مهرجان الرياض بين تبرير المداخلة وفرح اللادينيين!!

21 نوفمبر 2024 17:52

هوية بربس – عابد عبد المنعم

لا زالت ردود الأفعال تتولى حيال مهرجان الرياض بالمملكة العربية السعودية، والذي أثار ردود فعل غاضبة ومستنكرة لما يجري ببلد يضم الحرمين الشرفين بين ربوعه، ويرفع شعار تحكيم الشريعة الإسلامية، ويحتضن في قلبه قبلة المسلمين، تتجه إليها أفئدة ووجوه ملياري مسلم؛ كلما أرادوا إقامة صلاتهم.

المهرجان الترفيهي للسعودية في طورها الجديد، يهدف وفق لجنة الترفيه التي تشرف عليه، إلى تحويل العاصمة الرياض إلى وجهة ترفيهية سياحية عالمية، طبقا لأهداف برنامج “جودة الحياة” أحد برامج رؤية السعودية 2030.

دورة 2024 من مهرجان الرياض، كمثيلاتها منذ 2019، لكنها تتصاعد كل مرة في سلم الجرأة التي تصدم بها كل مسلم فوق هذا الكوكب، فقد استضافت عددا من وجوه الغناء الغربي من ضمنهم “جينفر لوبيز” و”سيلين ديون” و”كاميلا كابيو” و”بوستا رايمز”.. وتكفي أسماؤهم وأزياؤهم للدلالة على حجم الانفتاح الكبير الذي أصبحت تنتهجه دولة آل سعود وآل الشيخ، هذا بالإضافة إلى حفنة الفنانين العرب من اللبنانيين المصريين وغيرهم..

وانسجاما مع التوجه الجديد لمملكة آل سعود، فقد أثار عرض اللبناني “ايلي صعب” بمهرجان الرياض الذي جمع فيه مغنيات وعارضات غربيات وأخريات عربيات ردود فعل غاضبة في معظم العالم الإسلامي، لاشتمال العرض على مشاهد عري فاضحة ورقصات مثيرة وجنسية، فاجأ أكثر الناس انحلالا، حيث لم يعد المتابع خلالها يفرق بين الرياض ولاس فيغاس.

المثير والغريب فعلا خلال دورة 2024 من مهرجان الرياض ليس مباركتها من طرف التيار اللاديني، فهذا غير مستغرب بالمرة بل هو المتوقع منه، لكن الغريب حقا هو أنْ يتم تبريرها من طرف بعض المنتسبين للتيار المدخلي المنتسب للسلفية زورا.

فبعض المطبلين من هذا التيار قام بتبرير هذا النوع من التظاهرات بأدرانها وعلاتها وعريها وإثارتها وفحشها، بدعوى أن العقل والمصلحة يؤكدان على أن كل دولة تسعى للتطور في شتى المجالات فلا بد لها من تضحيات وتنازلات لفائدة الدول المتقدمة التي لا يمكن مناقشتها، ويتوسع عقلُهم وقولهم ليشمل “المثلية السدومية” والخمر، والقمار وكثير من الأنشطة والسلوكيات التي تعتبرها المذاهب الأربعة من الموبقات.

بهذا المنطق والتبرير قال “المدخلي” إن احترام الخصوصيات الدينية للفنانين والرياضيين أمر محتوم محسوم، وإن كان شركا، وذلك من أجل تحقيق مصلحة التطور، في إشارة إلى الانتدابات الرياضية بالعربية السعودية.

ما يجري في بلاد الحرمين هو مسلك جديد لتبرير المحرمات والموبقات الشرعية، يتماهى تماما مع طرح التيار اللاديني الذي يلغي الدين من هذا النقاش ويجعل فتح الباب على مصراعيه لهذا النوع من الفن المنحط والسلوكيات الشنيعة المحرمة عنوانا للتفتح والتقدم.

لم يبق الجدل حبيس جزيرة العرب بل وصل إلى المغرب الأقصى، حيث خصص متكلمو التيار اللاديني جزءا من نقاشهم في “غرفة الفار” التابعة للمؤسسة الإعلامية لـ”الشرعي”، لتداول ما جرى في موسم الرياض حيث ذكروا عروض “جينفر لوبيز” التي نشروا صورها “من غير هدوم” -كما يقول إخوانا المصريون- خلال الحلقة، وثمَّن منشطو البرنامج الثورة الثقافية بالسعودية وتكفيرها عن أخطائها باستثمار إمكاناتها المالية في المسعى الصحيح، وخروجها “من الماضي إلى الحاضر ومن الجلباب إلى حداثة العصر”، و”تغيير البنية الفكرية والسلوكية المتكلسة عبر بوابة الفن والسينما والرياضة والرقص والكرة والتي كان يُظَنّ أنه من المستحيل تغييرها”.

وفي ذات السياق كتب أحد أفراد “العصابة” على صفحته بالفيسبوك “اللهم شاكيرا ولا الوهابية.. ما يمكنش لبنادم يدير الوصاية على شعب سعودي شاب متطلع لمستقبل يتخلص من الماضي الأسود للشرطة الدينية”.

ربما، وبسبب قوة المشاهد والصور الخليعة، فقد اختلطت على عضو العصابة الأسماء، فبات لا يفرق بين شاكيرا ولوبيز، لكن لا بأس فلا فرق كبير بين الفنانتين العاريتين، ولا بين خطاب أفراد العصابة خلال مرحلة الحرب على الإرهاب (الإسلام) وبعدها، فمن يمارس الوصاية في وقتنا الحالي معروف، ومن يحارب نشر التدين ويصف دور القرآن الكريم بـ”الكاراجات الدينية” معروف، ومن يحارب الحجاب والجلباب والزي المغربي الأصيل معروف أيضا.

لكن وعلى الرغم من الخلاف مع المنتمين لتيار “كلنا إسرائيليون”، الذين اصطفوا اليوم للدفاع عن خيارات السعودية الجديدة، فقد صَدقوا حينما قالوا بأن الموسيقى والسينما والمسرح والرقص والرياضة تغيّر البنية الفكرية والسلوكية للمجتمع والتي قد يظنّ البعض أنه من المستحيل تغييرها.

وهذا ما وقع بالضبط في أوروبا التي تم تفتيت بنياتها الاجتماعية والسلوكية والثقافية عبر المجالات التي تم ذكرها، وعبر العري والفن والمسرح والنحت وغير ذلك، فما بالك إذا كانت هذه المجالات تمولها اليوم دول البيترودولار، وتنفق عليها بجنون يفوق الوصف، أكيد أن النتائج ستكون كارثية وبكل المقاييس.

بقي أن نشير، وباختصار شديد إلى أنه إذا كان لكل مرجعية ثوابتها ومقدساتها، فإن المجالات التي يتم عبرها تفكيك بنية المجتمعات المحافظة، من فن وسينما ورقص.. تعد مقدسة لدى التيار اللاديني، من أجل ذلك فهي بالنسبة له “طابو” لا يسمح لأي كان بالاقتراب منه، ومجرد الدعوة لفتح نقاش حول الجدوى من وراء هذه الأعمال، وحكم الدين فيها واحترامها للقيم الأخلاقية والعرفية والمجتمعية، يعد لديهم جريمة لا تغتفر وجرما يسوغ استعمال كل الأسلحة للنيل ممن يطالب بذلك، أو ينتقده.

والسؤال الأكبر هو: هل تم فعلا القبول بالعلمانية التي تحاول أوروبا والغرب فرضها على السعودية منذ عقود؟؟

وهل ستصبح السعودية قبلة المسلمين وآخر معاقل الإسلام تبنيا لشريعة الإسلام مثل لبنان؟؟

آخر اﻷخبار
1 comments
  1. اين صاحب مقولة علمهم السنة يااباعبيدة بدل اللثام لماذا يخرس اصحاب التيار المدخلي لانهم بكل بساطة لانهم صنيعة السلطان الذي يغدق عليهم.

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M