من حقنا أن نفرح ولكن…

09 ديسمبر 2024 22:23

هوية بريس – محمد بوقنطار

يجب أن يطبع هذا الفرح الكثير من التوجس والخيفة، والحذر والحيطة، ذلك أنه كر لعضو من جسد فقد تراصه ولحمته، فكل جارحة منه اليوم في قهقرة وفر، وذل وصغار ووهن، وكيف لنا أن نفرح الفرح المطلق وقد جاد علينا الزمن في سيرورته فأوقفنا على حقائق ومعطيات لو سيقت لنا قبل أوانها لاتهمنا السوق والسائق بالكفر ولرميناهما بالردة والمروق…

نعم لقد تبين لنا بعد حين أن الذين كانوا يجاهدون في أفغانستان وماتوا لتكون كلمة الله هي العليا -ولا شك أنهم سيبعثون ويلقون ربهم وتلك نيتهم على العين لا الحالة-، ذلك أن الحالة وقعت عليها الأطراف المقاومة بمداد من دم وتضحية لتكون كلمة أمريكا ومصالحها في المنطقة هي العليا، ناهيك عن كل ما وقع في بلاد الرافدين وتونس وليبيا، فقد سرقت الأحلام وتبددت الآمال، وانهارت القيم، ونسفت الوعود، وغرق الآمنون المظلومون في بحر من الهرج والدمار والفتك والقتل واللصوصية والاغتصاب والسطو، واستبدل السيء بالأسوأ، والقاتل بالقتال، والخادع بالمخادع المخاتل، والكاذب بالكذاب الكذوب، وازداد الناس فقرا وذلا ومهانة، وأحكمت الأوطان بالنار والحديد واستبدل الوعد بشديد الوعيد…

إن أي ماء يتحرك من المظلوم المقهور تطبع حركة دفقه ابتداء البراءة رغبا في نوال مطلوب التحرر في سياق زمني دولي يتسم العيش في مناخه بتغول وتصول واستقواء ما يسمى في منظومة الأمم المتحدة بالقوى العظمى، صاحبة السبابة التي رفعت وترفع وسترفع لسرقة مجرى المياه وتحويلها إلى المصب المراد على الحصر -بعد الإذن الكوني لرب العالمين- من طرف لصوص العالم وسارقي أحلام وآمال المستضعفين في مشارق الأرض ومغاربها.

وإنما تزيد وتزداد جرعات القهر ويتعملق رصيد التسلط والكيد والمكر، إذا كان المتحرك نحو استرداد حقوقه متمسلخا بعباءة الإسلام، أو محسوبا في أدبيات تصنيفاتهم من المسلمين المغضوب عليهم، أو من المتطرفين الضالين على وفق ضوابط نظرة هذا الغرب التأسيسية والتصورية لمقاومة جنسنا وجهاد الدفع لا الطلب من نوعنا.

ولربما تحول الشك وصار الاحتمال إلى رجحان ويقين، فحمل المؤمن السلاح في وجه المؤمن، وطال بفسطاطيهما التطاحن والتناحر ليكون القاتل والمقتول في النار كما صح في الرواية عن سيد الخلق وإمام المجاهدين نسأل الله السلامة والعافية آمين.

فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد…

يكفي فخرا هذا الكر المبارك أن كان من عربون بداياته المشرقة حصول اللقيا والوصل بين من عاشوا سنين عددا في غيابات سجون القهر الحربية، وعايشوا في مأساة عتمتها الفاقعة السواد كل أشكال الظلم والقهر والاعتساف، ونال منهم الجوع والنصب والقهر والوصب والغصب، ثم عادوا وقد رأينا كيف أنهم لا يعرفون المشي السوي في شوارع الحرية بعد رسفهم الطويل في أغلال النصيرية الحاقدة، ليحصل العناق الحار بعد الإحراق الضار في أحضان من تبشبشوا لرجوعهم كثيرا من الأحباب والأقارب…

فجزى الله خيرا كل من ساهم في إزاحة ذلك الكابوس الجاثم على الأنفاس المستضعفة والأجساد المحنوذة في تنور التعذيب والترهيب على مقترفي وصانعي مآسيها من الله ما يستحقون.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M