من “التذكير بيوم بعاث” إلى “التجديف بقرآن برغواطة”

22 نوفمبر 2025 22:55

هوية بريس – د.ميمون نكاز

(اعْمَدْ إليهم فاجلس معهم وذكرهم يومَ بعاث وما كان قبله، وأنشدهم بعض ما كانوا تقاولوا فيه من الأشعار)…

تلك مقولة شاس بن قيس؛ الشيخ اليهودي الخصيم الكائد الحقود لأحد شباب يهود المدينة، يطلب منه العماد إلى مجلس الأوس والخزرج، حيث مر عليهم فغاظه ما رآى من جمعهم وألفتهم، طالبا منه تذكيرهم -بعد الاندساس بينهم- بأشعار العداوة التي كانت بينهم أثناء عداواتهم وحروبهم فيما بينهم في الجاهلية، ذلك لأنه يعلم أنه لو باشرهم هو بالتذكير لانفضحت الغاية وانكشف المشروع، فنزلت في شأن ذلك الآيات المعلومة من سورة المائدة من قوله تعالى: ﴿قُلۡ یَـٰۤأَهۡلَ ٱلۡكِتَـٰبِ لِمَ تَكۡفُرُونَ بِـَٔایَـٰتِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ شَهِیدٌ عَلَىٰ مَا تَعۡمَلُونَ، قُلۡ یَـٰۤأَهۡلَ ٱلۡكِتَـٰبِ لِمَ تَصُدُّونَ عَن سَبِیلِ ٱللَّهِ مَنۡ ءَامَنَ تَبۡغُونَهَا عِوَجا وَأَنتُمۡ شُهَدَاۤءُۗ وَمَا ٱللَّهُ بِغَـٰفِلٍ عَمَّا تَعۡمَلُونَ، یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ إِن تُطِیعُوا۟ فَرِیقا مِّنَ ٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡكِتَـٰبَ یَرُدُّوكُم بَعۡدَ إِیمَـٰنِكُمۡ كَـٰفِرِینَ، وَكَیۡفَ تَكۡفُرُونَ وَأَنتُمۡ تُتۡلَىٰ عَلَیۡكُمۡ ءَایَـٰتُ ٱللَّهِ وَفِیكُمۡ رَسُولُهُۥۗ وَمَن یَعۡتَصِم بِٱللَّهِ فَقَدۡ هُدِیَ إِلَىٰ صِرَ ٰ⁠ط مُّسۡتَقِیم، یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِۦ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسۡلِمُونَ، وَٱعۡتَصِمُوا۟ بِحَبۡلِ ٱللَّهِ جَمِیعا وَلَا تَفَرَّقُوا۟ۚ وَٱذۡكُرُوا۟ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ عَلَیۡكُمۡ إِذۡ كُنتُمۡ أَعۡدَاۤء فَأَلَّفَ بَیۡنَ قُلُوبِكُمۡ فَأَصۡبَحۡتُم بِنِعۡمَتِهِۦۤ إِخۡوَ ٰ⁠نا وَكُنتُمۡ عَلَىٰ شَفَا حُفۡرَة مِّنَ ٱلنَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنۡهَاۗ كَذَ ٰ⁠لِكَ یُبَیِّنُ ٱللَّهُ لَكُمۡ ءَایَـٰتِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَهۡتَدُونَ، وَلۡتَكُن مِّنكُمۡ أُمَّة یَدۡعُونَ إِلَى ٱلۡخَیۡرِ وَیَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَیَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِۚ وَأُو۟لَائكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ، وَلَا تَكُونُوا۟ كَٱلَّذِینَ تَفَرَّقُوا۟ وَٱخۡتَلَفُوا۟ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَاۤءَهُمُ ٱلۡبَیِّنَـٰتُۚ وَأُو۟لَائكَ لَهُمۡ عَذَابٌ عَظِیم﴾ [آل عمران 98-105] إلى منتهى السياق الخاص بتلك النازلة…

كذلك يصنع صهاينة اليوم في استخدامهم وتسخيرهم لبعض “المُسَلَّعِينَ” القابلين للبيع والشراء، للحفر في التاريخ والتراث، من أجل استحياء بعض القضايا البئيسة واستدعاء بعض الموروث المشؤوم، لشغل الناس وفتنتهم والتشغيب عليهم وصرفهم عن “جادات الأمور وثِقال الهموم ومعقولات المصالح والمطالب”، مثل ما يُصْنَع بالمُعَصَّد وشرذمته، بعد أن عِلِمُوهُم ممتلئينَ حقدا على الإسلام مهووسين ضغينةً على المسلمين، فأمْسَوْهُم من “مفردات الاستخدام والتوظيف” في مشروع “الإلهاء والتفكيك والاستنزاف”، وما هذا “اللغو” المثار حول “قرآن برغواطة” إلا عجاجة من هذا العجاج الكثيف التي يثيره “الامتداد الصهيوني” في العالم العربي والإسلامي، قصد “إعماء الأبصار” و”صرف الأنظار” عن واقع التحديات الحقيقية، التي يؤمها التحدي الناظم الأكبر لسائر التحديات؛ أقصد التحدي الصهيو أمريكي الذي أضحى “سائلا” في المنظومات السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية…

لذلك وجب الانكفاف عن الانجرار والانجراف إلى هذه الجداليات السخيفة والعقيمة التي يُوَلِّدُونَها ويُنَسِّلونَها في “متواليات مشرعة مفتوحة” لن تتوقف ولن تنتهي، وَلْتَتَآلَفِ الجهودُ والإمكانات من أجل البناء والتحصين بالعلم والعمل والانشغال بأمهات التكاليف والواجبات والمطالب، لمواجهة الأعداء والخصوم الحقيقيين، أما من ذكرنا وأمثالهم فما هم في واقع التدافع والصراع إلا من العجاج المثار المنفوخ من أفواه هؤلاء الأعداء والخصوم، ومن الخدم المسخر من قبلهم…

من لم يدرك ذلك كان من الغافلين عن إبصار صنائع أمثال “شاس بن قيس” في هذه الأمة من وراء “حُجُبِ السياسة والدين والمعرفة والثقافة”…

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
10°
16°
الخميس
16°
الجمعة
16°
السبت
16°
أحد

كاريكاتير

حديث الصورة