مناقشة احتلال اتوات في الجمعية الفرنسية 1900م
هوية بريس – ذ.إدريس كرم
ملخص:
يتحدث الموضوع عن الطريقة التي تم بها مدّ السكة الحديدية في اتوات انطلاقا من الززفانة، والضغوط التي مارسها حكام الجزائر الفرنسيون في البرلمان على كل من البرلمان والحكومة الفرنسية لتموين ذلك الخط، والتطلع لإقامة حكومة صحراوية تسمى موريطانيا الغربية الصحراء تابعة لوزارة المستعمرات الفرنسية، مبرزة الصعوبات التي يرفعها المغرب في وجه التوسع الفرنسي جنوب وهران، وشرق جبال الأطلس، وهو ما جعل الحكومة الفرنسية تتحفظ على تمديد الخط الحديدي في الجنوب، وتبحث عن مبررات لذلك بعدما تم تمديده لغاية إيكلي.
الكلمات المفاتيح:
احتلال اتوات، لوم الحكومة على احتلال اتوات في 2 يوليوز 1900، السياسة التواتية، معارضة احتلال إيكلي، سياسة التوسع الصحراوية، ربط الجزائر بالسودان تلغرافيا، الحذر من قبائل المغرب الشرسة، اجنان بوريزق، حكومة موريطانيا الغربية، تشمل الصحراء من اتوات لتمبوكتو، ولغاية المحيط الأطلسي، على مساحة 2500000 كلمتر مربع، ووضعت تحت إدارة، وزارة المستعمرات، احتلال اتوات وقع صدفة، الضفة الغربية لواد الززفانة مغربية.
ـــــــــــــــــــــــــــ
نص المداولة في البرلمان الفرنسي حول اتوات:
مسألة احتلال اتوات أخذت حيزا كبيرا من نقاش الجمعية يوم 2 يوليوز، ولن نقدم تقريرا مفصلا عنه لأن الكثير من التدخلات كان كلاما فارغا، لذلك سنكتفي بملخص قصير لبعض الأطراف، لأنها تتطلب بعض الملاحظات.
كان منظم النقاش هو السيد بيرثيلو، الذي لام الحكومة على توجيهها قوات عسكرية لتوات، من غير تصويت البرلمان على ذلك التصرف، لكنه نقد شكلي بحت قدمه ليخلص لمهاجمة مجمل السياسة التواتية التي كلفت الميزانية اعتمادات إضافية، بلغت 13 مليون فرنك.
كان السيد بيرثيلو سيقبل باحتلال اتوات لولا مواصلة السير لاحتلال إيكلي، وهو أمر مكلف وعديم الجدوى تماما، مما جعله يدين سياسة التوسع الصحراوية بأكملها، بما فيها سكة حديد الززفانة، الاعتمادات المقررة التي أعلنها السيد لافريير لدفع التلغراف باتجاه الجنوب، لربط الجزائر بالسودان من خلال القوافل المحتاجة لترابط أكثر متانة.
قال السيد بيرثيلو عن احتلال إيكلي:
بين احتلال اتوات، واحتلال إيكلي لا يوجد رابط ضروري ولا اتصال منطقي، الرحلتين الاستكشافيتين المنضمتين على قاعدة العمليات النهائية، لم تكن أبدا تتقدم إحداها على الأخرى بأكثر من 500 كلم، ولم يكن بينهما أي اتصال.
حاولنا صبغ بعثة اكلي بذريعة استراتيجية، أجملناها في قيامنا بقطع طريق اتوات على القبائل الشرسة بالمغرب وأن إيكلي نقطة استراتيجية، يجب احتلالها لضمان حماية قوات الكولون الفرنسي، العامل على احتلال اتوات ضد القبائل المغربية المقاتلة لها هناك.
لكن هناك بين إكلي، وتيمِّي، كما قلت آنفا، 400 كلم منها 300 كلم تخترقها الكثبان الرملية، وبها ممرات تستخدم من قبل القوافل في تنقلها، لكن لا يمكن أن تستخدم من قبل جيش غير منظم، غير مهيـئ في هذه القبائل، بدون كفاءة، وإنما هو عبارة عن عصابات لصوص، تتعهد بالمشاركة هناك لصد قواتنا، ومنعها في التوفل في اتوات، تلبية لنداء الجهاد المرفوع ضدنا في كل مكان بالمغرب.
وعليه فالحقيقة هي أن تحركنا ليس من أجل احتلال ما وصفته بنقطة استراتيجية في إيكلي، وإنما لإغلاق الطريق أمام العصابات المغربية المعترضة لنا، أو المهاجمة لمراكزنا، وقوافل تموينها، إنها سياسة الجنوب كلها التي أدانها السيد برتيلو، لدعم تخطيط أطروحته المكونة لمعالم إمبراطورتينا الاستعمارية على نطاق واسع.
…والآن هذه هي طريقة التنفيذ الواجب اتباعها لاستئناف مد الخط الحديدي، من حيث هو متوقف باجنان بوريزق، بدون تقديم إنذار، ولا حاجة لطلب قانوني، ولا تغيير فجائي للبرنامج.
يجب اعتبار اجنان بوريزق ليس نهاية للخط الحديدي وإنما هو بداية له، فقط على الحكومة الجزائرية التصريح في خطاب بعين المكان، بأنه ابتداء من فاتح يبراير ستبدأ الأشغال، ويجب أن تبدأ بالفعل، مباشرة بعده.
لن نعتمد على الإعلان لحاجتنا لخط حديدي، بل لن نصوت على التزامات مالية لتنفيذه، وبعد أربعة أشهر تم تقديم طلب تموين الجزء الأول من الخط الحديدي البالغ طوله 80 كلم، الواصل لقصر الزوج.
– الإعلان عن مشروع حكومة موريطانيا الغربية:
في 2 يبراير، اليوم الذي ألقى فيه السيد لفيريير خطابه باجنان بوريزق، معلنا مشروع الحماية الجديد، حكومة “موريطانيا الغربية” هذا الاسم القديم الذي استدعيناه من الماضي، لنعبر به عن الصحراء، من اتوات إلى تمبكتو، ولغاية الحيط الأطلسي، البالغ مساحتها حوالي 2500000 كلمتر مربع، أي خمس مرات مساحة فرنسا، فمن هي هذه الحكومة المختلفة الجديدة، وهذه الدائرة الإدارية المحدثة؟
السيد كابولاني الموظف الجزائري المقترح لهذه المهمة، مازال غير موجود بعد، وإن كان الآن تم استحداث قسم له بوزارة المستعمرات.
خطاب السيد Bone بون أعلن لكم من أجل القوافل الرسمية لهذا الخريف، الذاهبة من اتوات لتمبوكتو:
أتصور أن هذه القوافل لكي لا تتعرض للإبادة، سترفق بحراسة عدد هام من البنادق، وعليه فمن الواجب احترام تنفيذ المخطط.
لديكم في الجزائر، مجموعة صغيرة من الموظفين، لديها أزمة جنون عظمة حاد، أزمة إمبريالية، دعهم يمشون، سيكلفونك 50 مليون فرنك في العام (تصفيقات من مختلف الجهات)، الحكومة لم تكن تريد الذهاب لتوات، لكن ذهبنا لها على كل حال، بل وذهبنا لإيكلي، وبدلا من أن تكلف العملية 4 مليون، ارتفعت لما بين 15-20 مليون، هذا سيعلمك ضرر عدم طاعة ديوان مكتبك، (تصفيق جديد من نفس الجماعة).
ختاما أقول: حقوقنا اغتصبت، إذا لم نكن قد أعلنا -بتصويت واضح للغاية- أننا مصممون على فرض احترامها، فيجب أن نعيد التصويت مجددا من أجله،
أعتقد أن نواب الملك الذين نبعثهم للتفاوض في الجزائر وتونس، ينتهي بهم الأمر للاعتقاد، بأنهم سادة عالم شرقي، وينسون أن فرنسا بلد يحكمه منتخبون بالاقتراع العام، وهم وحدهم ممثلو الشعب، المخولون حق التعامل مع أموال دافعي الضرائب.
فهل سنضحي بهذه السلطة المالية، وهذه السيطرة على الحملات الأحادية، التي هي سبب وجود النظام البرلماني؟
ماذا سنقول للمنتخبين عندما سيقولون لنا “إنكم لم تعِدوا -في حملاتكم الانتخابية- بإهدار: لا أموالنا ولا دماء أبنائنا في حملات استكشافية بعيدة، أنت لم تكتف بذلك، بل اعترفت للحكومة بالحق في إهدار، هذا المال والدم، دون استشارة”؟ (تصفيقات من كتلة اليسار).
السيد بيرثيلوت لم يرغب حتى في الاعتراف بأن بعض المجالات، تقتضي إجراءات فورية، فقال في الواقع:
لماذا قمت بفعلها؟
ربما يزعم بعض الأصدقاء الحذرين الموالين بالإدارة الذين لا يقدمون أحيانا للدوائر المسؤولة، ولمجلس الوزراء، مخططات السكك الحديدية، والبعثات العسكرية لإيكلي، وذلك لتجنب الاعتراضات الدبلوماسية، ووضع الأجانب، في مواجهة الأمر الواقع.
أجابت الحكومة مقدما:
بالنسبة للززفانة، نحن في ديارنا، معاهدة لالة مغنية مع المغرب في 1845 والاتفاقية الفرنسية الإنجليزية في 1890 لا تترك أي شك في ذلك.
هذا صحيح تماما، وقُرَّاء هذه المجلة على دراية جيدة بهذه البيانات الحاسمة، فأي ثنائي وزاري شجاع من وزرائنا المتعاقبين على الشؤون الخارجية، تحدَّث عن حقوقنا في اتوات؟ وذلك خوفا من البرلمان، وخوفا أكثر من الاحتجاجات الأجنبية.
السيد بيرثلوت يذكر بأنه إذا ما واصلنا التعبير عن حقوقنا في اتوات، وفرض سياستنا بها وفي الخارج، فإن الحكومة ستنتهز الفرصة، لفعل المزيد من الاحتلال في المنطقة، بالرغم من التصريحات الاحتجاجية الأجنبية على تصرفنا، لأننا نفهم جيدا، الفرق بين التصريحات والأمر الواقع، في العرف الدبلوماسي.
السيد إتيان رد على السيد بيرثلوت بأن احتلال إيكلي نتيجة منطقية واستراتيجية، لما حدث في الواحات الجنوبية.
السيد بيرثلوت قال ما يكفي، لإضفاء الشرعية على العمليات العسكرية التي أجريت في عين صالح، لكنه انتفض بقوة، ضد ما فعل في إكلي، مُدَّعيا أنه لا يوجد مبرر، لتحريك قوات ضخمة لأبعد من العين الصفرة، على مسافة حوالي 400كلم، لا يوجد بها ما يثير تحركا للقوات.
أتعجب من كلام السيد بيرثلوت الذي يعرف جيدا المسائل الصحراوية، ومع ذلك يصرح بكون عملية الشمال عديمة الفائدة تماما، في حين أنه لا يمكن لنا المحافظة على عين صالح، إذا لم نحتل إيكلي، أمنُنا في عين صالح لن يكون مضمونا إلا باحتلال كورارى أولا، وبعدها السيطرة على الطريق المؤدية لإيكلي.
الحكومة لم تستطع التحلل من هذا الواجب، ولم تفوت فرصة احتلال تيميمون عاصمة كورارى، من قِبَل كولونين انطلقا على التوالي، من لقليعة، وجيريفيل، في اليوم الذي كنا فيه بتيميمون، كنا نغطي في عين صالح عملية احتلال كورارى، تاركين نقطة إيكلي الاستراتيجية بين يدي القبائل المغربية، من بني كيل، ودوي امنيع والبرابر التي يمكن القول بأنها مستقلة، وغير خاضعة للسلطان، ومعادية باستمرار للهيمنة الفرنسية…
السيد إيتيان لديه تصور يظهر عملياتنا الصحراوية الأخيرة أقل فاعلية، وكأنها نتيجة لانعدام خطة شاملة لغزو المنطقة، وهي نظرية يدعمها السيد فلديك روسو المستوحاة من الموقف الفريد للحكومة الفرنسية المتنصل من مسؤولية العمليات المختلفة في الصحراء وتطويرها، والزعم بأنها غير متعمدة، ولا راغبة فيها، وسلوكها ظرفي، فرضته الظروف عليها.
– احتلال اتوات عملية حدثت بالصدفة:
الأطروحة حقا حكومية، حسب السيد والديك روسي الذي يرى، بأن كل شيء نتج عن تِجوال الجيولوجي المسالم، فلاماند، الذي كان يكسر الحجارة بمطرقته الصغيرة، لدراسة مكوناتها بالقرب من عين صالح، فهوجم من قبل أشرار سكان ذلك القصر، فأصبح من الواجب على الحكومة الدفاع عنه وحمايته، ثم الدفاع عن القبطان، بيين، وبعده الكولونيل دُويو، بمعني أن احتلال كل من: تيدكلت، كورارى، إيكلي، وقع بالتتابع لحماية المفارز التي جاءت لمساعدة بعضها البعض الواحدة تلو الأخرى، بدْءً من التي هبت للدفاع عن الجيولوجي.
وعلى ذلك تكون سياسة بلادنا في الصحراء، لم تزد عن كونها، عملية إنقاد من عدة درجات، أدَّت بالضرورة إلى “الاحتلال” يقول السيد روسو بتواضع أمام المجلس، متدرعا إذا جاز التعبير “بالقوة القاهرة” كطفل أمام معلمه، يبرر فعله بعدم قصده ذلك، لكن يبدو أنه سكون فخورا بالقيام به عن قصد لو تعلق بغزو اتوات، وأن السيد روسو كان سيحصل على تنويه آخر لو قال: “لقد تعمدنا فعل ذلك، لأن فرنسا أرادته“.
لكن الوزير الحذر، يكون دائما أمام البرلمان ضحية للظروف، لا يبحث عن الحجج، بل يفتش عن الأعذار
يبدو أن طبيعة سياستنا تسمح بكل شيء، ما عدا الامتياز والافتخار والكبرياء.
اقرأ التقرير الرسمي لاجتماع 2 يوليو وشاهد ما إذا كنا نبالغ:
النظرية التي نهاجمها، يلخص نظرية عملياتها السيد روسي كالتالي:
قال بعدما قدم بطريقته الخاصة خلاصة سلسلة التظاهرات العسكرية باختصار، العمليات التي تمَّ إنجازها، ها كم الظروف التي أنجزناها فيها، عندما علمنا بهجوم إيغوستين المأذون به، بعدما علمنا بالحاجة له، فقمنا بإعطاء الأمر به، فأرسل كلون متواضع، لكن كاف لمنع تهديد ذاك المركز، وأقدر على إزالة سببه.
السيد روسو أراد بالتأكيد، إرضاء البرلمان عندما قال بان عملية غزو اتوات حدثت بالصدفة، لا إرادية، نتيجة سلسلة حركات إنقاذ، تمثل حضور دور الحكومة، كان يريد بهذا مساحة للحديث؛ المجلس لم يرد أكثر من أن يحصل السيد بيرثيلوت على مشاركة الحكومة في التموين العسكري للعمليات، خارج تصويت البرلمان تباعا، أعضاء كل مجموعات المجلس جاؤوا يقولون بأن الاعتماد الإضافي قد بُدِّدَ، لأن مبادرة الحكومة كانت لازمة بالتأكيد، في بعض الظروف.
السيد روسي صوت لفائدة حكومته، وفي نفس إطار حب الوطن صوت 458 نائب ضد 60 على اعتماد إضافي بـ13577701 فرنك لتغطية نفقات احتلال اتوات، وصرح السيد روسي بأريحية، بأن الحكومة بهذا الاعتماد، لم يعد يقبل منها القول، بأن غزوها لتوات قد تم فقط بالصدفة ولضرورات دفاعية.
من جهة أخرى كان من الممكن أن تكون لغة رئيس المجلس أقل خجلا، لقد حرص السيد روسو بشدة على القول بالتحديد، بأن حركتنا كانت تهدف “تأمين إيكلي والضفة اليسرى للززفانة” لأن الضفة اليمنى بالطبع مغربية، وهي أطروحة لحكومة، لا تريد أن تكون لنا حدود ثابتة مع الجانب المغربي.
صحيح أن هناك منشورا للسيد كاليفت يشيد بكل العساكر ويمنعهم بشكل رسمي من تجاوز هذه الحدود، (بسنتميتر) يجب أن نضحك، في فاس لو كنا نعرف مثل هذه الوثائق هناك، على الدقة التي نوفرها في قياسنا للأرض الفلاة، فإنه يجب أن نشعر بصدمة جديدة من الوضع الاعتباري الذي نعطيه للمغرب من خلال خوف واضح بيِّن يتجلى أثره في حساسيات هذه الحكومة الضعيفة.
السيد روسو قدم تصريحا طمأن فيه المجلس عن قدرتنا الكبيرة وجرأتنا على احتلال “الضفة الشرقية” للززفانة قال فيه:
السيد وزير الشؤون الخارجية، الذي طلبت منه مدِّي بالتعليمات الأكثر تدقيقا نسبيا، لمعرفة الاحتياطات اللازم اتخاذها من أجل ممارسة حقوقنا التي ننوي القيام بها، والدريعة التي تجعلنا لا نريد تجاوزها.
من خلال إبداء مثل هذا الاهتمام بمراعاة الحساسيات فإننا نشجع الشخصيات العالمية الأكثر خشونة مثل التي بالمغرب، على امتلاك ذلك الخلاء، وإظهار احتجاجات مسبقة عندما ينتزع جزء منه أو كله، كما يدفع بتجرئ آخرين على القول باطمئنان “لا تذهب بعيدا“.
– الخط الحديدي سيقلل كلفة احتلال الصحراء:
جلسة 2 يوليوز أماطت اللثام عن الأوضاع المزعجة في العمليات الصحراوية الأخيرة، مبرهنة على جاذبية فورية ومصلحة عملية.
مسألة التنقلات العسكرية وعمليات اتوات، لم تقتل لنا فقط 19000 جمل كما لاحظ السيد بيرثلوت بل كبدتنا الجزء الأكبر من ميزانية النفقات.
السيد إيتيين محق جدا عندما يقول:
بأنه جد سعيد ببناء السكة الحديدية بين العين الصفرة، واجنان بورزق، أعلم أنني كنت أعمل بهمة ونشاط لتحقيق هذه النتيجة، وبدى لي في الواقع أنه من الطبيعي، أن الحكومة كانت مثلي تفكر في مواصلة بناء الخط الحديدي المتحدث عنه، الذي بلغ طوله 539 كلمتر، باذلة قصارى جهدها لإيصاله للنقط التي كان النقل فيها ضروريا للأفراد والمؤونة.
وأضيف بأنه إذا تصرفنا بسرعة، فإنه سيكون بدء من شهر يناير الأخير، بذلا من إنفاق الكثير على النقل العابر، سنعمل على تحويله على تمويل الاستمرار في مدِّ خط سكة حديدنا، في نفس الوقت الذي يتقدم فيه الكولون، وبذلك لن ننفق 3 أو 4 ملايين في نقل تموين قواتنا، المخترقة للصحراء، وسنتمكن بعد اليوم، بقليل من النفقات، على أداة للهيمنة، في هذه الناحية ذات الأهمية الاستثنائية.
وقد تابع السيد روسو تصريحه بالقول:
هذا لا يعني القول على الإطلاق، بأن الحكومة اعتبرت خط إيكلي كما كان من قبل، مصَّاصا لكل من جهودها وجهود الجزائر، فبعد دراسات متأنية، وصلنا لهذه الخلاصة التي تختلف وضعيتها المالية، بعض الشيء عن رؤية مساهمة الجزائر، لأنها بالطبع أكبر أهمية، لتنفيذ الخط الحديدي الذاهب لغاية وركلة، ولغواط ليرتبط بالقادم من مغنية، من أجل تنمية التبادل التجاري والصناعي المرتبط بالاحتلال والاستعمار.
الخط الاستعماري يمكِّن من الحصول على امتياز إمبريالي، واقتصادي، كتوفير عائد مالي كبير، من كلفة نقل الجنود.
السكة الحديدية الرابطة بين مغنية وإيكلي، تقدم تصورا إمبريالي للمنطقة، إنها تضمن وضعنا في مواجهة المغرب.
وسكة حديد إيكلي تضمن أيضا عائدا اقتصاديا، خاصة ما يتعلق بقل الجنود، والتموين، نحو الجنوب، ولولاها لتعذر علينا احتلال اتوات، وواد الززفانة، لذلك كنا نقول بأن خط اتوات، يجب أن يحظى بأولوية التوين لإتمام إنشائه.
– الخط السككي الصحراوي مهمة إمبريالية:
الخط السككي الصحراوي الممدد شيئا فشيئا للأبعد، ليس مهمة جزائرية، فهو عندما ينساب في الصحراء خارج التراب الجزائري، يصير مهمة إمبريالية، والسؤال الكبير بالنسبة لنا هو: متى تحين الساعة التي يُبدأُ مدُّه فيها جنوبا، نحو السودان، في انتظار ربطه بالمغرب الجنوبي؟ إن خَطَّ اتوات، هو الكفيل بتحقيق الهدفين معًا، مما يستوجب معه تركيز كل الجهود لإنجازه، حتى يتحقق اختراق الصحراء الكبرى، اعتمادا على السكة الحديدية باعتبارها مشروعا إمبرياليا.
نشير للمكانة الممتازة لكولون إيكلي، الذي عرف كيف يؤدي دوره، دون إطلاق رصاصة واحدة، وهو أمر ليس بالسهل، لان رحل اولاد جرير، ودوي امنيع، لم يتوقفوا عن إطلاق النار حوله، وقتلوا له بضعة أشخاص، مثل ليوطنا lau ومرافقه، لذلك صار متصدعا، ومفككا، لا يقوى على عمل جاد، فتراجع تاركا خلفه حاميات كافية في كل من: إكلي، وتاجيت، وبنـي كومي، واجْنان الدار، قبالة فكيك.
وأثناء ذلك كنا نعتقد أن دوي امنيع، سينتقمون من الكولون الصغير المكلف بإيصال تموين تلك المراكز. وبالفعل هاجموه، لكن تصدت لهم الفرقة الأجنبية المحمولة فأبعدتهم، محدثة فيهم -المغاربة الهاجمون عليه- عدة خسائر، أما نحن ففقدنا في تلك المواجهة 8 قتلى، و9 جرحى.
وقد تبين لنا في الموجهة، أن عددا من الرحل المغاربة مسلحون ببنادق جيدة، حديثة، استوردوها من مليلية.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(مجلة “إفريقيا الفرنسية 1900″، ص:273-278).