من يحق له التأطير بالجامعة؟ الدعاة أم الأكاديميون؟
هوية بريس- محمد زاوي
هناك سوء فهم كبير لأدوار الجامعة في مجتمعاتنا؛ فقبل الحديث عن أدوارها المطلوبة، وجب الحديث عن أدوارها القائمة، كذا الحديث عن نخبها وأبحاثهم، وعلمائها وإنجازاتهم.
فإذا كان من “حق” بعض الأساتذة الجامعيين، أن يحتجوا ضد الفقهاء والوعاظ إذا دخلوا المدرجات الجامعية بمرجعية سياسية أو ثقافية ما، سيكون من حقنا أن نسائلهم أيضا عن أدوارهم المعرفية في الجامعة؟ وعن أي معرفة يتحدثون بالضبط؟ عن أي علم يريدون حمايته من خطاب الوعاظ والدعاة والفقهاء؟
الحقيقة التي يرفضها الجميع، تتناساها أو تغفلها الأغلبية، هي أن الجامعة مجال سياسي قبل أن تكون مجالا للمعرفة، أو لنقل: تمارَس فيها السياسة بلغة معرفية. الخطاب الوعظي والخطاب المعرفي إذن، كلاهما سياسة، يلجان الجامعة ويتصرفان في حيز منها تحت رقابة سياسية ما، وفي إطار ما يحقق غاية سياسية ما. الذين يرفضون هذا الطرح، نحيلهم على خمس قضايا للنقاش:
– تدريس العلوم الدقيقة والطبيعية بالفرنسية.
– استبطان المناهج المعرفية المعتمدة لنوع من الإيديولوجيا (بالتالي: نوع من السياسة).
– غياب بعض المناهج العلمية في البحوث المناقشة والدروس المقدمة للطلبة.
– تهميش علم الاقتصاد السياسي ومدارسه النقدية.
– وضع حدود للبحث التقني والتكنولوجي حسب ميزان القوى الدولي والتقسيم الدولي للخبرة التقنية (نتيجة التقسيم الدولي للعمل).
المطلوب في كل هذه القضايا طرح سؤال: هل يتحدد فيها العلم قبل السياسة؟ أم السياسة قبل العلم؟ وبالإجابة على هذا السؤال سنتمكن من الإجابة على سؤال آخر: هل وظيفة الأساتذة في الجامعات وظيفة معرفية علمية أم سياسية من باب أولى؟ ولما كانت السياسة، داخلية كانت أو دولية، هي الأصل المحدد للإنجاز العلمي الجامعي في كل القضايا أعلاه؛ لم يعد من حق أساتذة الجامعات الاحتجاج على التأطير الوعظي والفقهي في المدرجات بحجة أنه “تأطير إيديولوجي لا أكاديمي”. فالتأطيران معا، الوعظي والأكاديمي، وجهان لعملة واحدة، أملاهما الغرض السياسي، والصراع بينهما يعكس وجهتي نظر في السياسة، لا وجهة نظر أكاديمية ضد أخرى وعظية فقهية.