موارد المغرب المائية بين نزيف الاستغلال وتهديد المناخ
هوية بريس – متابعة
الإثنين 30 نونبر 2015
يعتمد المغرب على سياسة يؤكد المسؤولون أنها تقوم على التحكم في الطلب على المياه ووضع برامج تتكيف مع التغييرات المناخية، لكن بعض الفاعلين يرون أن هذه السياسة لا تفي بالغرض في ظل الاستغلال المفرط لمياه الري، وعدم ترشيد استعمال الماء الصالح للشرب.
وتشير المعطيات الرسمية إلى أن متوسط الموارد المائية بالمغرب يقدّر بـ22 مليار متر مكعب في السنة، وهو ما يعادل سبعمئة متر مكعب للفرد الواحد سنويا، وتنقسم إلى موارد مائية سطحية (18 مليار متر مكعب) وموارد جوفية قابلة للاستغلال (نحو أربعة مليارات متر مكعب).
كما تشير آخر الإحصائيات إلى أن نسبة ملء السدود بلغت 66% ما بين أول سبتمبر الماضي و23 نوفمبر الجاري، حيث بلغ حجم مخزونها المائي حوالي 10.3 مليارات متر مكعب.
ومن وجهة نظر رئيس جمعية “الماء والطاقة للجميع” الحسين كافوني فإن العجز الحاصل في الموارد المائية يرجع خاصة إلى عدم انتظام تساقط الأمطار.
هدر المياه
وقال الكافوني للجزيرة نت إن ضعف توعية مستعملي الماء واعتماد الطرق التقليدية في السقي يساهمان بشكل كبير في هدر كميات كبيرة من المياه، وهو ما يدفع -إلى جانب الجفاف الذي أصاب الواحات- إلى هجرة السكان من الأرياف إلى المدن.
ولمواجهة هذا الوضع قالت الوزيرة المنتدبة المكلفة بالماء شرفات أفيلال في تصريح للجزيرة نت إن المغرب يستحضر نتائج الدراسات المنجزة على الصعيد الدولي بهذا الخصوص، “ولذلك اعتمدنا برامج لضمان الأمن المائي تراعي حاجيات القطاعات الاقتصادية، والآثار السلبية للتغييرات المتوقعة وعلى رأسها الفيضانات والجفاف”.
وحول الحلول البديلة لتعزيز الموارد المائية، قالت أفيلال إن العمل جار لاعتماد حلول بديلة كتحلية مياه البحر، “إذ يمكن تحلية حوالي ثلاثمئة مليون متر مكعب من الماء الصالح للشرب في أفق عام 2030، وثلاثمئة مليون متر مكعب أخرى موزعة بالتساوي على قطاعات الفلاحة والصناعة والسياحة”.
من جانبه اعتبر عضو لجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن والبيئة بالبرلمان حسن الحارس أن أهمية الإجراءات المتعلقة بتحلية مياه البحر وإعادة استعمال المياه المستعملة في سقي الأراضي، لا تعني حل المشكلة نظرا للإكراهات المرتبطة بالإفراط في استغلال مياه السقي، وعدم ترشيد استعمال الماء الصالح للشرب.
إجراءات جديدة
وضمن حديثها للجزيرة نت، أوضحت أفيلال أن الاستباق في مواجهة آثار التغيرات المناخية على الموارد المائية من أهم أوجه السياسة المائية بالمغرب من خلال التحكم في الطلب على الماء بتحسين مردودية شبكات توزيع الماء الصالح للشرب، وتكثيف عملية إعادة استعمال الماء في ما يتعلق بتدبير الطلب على الماء في قطاعي السياحة والصناعة.
وبخصوص الفلاحة، قالت إن الحكومة تسعى إلى إنجاز برنامج لتحويل نظم السقي من النظام التقليدي إلى نظام السقي الموضعي (تقنية تهدف إلى توزيع الماء بكمية قليلة ومركزة ومترددة)، حيث تصل نسبة الإنجاز حاليا إلى 27%، ومن المتوقع أن تصل إلى 50% عام 2020، وإلى 70% في أفق العام 2030، إلى جانب الرفع من إنتاج الطاقة الكهرومائية ليبلغ 14% من الإنتاج الوطني من الكهرباء.
لكن السياسة الحكومية من وجهة نظر الحسين كافوني غير كافية لمواجهة هذه الإشكالية وترشيد استغلال الموارد المتوفرة، داعيا إلى توعية الفلاحين والصناعيين ومهنيي السياحة والعاملين بالمدارس والمساجد، بضرورة الاقتصاد في استعمال الماء، وتعميم السقي الموضعي، واختيار مزروعات أقل استهلاكا للماء وذات مردودية عالية.
وحسب آخر تقرير للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي -وهو مؤسسة رسمية مستقلة تقوم بمهام استشارية لدى الحكومة والبرلمان- فإن الموارد المائية تعاني من الوتيرة المتزايدة للطلب على الماء في ظل نضوب الموارد التقليدية وتدهورها، وتلوث حاد نتيجة للأنشطة الصناعية والاستعمالات المنزلية.
ويوصي التقرير المذكور بتشجيع المشاريع المقتصدة في الماء، وعقلنة استغلال الموارد المائية من أجل الحفاظ على هذه الثروة.