من قرآن الفجر.. إشارات وإلماحات

21 نوفمبر 2024 19:28

هوية بريس – ميمون نكاز

﴿وَقَالَ ٱلرَّسُولُ یَـٰرَبِّ إِنَّ قَوۡمِی ٱتَّخَذُوا۟ هَـٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ مَهۡجُورا، وَكَذَ ٰ⁠لِكَ جَعَلۡنَا لِكُلِّ نَبِیٍّ عَدُوّا مِّنَ ٱلۡمُجۡرِمِینَۗ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ هَادِیا وَنَصِیرا﴾ [الفرقان:30-31].

كأني بالقرآن الحكيم يقول: آلقرآنُ يُهْجَر؟ أمثل هذا الكتاب الأفرد الأوحد الذي “يُشار” إليه بالعلوية والقدسية والنورية والهدى والعظمة والحكمة والعجب والرشد والخيرية والحقية والعدلية والقسطاسية يُهجَر؟ تلك بعض الدلالة الإيحائية من اسم الإشارة في قوله {…اتخذوا “هذا” القرآن مهجورا}، ثم في الآية التالية إشارة تحديدية لمن يهجر الوحي الشريف بمعاداته للنبوة: إنهم المجرمون، ذلك لأن القرآن لا يعاديه ولا يهجره إلا كل مجرم أفاك أثيم، هذه هي “الحقيقة الكلية” التي يبصرها الناظر في خصوم النبوات والرسالات في مُدُدِ التاريخ…

وفي الآية إشارة دقيقة إلى أن كل عداء للنبوة هو من حيث المآل عداء للوحي نفسه، فالهاجر للسنة جملة هو هاجر للقرآن ضرورة ولزوما وإن ادعى خلاف ذلك… ومِنْ أَخْفَى مَسَالِكِ هجرانِ الوحي بهجران السنة، التدليس بدعوى “بشرية الرسول”، ألم يكن ذلك منطق من كفر من السابقين {ما هذا إلا بشر مثلكم}؟ وقد جاء في الوحي الشريف ما هو أصرح في بيان تعليلهم والكشف عن تضليلهم: {وَقَالَ ٱلۡمَلَأُ مِن قَوۡمِهِ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ وَكَذَّبُوا۟ بِلِقَاۤءِ ٱلۡـَٔاخِرَةِ وَأَتۡرَفۡنَـٰهُمۡ فِی ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَا مَا هَـٰذَاۤ إِلَّا بَشَر مِّثۡلُكُمۡ یَأۡكُلُ مِمَّا تَأۡكُلُونَ مِنۡهُ وَیَشۡرَبُ مِمَّا تَشۡرَبُونَ، وَلَئنۡ أَطَعۡتُم بَشَرا مِّثۡلَكُمۡ إِنَّكُمۡ إِذا لَّخَـٰسِرُونَ} [المومنون:33-34]، فأدعياء “تاريخية السنة” بالإجمال والإطلاق من الحداثيين و”القرآنيين” يبطنون هذا الاعتقاد وإن استعلنوا بخلافه، واللافت للنظر إشارة القرآن الكريم إلى طبقة الملإ “زعيمةً لحركة الهجر” هذه، هذه الطبقة تشمل -بالتتبع والاستقراء- فئات ثلاث: فئة السياسيين (السلطة)، وفئة الاقتصاديين (المال والثروة)، وفئة المثقفين(المعرفة)، والعامة الرعاع إنما هم هَمَلٌ تُبَّعٌ لهم، الفاسدون من هذه الفئات هم “المجرمون” الهاجرون للقرآن المعادون للنبوة، لأن للكتاب والسنة كلمات بينات فاصلة بخصوص أحوالهم وأوضاعهم، تأزهم ولا تعجبهم ولا ترضيهم، والوحي الشريف قد دل على العلة الفاتنة لهم في ذلك: إنه “الترف” {وأترفناهم في الحياة الدنيا}، “ترف السلطة والنفوذ”، و”ترف المال والثروة”، و”ترف دعاوى العلم والمعرفة”- أقصد “ترفُ الجهلِ الثَّقِف”… ﴿وَعَلَى ٱللَّهِ قَصۡدُ ٱلسَّبِیلِ وَمِنۡهَا جَاۤئر وَلَوۡ شَاۤءَ لَهَداكُمۡ أَجۡمَعِینَ﴾ [النحل:9].

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M