ملتمس إلى المجلس العلمي الأعلى
هوية بريس – د. إدريس أوهنا
في سياق نشر جملة من التعديلات المتضمنة في الصيغة المعدلة لمدونة الأسرة، التي ستعرض لاحقا على البرلمان المغربي بغرفتيه للمناقشة والمصادقة، ألتمس بصفتي مواطنا مغربيا، وباحثا مهتما، من المجلس العلمي الأعلى أن يوضح للمغاربة رأيه مشفوعا بالأدلة الشرعية والمقاصد المرعية في المسائل التي لها علاقة بالشرع والفقه الإسلامي.
فالمغاربة أغلبهم -وأنا منهم- مقلدون في العلم الشرعي للسادة العلماء المجتهدين، يريدون منهم توضيح ما يلي:
– لماذا وافق المجلس العلمي الأعلى على استثناء بيت الزوجية من التركة؟ ألا يعد ذلك مخالفا لما شرعه الله في أحكام الإرث؟ أم هناك من الأدلة الشرعية ما يشفع لهذا الاستثناء ويجعله مقبولا مستساغا؟
– تقييد التعدد بشروط تضيق عليه إلى أقصى الحدود وتجعله إلى المنع أقرب منه إلى الإباحة، أليس فيه ما يخالف الشرع، ويلحق العنت بالناس؟
– إجبارية استطلاع رأي الزوجة أثناء توثيق عقد الزواج، حول اشتراطها عدم التزوج عليها من عدمه، والتنصيص على ذلك في عقد الزواج. وفي حال اشتراط عدم التزوج عليها، لا يحق للزوج التعديد وفاء بالشرط. ألا يعد ذلك تحجيرا لواسع، وإحراجا للطرفين، وتنفيرا من عقد الزواج أصلا، وتقنينا لإجبارية شرط في مجتمع لا تعدد فيه إلا نادرا أصلا؟
– تثمين عمل المرأة المنزلي وقد وافق عليه المجلس العلمي ألا يجب تقييده بضوابط وشروط، وتحديد نسبة معينة له كحد أقصى، نحو 10 بالمائة كحد أقصى على سبيل المثال؛ حتى لا يتضرر الزوج، ولا تظلم الزوجة المطلقة؛ لأن “التثمين” إذا ترك للسلطة التقديرية للقاضي قد يبالغ فيه بما يضر بالزوج في حال الطلاق، ويشجع على العزوف عن الزواج مخافة الوقوع فيما لا تحمد عقباه؟
– ألا تتحمل الدولة المسؤولية في إيجاد الحلول لبعض الأوضاع الاجتماعية والحالات المتضررة عوض التعسف في إيجاد الحل بإثقال كاهل الزوج، وتحويل ميثاق الزوجية المبني في الأصل على المكارمة إلى حلبة للصراع والتوجس والريبة والنزاع؟
– ألا يخشى المجلس العلمي الأعلى من بعض الإجراءات والتقنينات المقترحة إن لم تعدل بما يحفظ توازنها عاجلا، أن تفضي إلى المزيد من العزوف عن الزواج، والرفع من نسبة الطلاق أكثر مما هي مرتفعة، وتقويض دعائم الأسرة، وهدم كيانها، والعبث بنظامها، والمغرب يشكو -كما دل على ذلك الإحصاء الأخير- من انخفاض حاد في الخصوبة والنمو الديمغرافي، ومهدد بالشيخوخة؟
تلكم من أهم الأسئلة التي ننتظر من علمائنا المفتين في المجلس العلمي الأعلى الإجابة عنها، وتوضيح ما يتعلق بها وبغيرها، قياما بواجبهم في البيان في وقت الحاجة، وإعذارا لله تعالى، فهم أدرى بجسامة مسؤوليتهم وثقل الأمانة المنوطة بهم.. فاللهم أعن علماءنا على الصدع بالحق تبرئة للذمة.. آمين