منهجي الذي لا أحيد عنه منذ أن عرفت مواقع التواصل

04 سبتمبر 2024 18:28

هوية بريس – د.البشير عصام المراكشي

الحمد لله

منهجي الذي لا أحيد عنه منذ أن عرفت مواقع التواصل، أنني أقول ما أراه حقا من البيان الواجب على مثلي، ثم أمضي ولا ألتفت لنقاش فيه، فضلا عن جدال ومراء!

والباعث لي على هذا المنهج أمور:

✔️ أولها: أن هذه النقاشات تقسّي القلب وتوغر الصدر وتقيّد الأعضاء عن العبادة.

✔️ والثاني: أنها تهدر الأوقات، وتصرف المشتغل بها عن الأنفع له ولأمته، في الدين والدنيا.

✔️ والثالث: أنها تهدم القدوات من العلماء وأكابر الدعاة، وتجعل العوام لا يثقون إلا في رؤوس معدودين، يوافقونهم اليوم على أهوائهم المتسترة؛ ثم لا يلبث هؤلاء العوام أن ينصرفوا عنهم بعد حين، مطبقين المنهج نفسه الذي رأوا متبوعيهم يطبقونه من قبلُ مع أولئك العلماء، جزاء وفاقا، وحُكما عدلا. وقد قيل قديما “على الباغي تدور الدوائر”.

✔️ والرابع: أن هذه النقاشات يغيب فيها الأدب الواجب مع الكبار، ويختلط فيها الحابل في الفكر بالنابل، ويستهزئ فيها سكيت العلم بالمجلّي فيه!

✔️ والخامس: أن التجربة المطردة دلت على أن الذي يبدي ويعيد في موضوع مخصوص من مجالات الاجتهاد، ويحرص على أن يحمل الناس عليه، ويُكثِر فيه اللت والعجن، لا بد أن ينحرف عن سواء السبيل ومنهج القصد، بسبب حظوظ النفس التي تجعله يلتزم أفكارا لم يكن يتبناها من قبل، كي لا يُقر للمخالف بالهزيمة أمامه. ولست أحصي من عرفته قد وقع في هذا في عصرنا وقبله..

✔️ والسادس: أنني لا أكاد أعرف اليوم من يرجع عن قوله بعد نقاش أو مناظرة من هذا النوع، بل أغلب الناس يدخلون بأفكارهم ويخرجون بها، ولكن مع زيادة عداوات وخصومات وتأخر شديد عن ركب المصلحين!

✔️ والسابع: أن أغلب نقاشات مواقع التواصل مبنية على الجهل والتحزب، وتصفيق الأتباع لمتبوعهم ولو أتى بعورات الاستدلال وأبان عن سوآت التفكير. ولا يوجد فيها حَكم يفيء الناس إليه ليقول أصاب زيد في بسط حجته، وأساء عمرو في تنزيل دليله..

✔️ والثامن: أن أكثر الموجود في مثل هذه المهارشات هو من قبيل حظوظ النفس وأهوائها الخفية، تغلف بغلاف النقاش العلمي. وبعض ذلك راجع إلى أمراض نفسية مستحكمة، تستدعي العلاج لا النقاش!

✔️ والتاسع: أن مما يغني عن إطالة النقاش العقيم، حظرَ من يسب ويسيء الأدب، ويتعنى أن ينطح الجبل بقرن الوعل!
وفي حظر مثل هذا سلامة قلبي فلا تنازعني نفسي للرد والانتصار، وفيه سلامته هو من رؤية ما يدعوه لمزيد من الثلب واستحلال العرض؛ والحال أن كلينا في حاجة للانشغال بما ينفعه.

فهذا منهجي منذ سنوات عديدة من النظر والتجربة، ما خرجت عن بعضه يوما إلا ندمت، فسارعت إلى الأوبة.

وإن طال عليك كلامي هذا، أو عسر عليك تدبره، فخذ عصارته في قول الآخر قديما:

تألق البرق نجديا فقلت له = إليك عني فإني عنك مشغول.

والله الهادي.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M