُسن الحض في تونس، تحت شكل حماية.
هل من الممكن اتباع هذا البرنامج الجذاب، لدرجة أن دبلماسيتنا، قد دفعت المغرب بالفعل إلى اليمين، وأثبتت أن إيطاليا ملتزمة بمخططاتنا، بطريقة متبادلة مع فرنسا، إلى جانب طرابلس؟
إن لغة جزء من الصحافة الأنجليزية، تسمح لنا بإدانة الميل نحو الإعتراف باللغة الفرنسية في المغرب، بين جيراننا عبر القناة، بشرط حماية المصالح الإقتصادية لبريطانيا العظمى، تؤكد تصريحات اللورد لونيداون كوروبورن، هذا الإنطباع.
باختصار، لم يسفر العمل الدبلوماسي عن نتائج حتى الآن، ولكن مع ذلك، تم تأكيد ادعاءاتنا بما يكفي لتنوير أوربا، وهذه بالفعل نقطة مهمة.
التعاون مع الأصدقاء
على الرغم من العمل الدبلوماسي، ليس لدينا ما نتعلمه عن سياسة المغرب، نحن نعلم الحالة التي توجد عليها بسبب خطإه، بقيامه بأكبر سوق للأحكام الإسلامية المسبقة، السلطان الشاب مولاي عبد العزيز في العادة عندما يتحدث إلى حكومة ضعيفة، سلطة المخزن أي الحكومة المغربية، تجد نفسها محصورة خلف حدود أسوار فاس، وقد أضهرت الحملة، أن المتمردين قادرون على إنهاء الصراع، الذي استمر منذ أكثر من سنة
لكن العيب كان قبل كل شيء بالنسبة للسلطان، في الإخفاقات الرئيسية، فاضطر باختصار إلى التخلي عن البلاد التي تمتد بين فاس والحدود المغربية، ومن سيفوز في النهاية من الخصمين ؟
المهم هو السؤال بالنسبة لسياستنا، لأنه منذ 1901 وبمبادرة من الحكومة السابقة للجزاير، ارتبطت فرنسا مع السلطان الشرعي
ونحن نعلم أنه في ذلك الوقت كنا نفكر في تكليف المخزن، ببسط الأمن في جنوب وهران، وسرعان ما كان من الضروري، قيامنا نحن بأنفسنا بقصف فكيك، ومع ذلك، وجد السلطان منا نفس المساعدة في الصراع ضد الروكي، وأرسلنا له من الجزاير مدربين، وبعض المدافع القديمة والمتواضعة جدا
يمكن أن يقال بأن سياسة التعاون لم يتم التخلي عنها، بل إننا نتحدث عن شراكة فعالة، على الرغم من سريتها نسبيا، يتم توفيرها لوجدة، من خلال مجموعة صغيرة من المجندين المدربين جيدا، وأيضا عن طريق إرسال بعض المعونات، للولايات التي يوجد بها المخزن.
الإعتراضات
هذه السياسة وجدت العديد من الموافقين الذين اعترفو بانها تستحق المناقشة على الأقل، ويؤكد جميع المسافرين الذين دخلوا المغرب مؤخرا، أن السلطان عبدالعزيز، مكروه لدرجة أن الرأي العام، يدينه بالإجماع.
يُزعم أيضا أن ما يزال لذيه من القوات ما يتماشى مع القيام بالواجب، أكثر من أنه فقط من خلال تحقيق خضوعهم غير الدائم، لكن يمكن أن يحقق ظهورهم بعض النجاح مع القبايل المتمردة
عبد العزيز يلزمه مسبقا حوالي 25000 فرنك من مقرضين أوربيين، هؤلاء لن يتعبوا ؟ فكيف سيصبح المخزن بعد ذلك ؟ فإذا أقرضناهم نحن أيضا، علينا الحصول ضمانات كافية ؟
نفس الإنتقادات توضع لتدعم قضية خاسرة، نحن نعرف، دعونا نتوصل لحل وسط مع المغاربة، وأن الإعتداآت على الجنوب الوهراني، هي حواب على التعاون الودي مع السلطان.
الرد على الإتهامات المضادة
التي هي القوية في وهران خاصة، والتي تجيب بأن الوضع مهما كان سيئا فإن، وضعية السلطان ليست ميؤوسا منها، لأن المخزن يمثل إجمالا السلطة النظامية الوحيدة الموجودة بالمغرب، التي نقول بأنها المشتكى منها.” متعاونة ” لحد الآن لم تكن فعالة بالرغم من المساعدات التي يتلقاها السلطان منا لإخضاع المنشقين الذين مع الروكي، فما هي العواقب السعيدة لنفودنا ؟
سابقا رأنا السلطان ممتنا بفتح أبواب الإمبراطورية، التي كانت محكمة الإغلاق لحد الآن في وجه خبرائنا الماليين لجماركنا ومهندسينا، وهذا سيمكننا لاحقا من رؤية القاطرة تحمل لفاس عبرالممر الإستراتيجي بتازا،
وسينتشر بذلك نفود التهدئة الحاسم بالنسبة لفرنسا
حلول أخرى
من الواضح أن نجاح هذه السياسة سيكون الحل الأفضل على الإطلاق، وهذه النتيجة من شأنها أن تحررنا ليس فقط من حرب مكلفة، بل وحتى من مضايقات الرعاية الرسمية، سيكون هذا حقا هو “الإختراق السلمي” الذي تمت الدعوة له بحرارة،
ولذلك لا يمكننا أن نأمل كثيرا في تحقق آملنا سريعا.
فإذا كان من واجبنا ألا نفعل شيئا لمنع التجربة التي يقال أنها يجب أن تستمر، فيمكننا أن نفرض فرضا أقل ملاءمة، ونأمل أن نتجنب التدخل المباشر الذي هو بالتأكيد غير مرغوب فيه على الإطلاق، لكن ماذا سنفعل إذا أردنا على نحو معقول، أن السلطان لن تكن لذيه الكلمة الأخيرة؟
إذا كانت مصداقية عبد العزيز موضع شك، في تعاملاته معنا، سواء كان ذلك على حق أو باطل، ولا يستطيع أن يفعل شيئا إلا خوفا منا، ولم يُظهر كل الامتنان الذي نتوقعه منه، إذا لم يكن نجاحه الكامل تقريبا نتيجة لتأثيرنا.
فهل ما يزال هناك وقت في الحالة الأولى للعودة إلى الروكي ؟وإلا سيكون هنا من المناسب مخاطبة محميينا،
سلطة شريف وزان -الذي كان بحضور السيد ديسيكنزاك- هدفا مهما لمؤيدي تغيير الأسرة الحاكمة؟ في الحالة الثانية، هل سندعم أيضا دون تردد أسودا جحودا؟
لاينبغي المبالغة في الصعوبات التي تواجه مسألة المغرب، بدون خوف، لكن لن يكون من الافضل أن نتجاوزها، في صمت، ونبالغ في التفاؤل، كأنا نميل إلى القيام بذلك، هذه القضية لذيها فرصة للإنفلات، أو قريبا من روح الفريق.
دعونا نوجه الأمر بطريقة منهجية، أولا بقدر الإمكان بلطف، ولكن أيضا دون تأخير أبدا، تحت غطاء الرأي العام، في إعداد التدابير التي يمكن أن تصبح غير مرغوب فيها، على الرغم من الإدارة الأكثر سلمية، دعونا ننسى فقط الترددات، والإعتبارات، وأنصاف التدابير، والرزم الصغيرة التي تكلفناها بالخارج.
——————maurice
Notes sur la question marocaine
Les annales coloniales 15/7/1903-pp 353–357