“ملتمس الرقابة”.. “سلاح” دستوري وسياسي كاد أن يسقط حكومة أخنوش

هوية بريس-متابعات
أثار ملتمس الرقابة، الذي أعلنت فرق المعارضة عزمها على تقديمه لإسقاط حكومة عزيز أخنوش، الكثير من النقاش لدى النخب الحزبية والسياسية المغربية، لكن عدد كبير من المواطنين لا يعرف هذه الآلية الدستورية ولا يفهم آثارها.
التأطير الدستوري:
ملتمس الرقابة هي أداة دستورية وسياسية في يد البرلمان، في حالة إذا ما اكتمل النصاب القانوني الذي نص عليه الدستور، سيتم تفعيل هذا الملتمس وسيتم إسقاط الحكومة وإعلان نهايتها دستوريا.
تنص المادة 269 من النظام الداخلي لمجلس النواب على أن ملتمس الرقابة يودع لدى رئيس المجلس، في شكل مذكرة مفصلة يسلمها إليه أحد الموقعين على الملتمس، مرفقة بقائمة تضم أسماء أصحاب الملتمس وتوقيعاتهم، والفرق والمجموعات النيابية التي ينتمون أو ينتسبون إليها، وعند الاقتضاء، إذا كانوا من الأعضاء غير المنتسبين. كما تنص المادة ذاتها على أن الرئيس يأمر بنشر ملتمس الرقابة وأسماء الموقعين عليه في المحضر ونشرة المجلس الداخلية وموقعه الإلكتروني.
وطبقا لأحكام الفصل 105 من الدستور، لا يقبل ملتمس الرقابة المقدم للمجلس إلا إذا وقعه على الأقل خمس الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس.
ويحدد مكتب المجلس تاريخ مناقشة ملتمس الرقابة، على ألا يتعدى سبعة أيام من تاريخ إيداع الملتمس لدى رئيس المجلس.
يشرع في مناقشة ملتمس الرقابة بالاستماع إلى أحد موقعي الملتمس المعين من قبل أصحاب الملتمس، الذي يعرض دواعي تقديمه ومبررات ثم الاستماع إلى الحكومة لتقديم موقفها.
تاريخ ملتمس الرقابة:
بالعودة لتاريخ ملتمس الرقابة في المغرب، نذكر: التجربة الأولى سنة 1964 إذ لم يتأخر الإتحاد الوطني للقوات الشعبية بقيادة الثائر المهدي بنبركة بتقديم ملتمس رقابة على الحكومة كان بمثابة تمرين ديموقراطي جيد و إن لم يُفضِ لإسقاط الحكومة بحيث لم تتعد أصوات المعارضة 60 من مجموع 144 نائب و هي نسبة مهمة.
والتجربة الثانية لتقديم ملتمس الرقابة، سنة 1990، هذه المرة رافقت المعارضة الإتحادية بقيادة الزعيم عبد الرحيم بوعبيد باقي أحزاب الكتلة الديموقراطية (الاستقلال و التقدم و المنظمة). ففي هذه السنة سيناقش البرلمان المغربي ملتمس الرقابة الذي عرف منسوباً عالياً من الفِعْلِ السياسي و مستوى راقي للمعارضة. بالطبع لم تُسقط هذه التجربة حكومة العمراني لكنها كانت إحدى أكثر المحطات السياسية تشريفاً لقبة البرلمان.
ملتمس الرقابة في وجه حكومة عزيز أخنوش:
بعدما كان المبادر بالدعوة إلى وضع ملتمس الرقابة من أجل إثارة المسؤولية السياسية للحكومة، أعلن الفريق الاشتراكي ـ المعارضة الاتحادية بمجلس النواب، الجمعة الماضية، توقفيه لأي تنسيق بخصوص الملتمس، بسبب “عدم لمس أية رغبة في التقدم من أجل تفعيله” و”الإصرار على إغراق المبادرة في الجوانب الشكلية”، مع “اختفاء الغايات منه كآلية رقابية من أجل تمرين ديمقراطي تشاركي، وحلول رؤية حسابية ضيقة تبحث عن الربح السريع محلها”.
انسحاب الاتحاد الاشتراكي من المبادرة أشعل مواجهة مفتوحة بين فرق المعارضة وحزب لشكر.
في أول تعقيب رسمي لها حول الموضوع، عبّرت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية عن استئيائها العميق من “تنصل أحد أحزاب المعارضة بطريقة مشبوهة وغير مسؤولة من التزامه مع باقي أحزاب المعارضة بتقديم ملتمس الرقابة ضد الحكومة، واختبائه وراء مبررات سخيفة وهزيلة للتهرب من مواصلة التنسيق بخصوص هذه المبادرة الرقابية”.
بينما تأسف نبيب بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم الاشتراكي، لتعرض الفكرة لـ”بَوار واقعي وسياسي مرتين”، موردا: “مرة أخرى نأسف لإفشال محاولة تقديم ملتمس رقابة، لأسباب ثانوية هامشية لا ترقى أبدًا إلى التطلّعات التي يتيحها الملتمس لجعله لحظة محاكمة ومحاسبة قوية لحكومة لم تف بالتزاماتها ووعودها إزاء الرأي العام، وأخفَقت في التجاوب مع انتظارات فئات واسعة من شعبنا”.
ولم يفوّت محمد أوزين، الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، فرصة انعقاد “المؤتمر التأسيسي” لـ”هيئة المتصرفين والمتصرفات الحركيين” دون أن يعبّر عن “أسفه وتفاجئه” بما آل إليه “ملتمس الرقابة”.



