مناقشة أطروحة جامعية بفاس بعنوان: المدرسة الحديثية في المغرب الأقصى
مصطفى الحسناوي – هوية بريس
ناقش الطالب الباحث عبد الرزاق زريوح يوم الإثنين، 23 ربيع الثاني 1440هـ، الموافق 31 دجنبر 2018م برحاب جامعة سيدي محمد بن عبد الله، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، سايس – فاس، أطروحته لنيل الدكتوراه في الدراسات الإسلامية، من مختبر البحث في الأصول الشرعية للكونيات والمعاملات، التابع لمركز دراسات الدكتوراه: “اللغات والتراث والتهيئة المجالية” وذلك في موضوع:
المدرسة الحديثية في المغرب الأقصى، من القرن الثامن إلى الثلث الأول من القرن الخامس عشر الهجري.
تحت إشراف الأستاذ الدكتور سعيد المغناوي، وقد تكونت لجنة المناقشة من السادة الأساتذة:
الدكتور: الجيلالي المريني، أستاذ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية سايس – فاس، رئيسا.
الدكتور: نور الدين قراط، أستاذ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية وجدة، عضوا.
الدكتور: عبد الكريم خلفي، أستاذ بكلية الشريعة آيت ملول أكادير، عضوا.
الدكتورة: ناجية أقجوج، أستاذة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية ظهر المهراز – فاس، عضوا.
الدكتور: سعيد المغناوي، أستاذ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية سايس – فاس، مشرفا ومقررا.
وبعد المناقشة والمداولة قررت اللجنة قبول الأطروحة، ومنح الباحث السيد عبد الرزاق زريوح درجة الدكتوراه في الدراسات الإسلامية، تخصص: الحديث وعلومه، بميزة مشرف جدا، مع التوصية بالطبع.
وقد تحدث الباحث في التقرير الذي قدمه أمام لجنة المناقشة عن أهمية البحث في موضوع (المدرسةُ الحديثية في المغرب الأقصى)، إضافة إلى عرضه لبعض أسباب اختياره لهذا الموضوع، من ذلك: التعريف والكشف عن بعض جوانب الريادة في المدرسة الحديثية المغربية، وعن أقطاب المغرب في علم الحديث وسيَرهم ومؤلفاتهم وإضافاتِهم العلمية ومناهِجِهم. خاصة في عصر الدولة العلوية، وبالأخص في عهد بعض ملوكها، مثلُ عهد سيدي محمد بنِ عبد الله، الذي ازدهرت فيه الدراسات الحديثية لأسباب سياسية واجتماعية وثقافية.
كما أن الباحث اعتبر هذا الموضوع بِكرا لم تَسبِق دراسته بشكل مستقل، باعتبار المغرب الأقصى مدرسة مكتملة الأركان في علم الحديث.
وقد ذكر الباحث أنه أراد في هذه الأطروحة أن يقدم جوابا على مجموعة من التساؤلات والإشكالات المتعلقة بالمدرسة الحديثية بالمغرب الأقصى، من قبِيل:
كيف كان وضع المدرسة الحديثة بالمغرب الأقصى بعد القرن السابع؟
وهل هناك مدرسة حديثية في المغرب الأقصى في هذه الفترة؟ أم أن الأمر لا يعدو أن يكون “حركة حديثية” عابرة ومحدودة في الزمان والمكان؟
وهل اتسمت الفترة المدروسة فعلا بالفتور والجمود في الاعتناء بالحديث والسنة عموما؟
وهل اختلفت مناهج المحدثين المغاربةِ فيما بينهم بعد القرن السابع الهجري؟ وهل تميزت بخصوصيات جديدة لم تتوفر في فترات سابقة من تاريخ المدرسة الحديثية في المغرب؟
وما مدى صحةِ ما ذكره الذهبي في كتابه “الأمصار ذواتُ الآثار”، من كون الحديث في غالب مدائن المغرب قليل، وإنما بها المسائل.
وهل اهتمامات المدرسة الحديثية في المغرب هي نفسها في كل العصور؟ أم تغيرت توسعا وانكماشا بتغير الظروف السياسية والاهتمامات العلمية للدول المتعاقبة؟
ومن أجل الإجابة على هذه التساؤلات، حدد الباحث مجموعة من الأهداف التي قصد تحقيقها من البحث، منها:
دراسةُ الإسهام المغربي في الدرس الحديثي ما بعد القرن السابع.
التحقيق فيما يشاع على الألسنة من أن عناية أهل المغرب كانت مقتصرة على الفقه والتصنيف فيه، دون الحديث وعلومه.
بيان مدى اهتمام علماء المغرب بخدمة السنة وعلومها.
التعريف بجملة من علماءَ ومشاهيرَ وملوكِ المغرب ومصنفاتهم وجهودهم في خدمة السنة.
رصدُ أهم الأسانيد العلمية المعتمدة عند المغاربة في دراسة وحفظ أصول الحديث الشريف.
الوقوف على المراحل التاريخية والعلمية التي مرت بها مدرسة الحديث بالمغرب خلال القرون السبعة الأخيرة.
إبراز الخصوصية المغربية في العناية بالتراث الحديثي، رواية ودراية، في القرون السبعة الأخيرة.
رصد المكتبات والخزائن العلمية التي تضم تراث المدرسة الحديثية بالمغرب.
وقد ذكر الباحث أنه خلُص في بحثه إلى مجموعة من النتائج، منها:
أن دخول الحديث الشريف ومصنفاته إلى المغرب الأقصى ارتبط في بدايته بتأسيس دولة الأدارسة التي تمسكت بمذهب مالك وتأثرت بمميزات شخصيته وروت موطأه منذ أوائل عهدها.
أن الاعتناء بخدمة الحديث الشريف في عهد الدولة المرابطية اتخذ مظاهرَ متعددة، أَبرزُها: جلب كتب الحديث ومصادره إلى المغرب، وخدمة المصنفات الحديثة، وعلى رأسها صحيح البخاري.
أن الحركة الحديثية بالمغرب في عهد الدولة الموحدية بلغت أوج عظمتها وازدهارها، وهو وضع لم تعرفه من قبل.
أن من أسباب جمود الحركة الحديثية وتراجعها وانكماشها بالمغرب، في القرنين السابع والثامن الهجريين: توجهُ الدولةِ المرينية إلى الاعتناء بالفقه، ورد الاعتبار لكتب الفروع والعمل بها، إضافة إلى الاعتقاد السائد في هذه الفترة بأن الأحاديث قد مُيّزت مراتبها، وعُرف صحيحُها من سقيمها، فلم يبق غيرُ تحمُّلِها وروايتها.
أن العصر المريني امتاز بإقبال كثير من أئمة المغرب على الرحلة، وكانت غالب رحلاتهم في طلب الحديث إلى البلاد المشرقية، ويعتبر الحافظ ابن رشيد السبتي، والمحدث الراوية أبو القاسم التجيبي من أبرز النماذج التي اكتست رحلتهما الطابع الحديثي في هذا العصر.
أن المغاربة تفنّنوا واجتهدوا في وصل سندهم بالمصنفات الحديثية، وتنويعه حسب النسخ والروايات والطرق.
أن مساهمة علماء المغرب الأقصى بعد القرن السابع الهجري، استمرت في خدمة الحديث الشريف وعلومه، من خلال إنتاجهم العلمي الغزير في مجال التصنيف والتأليف.
أن المدرسة المغربية للحديث اهتمت اهتماما كبيرا بالمتن أولا، ويأتي النقد الحديثي والدراسات المصطلحية في درجة ثانية.
أن مجموعة من العوامل ساهمت في النهضة الحديثية في عهد الدولة العلوية، منها: عناية ملوكها بالعلم والعلماء، وبالخزائن العلمية، إضافة إلى إصلاح مناهج التعليم الديني عموما، وبجامع القرويين خصوصا. وانتشار المؤسسات والمدارس الحاضنة للدرس الحديثي بالمغرب.
أن المجتمع المغربي تبنَّى رعايةَ دُور الحديث ومراكز العلم، من خلال المجهودات التلقائية التي بذلها بعض أفراده من الصالحين والمحسنين والعلماء في المدارس المنتشرة في البوادي والحواضر، تدريسا وتمويلا وقياما بشؤون الطلبة في كل أمر.
أن عهد المولى سيدي محمد بن عبد الله، وولده المولى سليمان تميز بنهضة حديثية لم يسبق لها مثيل، شاركا فيها بالعناية والتأليف والمدارسة وجمع الأسانيد وغير ذلك. ويعتبر عهدهما فترة موطدِّة، وعلامة فارقة في نهضة المدرسة الحديثية بالمغرب.
أن من أبرز المظاهر الدالة على العناية الفائقة والرعاية الخاصة من ملوك الدولة العلوية لحديث رسول الله صلى لله عليه وسلم، ظاهرة المجالس الحديثية التي توارثوها وأبدعوا في تنظيمها، والاهتمام بها.
أنه كان لازدهار المدرسة الحديثية في عهد الدولة العلوية فضل كبير في اشتهار عدد من أعلام الحديث ورواده وأئمته، كما اشتهرت آثارهم ومؤلفاتهم وما أبدعوه وأحيوه من دراسات رائدة في مجالات السنة النبوية.