من نحن؟ وماذا نريد؟

هوية بريس – زوهير النبيه / باحث في علم الاجتماع
حاول بعض الباحثين في علم الاجتماع على الخصوص، الإجابة عن سؤال التصنيف الخاص بالمجتمع المغربي والإنسان المغربي. وهذه قضية من القضايا البالغة التعقيد على أصعدة علمية كثيرة. إما على مستوى المفهوم القادر على إمساك الواقع الذي يغلب جزؤه الضامر على جزئه الظاهر، أو على صعيد النظرية (المستوردة طبعا) الكفيلة بتأطير عملية التصنيف هاته.
ولم يتمكن هؤلاء الباحثون من تحديد سمات واضحة للإنسان المغربي ولا من تحديد مميزات صريحة للمجتمع الذي يعيش فيه. ولا أدل على ذلك من اختيار السوسيولوجي بول باسكونPaul Pascon مفهوم « société composite » والذي ترجم في أدبيات علم الاجتماع في المغرب ب”المجتمع المركب” لتوصيف حالة الاجتماع المغربية.
فحسب باسكون تختلط وتتمازج نماذج الممارسة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية “المعروفة” في مجتمعات أخرى وفي أزمنة مختلفة في نموذج هجين عبارة عن “أشابة” «alliage» مكونة من هذه النماذج. وبالتالي وحسب النموذج الباسكوني، لا توجد ملامح واضحة وصريحة تميز بشكل جلي المجتمع المغربي والناس الذين يكونونه.
من هذا المنطلق تبدو أسئلة مثل من نحن؟ وماذا نريد؟ ضرورية في هاته الفترة من حياة المجتمع المغربي ومن حياة الإنسان المغربي. إن القول بتعدد المشارب والثقافات التي ينهل منها المغاربة، واختلاف الحضارات التي مرت فوق أراضيهم والبقايا الثقافية التي ترسبت، والوقوف عنده لتبرير إشكالات التكوين الاجتماعي لأمر مضلل، إذا لم يتبعه تمحيص ما ينتجه الواقع الآن من أفراد “جدد” وما يحملونه من قيم “جديدة”. أسئلة كهاته لا بد أن تكون صعبة ولبكة، يلزمها مختبرات في علوم متعددة لفك شيفراتها والإجابة عنها.
علمتنا المدرسة في زمن سبق –نون الجيل الذي أنتمي إليه وما سبقه- أن “سكان المغرب الأقدمون هم البرابرة أبناء مازيغ، جاؤوا من اليمن والشام، عن طريق الحبشة ومصر، كانوا يلبسون الجلود ويسكنون الكهوف”. واليوم تغير قليلا هذه المؤسسة الاجتماعية من مواقفها لتنتج خطابا آخر يحتفي بتعددية المشارب الاثنية والدينية على حد سواء. لكن المثير للانتباه هو ما يقوم به البعض، وبدون مبررات علمية في غالب الأحيان، من محاولات تفنيد كل هذه الفرضيات التاريخية وصهرها في فكرة الأصل الوحيد، والاستحواذ على النقاش العمومي بكثير من التعصب. وهم إذ يحدون حدوهم هذا يضرون المجتمع أكثر مما ينفعون…



