ملون الطعام الاصطناعي الأحمر يسبب الاضطرابات الهضمية ومشاكل الانتباه وفرط النشاط عند الأطفال
هوية بريس – وكالات
في 20 الشهر الجاري، نشرت دورية “نيتشر” Nature دراسة جديدة أجريت على الفئران تشير إلى أن الملون “ألورا الأحمر إيه سي” (Allura Red AC) أو صبغة “آزو” الحمراء يمكن أن تؤدي إلى التهاب الأمعاء الغليظة إذا تناولت بانتظام، أي في حالة التعرض اليومي لها، وهو أمر قد ينطبق فقط على عشاق الحلوى الملونة وحبوب الإفطار. كما ظهر أنها تزيد من خطر الإصابة بمشاكل في القناة الهضمية لاحقا عند الفئران الأصغر سنا.
أصباغ الآزو وتأثيرها على الأمعاء
ووفق تقرير نشر على موقع “ساينس ألرت” (Science Alret) ليست هذه هي المرة الأولى التي يكشف فيها العلماء عن مخاوف تتعلق بملون “ألورا الأحمر” وغيره من الملونات العضوية المركبة الأخرى المعروفة باسم “أصباغ الآزو”، وذلك لأن امتصاص صبغة الطعام يتم في الأمعاء ويمكن أن تأكلها الميكروبات المعوية مما يؤدي إلى تأثيرات سامة وربما مسرطنة.
وأشارت الدراسات السابقة إلى أن استهلاك أصباغ الطعام مرتبط بردود الفعل المناعية والاستجابات التحسسية السلبية لدى الأطفال، وحتى الاضطرابات السلوكية مثل فرط النشاط ومشاكل التركيز أو الانتباه.
ملصق المعلومات الغذائية
على مدار قرون عدة أضاف الناس ألوانا إلى الطعام، وفي 1856 تم إنشاء أول تلوين غذائي اصطناعي من قطران الفحم. وغالبا ما يفضل مصنعو المواد الغذائية الأصباغ الغذائية الاصطناعية على الملونات الغذائية الطبيعية، مثل بيتا كاروتين ومستخلص البنغر لأنها تنتج لونا أكثر حيوية.
ووفق تقرير نشر على موقع “هيلث لاين” (Healthline)، زاد استهلاك صبغة الطعام الاصطناعية بنسبة 500% في الأعوام الـ50 الماضية وكان الأطفال هم أكبر المستهلكين.
وصرحت كل من “إدارة الغذاء والدواء الاميركية” (FDA) و”هيئة سلامة الغذاء الأوروبية” (EFSA) أنه لا يوجد حاليا دليل كاف على أن الصبغات الغذائية الاصطناعية غير آمنة حيث تعمل وكالاتهم التنظيمية على فرضية أن المادة آمنة حتى يثبت ضررها.
ومن المثير للاهتمام، أن الحكومة البريطانية بدأت عام 2009 بتشجيع مصنعي المواد الغذائية على إيجاد مواد بديلة لتلوين الطعام. واعتبارا من 2010 فرضت المملكة المتحدة قانونا يلزم المصنعين بوضع تحذير على ملصق أي طعام يحتوي على أصباغ غذائية صناعية.
ملون ألورا الأحمر والسيروتونين
في الدراسة الحديثة اختبر يون هان كوون من قسم علم الأمراض والطب الجزيئي في جامعة ماك ماستر McMaster University في كندا مجموعة من الملونات الاصطناعية بما في ذلك الأزرق اللامع والأصفر الغامق على الأنسجة البشرية وعلى الفئران، لنمذجة تأثيرها على أمراض الأمعاء الالتهابية مثل مرض كرون والتهاب القولون التقرحي.
ووجد الباحثون أنه عندما تعرضت الخلايا المعوية البشرية المزروعة في المختبر للملونات لمدة 24 ساعة أن كل واحدة من الأصباغ كان لها تأثير مختلف، وبدأت خلايا الأمعاء البشرية في إفراز المزيد من السيروتونين في القولون، وكان لملون ألورا الأحمر التأثير الأكبر، مما دفع فريق الباحثين إلى اختبار تأثيره على الفئران. وأظهرت الفئران التي تناولت جرعة يومية من ملون “ألورا الأحمر” التهابا خفيفا في القولون.
ويعرف السيروتونين بأنه ناقل عصبي، ويعتبره البعض هرمونا يستخدمه الجسم لإرسال الرسائل بين الخلايا العصبية. ويبدو أن السيروتونين يؤثر على الحالة المزاجية والعواطف والشهية والهضم.
وباعتباره مقدمة للميلاتونين، فإنه يساعد على تنظيم دورات النوم والاستيقاظ وضبط ساعة الجسم.
وأظهرت تجارب أخرى أن تناول ملون “ألورا الأحمر” يوميا يغير “ميكروبيوم” أمعاء الحيوانات، وهو ما قد يفسر كيف يمكن أن يؤثر “السيروتونين” على القولون. ومن المحتمل أن يكون دورها في تشكيل “الميكروبيوم” معقدا، ولكن نظرا لمدى سهولة التهام ميكروبات الأمعاء للأصباغ الغذائية، فهناك احتمال أن تؤدي هذه الصبغة إلى إحداث فوضى في النشاط المعتاد للنظام.
صبغات الطعام ومشاكل الانتباه والنشاط عند الأطفال
ونشر موقع “إنفايرومنتال هيلث نيوز” (Environmental Health News) تقريرا يشير إلى أنه يمكن للأصباغ الاصطناعية المستخدمة كملونات في العديد من الأطعمة والمشروبات الشائعة أن تؤثر سلبا على الانتباه والنشاط لدى الأطفال وذلك استنادا إلى مراجعة شاملة للأدلة التي نشرها مكتب كاليفورنيا لتقييم مخاطر الصحة البيئية (OEHHA) عام 2021.
وبتمويل من الهيئة التشريعية لولاية كاليفورنيا في 2018، تستند استنتاجات التقرير حول التأثيرات السلوكية لصبغات الطعام إلى نتائج 27 تجربة إكلينيكية أجريت على الأطفال في 4 قارات على مدار 45 عاما، إضافة إلى الدراسات والأبحاث على الحيوانات في الآليات التي من خلالها تمارس الصبغات آثارها السلوكية.
وارتبطت صبغات الطعام في منتجات مثل حبوب الإفطار والعصير والمشروبات الغازية وحلويات الألبان المجمدة والحلوى والمثلجات بنتائج سلوكية عصبية سلبية لدى الأطفال، بما في ذلك عدم الانتباه وفرط النشاط والأرق. وكشفت الدراسات التي أجريت على الحيوانات أيضا عن تأثيرات على النشاط والذاكرة والتعلم.
وأخيرا يرى الباحثون أن “هذه الدراسة لن تدفع فقط إلى التدقيق في استخدامها في العديد من الصناعات، ولكن أيضا تعزز الوعي العام لمنع العواقب الصحية الضارة”.
المصدر: الجزيرة.