من الأوليات الكلية في فقه الهجرة

26 يونيو 2025 21:52

هوية بريس – د.ميمون نكاز

[التقتيل والتهحير الصهيونيان من محطات سُنَنِ الكفر]

– الهدي القرآني الموقظ:

1- {وَقَالَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ لِرُسُلِهِمۡ لَنُخۡرِجَنَّكُم مِّنۡ أَرۡضِنَاۤ أَوۡ لَتَعُودُنَّ فِی مِلَّتِنَاۖ} [إبراهيم13].

2- {وَكَذَ⁠لِكَ جَعَلۡنَا فِی كُلِّ قَرۡیَةٍ أَكَـٰبِرَ مُجۡرِمِیهَا لِیَمۡكُرُوا۟ فِیهَاۖ وَمَا یَمۡكُرُونَ إِلَّا بِأَنفُسِهِمۡ وَمَا یَشۡعُرُونَ} [الأنعام123].

ذلك هو الثابت العقائدي والموضوعي لجبهة الكفر على امتداد التاريخ كله، الوحي الشريف أعدم الظروف المكانية والزمانية وألغى فروق السياقات المختلفة لتقرير هذه الحقيقة الثبوتية في تاريخ التدافع والصراع بين الكفر والإيمان (إرادة الإخراج أو الإعادة في الملة)، مع بيان زعامة “أكابر المجرمين” لهذا المشروع… كما هو الحال في الظرف الوجودي للعالم اليوم… قد جمع الوحي الشريف “قرون الكفر وأجياله المتعاقبة” و”قرون الإيمان وأجياله المتوالية” في ظرف اعتباري كوني مجرد واحد” لتثبيت القاعدة العامة الحاكمة، وتقرير الأصل الكلي النافذ: {ولا يَزالونَ يُقاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دٍينِكُمْ إن اسْتَطَاعُوا، وَمَن یَرۡتَدِدۡ مِنكُمۡ عَن دِینِهِۦ فَیَمُتۡ وَهُوَ كَافِر فَأُو۟لَائكَ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فِی ٱلدُّنۡیَا وَٱلۡـَٔاخِرَةِۖ وَأُو۟لَائكَ أَصۡحَـٰبُ ٱلنَّارِۖ هُمۡ فِیهَا خَـٰلِدُونَ، إِنَّ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَٱلَّذِینَ هَاجَرُوا۟ وَجَـٰهَدُوا۟ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ أُو۟لَائكَ یَرۡجُونَ رَحۡمَتَ ٱللَّهِۚ وَٱللَّهُ غَفُور رَّحِیم} [البقرة:217-218]…

يقول النَّزِقُ الحَداثٍيُّ المُتذاكي: لا صلة لما يجري في العالم اليوم بالصراع العقائدي والديني، ومسألة الحرص على ردة المسلمين عن دينهم قد ولى مدبرا ولا معقب له، الصراع اليوم صراع على الهيمنة والنفوذ والتحكم من أجل رعاية المصالح وتوسيعها وحفظها، أقول: لو كان هذا النَّزِقُ الحداثي المُتذاكي يدرك طبيعة الدين ووظائفه في صيانة الهوية العامة للأمة من الاختراقات التفكيكية لوجودها الأمني العام، وأفعاله التكليفية لرعاية مصالح الأمة وحفظها من الانتهاب والعدوان عليه، لانتقب وانكف عن هذا اللغو السخيف…

السير الاعتباري في الوجود الإنساني العام يثبت هذا الإدراك، ويظهر التحيزين والاصطفافين، كما يوحي بمنتهيات التدافع والصراع، {قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِكُمۡ سُنَن فَسِیرُوا۟ فِی ٱلۡأَرۡضِ فَٱنظُرُوا۟ كَیۡفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلۡمُكَذِّبِینَ، هَـٰذَا بَیَان لِّلنَّاسِ وَهُدى وَمَوۡعِظَة لِّلۡمُتَّقِینَ، وَلَا تَهِنُوا۟ وَلَا تَحۡزَنُوا۟ وَأَنتُمُ ٱلۡأَعۡلَوۡنَ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِینَ، إِن یَمۡسَسۡكُمۡ قَرۡح فَقَدۡ مَسَّ ٱلۡقَوۡمَ قَرۡح مِّثۡلُهُۥۚ وَتِلۡكَ ٱلۡأَیَّامُ نُدَاوِلُهَا بَیۡنَ ٱلنَّاسِ وَلِیَعۡلَمَ ٱللَّهُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَیَتَّخِذَ مِنكُمۡ شُهَدَاۤءَۗ وَٱللَّهُ لَا یُحِبُّ ٱلظَّـٰلِمِینَ، وَلِیُمَحِّصَ ٱللَّهُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَیَمۡحَقَ ٱلۡكَـٰفِرِینَ، أَمۡ حَسِبۡتُمۡ أَن تَدۡخُلُوا۟ ٱلۡجَنَّةَ وَلَمَّا یَعۡلَمِ ٱللَّهُ ٱلَّذِینَ جَـٰهَدُوا۟ مِنكُمۡ وَیَعۡلَمَ ٱلصَّـٰبِرِینَ} [آل عمران 137-142]…

سنن التدافع والصراع تقتضي أن تكون لها ومنها “مبتدآت” و”أواسط” و”منتهيات”، ولكل واحدة منها علل وأسباب، وخصائص ومواصفات، وآثار ومآلات، يستوجب “فقه السنن الفاعلة في الوجود الإنساني” الإحاطة بها، من أجل “الإعداد الاستيعابي لكيفيات التعامل معها”، لذلك يؤكد الوحي الشريف على ضرورة “النظر في الكيف”، “كَيْفٍ الحدوث و الحصول”، لاستيعاب الوقائع والنوازل، بمعرفة العلل والأسباب والنتائج، من أجل امتلاك القدرة على الأفعال الموجبة فيها…

[نداء من روح الهجرة إلى جِذعان الأمة]

لقد كان وَرَقَةُ بن نَوْفل، الشيخُ الكبير العليل والأعمى بصيرا بهذه السُّنة من سنن التدافع والصراع بين الكفر والإيمان، بين الحق والعدل والباطل والإجرام، حيث قال للنبي صلى الله عليه وسلم عندما عَلِمَ شأنَه في أول البعثة:

(يا لَيْتَنِي فيها جَذَعًا، لَيْتَنِي أكُونُ حَيًّا إذْ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ، فقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أوَ مُخْرِجِيَّ هُمْ، قالَ: نَعَمْ، لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بمِثْلِ ما جِئْتَ به إلَّا عُودِيَ، وإنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا) متفق عليه.

أين هم “جِذعان الأمة” من هذا الوعي والإدراك، وأين هم من هذه “العزيمة والهمة والإرادة”؟، لا تراهم أغلبهم بمعتبرات أحوالهم إلا غافلين عابثين في حيواتهم، مهمومين بالأدنى في هذه الدنيا، منصرفين إلى طلب بعض الحظوظ مما هو مأمول لأشتات ذواتهم، لا يكاد يجمعهم جامع على مطالب الحق والعدل والكرامة والحرية و”عزة الوجود”…

رغم قتامة الوضع والحال، فإن الآمال والبشائر تمشي على تثاقل واستحياء، نبتغيها راملة في مَنْفَرة عامة لجذعان هذه الأمة، والبصير إنما يبصر إشعاع النور في “أواسط الظلمة”، فيسارع إلى المشي به في الناس لتحريرهم من “متواليات الظلمات” وإخراجهم منها….

يَفيض من أمل قلبي ومن ثقة***لا أعرف اليأسَ والإِحباطَ في غَمَم
اليأسُ في ديننا كـفرٌ ومَنقـصة***لا يُنْبِتُ اليأسَ قلبُ المؤمن الفَهِم

ذلك هو التحدي؛ تحدي “القلب النابض” و”العقل الحي”؛ تحدي “الروح الفاعلة” و”الإرادة المُنَجِّزَة”…

ذلك بعض إلهام درس الهجرة…

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
8°
19°
السبت
20°
أحد
20°
الإثنين
19°
الثلاثاء

كاريكاتير

حديث الصورة