مواقع التنويم الاجتماعي

نبيل جزنائي – هوية بريس
درج المشتغلون في ما يسمى بالتنويم المغناطيسي على استعمال الرقاص – أو البندول – أمام الشخص المراد تنويمه، بحيث يبقى مركزا على تأرجح الرقاص إلى أن يدخل في حالة من اللاوعي، فيصير مستجيبا لكل ما يقال له.

هذه الحالة التي يدخل فيها هذا الشخص المنوَّم تشبه إلى حد بعيد ما يقع اليوم لطائفة عريضة من شبابنا من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، وأعني أولئك الذين يقضون أوقاتهم في التأرجح بين حدث وآخر، فيذهبون مع هذا ويرجعون مع آخر، ثم يذهبون مع ثالث ويرجعون مع رابع، وهكذا دواليك في تأرجح داخل سلسلة من الأحداث المتتابعة، ووسط دوامة من الوقائع المتتالية، جلها تافه لا فائدة فيه، فتعمل فيهم عمل رقاص التنويم حتى يدخلوا في حالة من اللاوعي.

وهي حالة خاصة، إذ لا يوجد ذلك الشخص المنوِّم الذي ينهي حصة التنويم، بل هؤلاء الشباب متروكون لوحدهم أمام هذا الرقاص، ولا يتوقفون إلا لمانع خارجي، كفراغ البطارية أو غلبة النوم، لكنهم سرعان ما يعودون للتأرجح بين تلك الأحداث بمجرد زوال ذلك المانع!

ويترتب عن هذا اللاوعي عدة مساوئ، كتضييع الواجبات والأوقات والطاقات، ولكني أود هنا أن أسلط الضوء على المساوئ التي تهم الجانبين الفكري والنفسي لهؤلاء الشباب، ومنها:

– أنه يمنعهم من التفريق بين ما يجوز مشاهدته أو قراءته وما لا يجوز، إذ يكفي أن يكون العنوان مثيرا لينقضوا على المادة المعروضة، غير مبالين بنظرة الشرع إليه.

– أنه يحصرهم فكريا ويضيق أفقهم فلا يصلون إلى مصادر العلم والمعرفة، الحقيقية والأصيلة.

– أنه يتسبب في تدني مستواهم الثقافي، إذ أن أغلب هذه الدوامات تتأرجح بهم بين أخبار تافهة.

– أنه يحول دون تقبل النصح والتوجيه، فإذا أردت تنبيه أحدهم وجدت نفسك تنفخ في الرماد.

– أنه لا يفتح مجالات للنقاش والنقد، لأن هذه السلاسل من الأحداث يكون لسان حالها “لا أريكم إلا ما أرى”.

– أنه يسود الرؤية ويبعث على التشاؤم، لكثرة الفضائح والجرائم داخل هذه القوقعة.

– أنه يفسد أذواقهم بسبب ما فيه من الشذوذ الفكري والخلقي، فلا يميزون بين المعروف المقبول، وبين المنكر المنبوذ.

هذا بعض ما يقع لرواد مواقع التواصل الاجتماعي حين لا يحسنون التعامل معها، فلا ننكر وجود كثير من المنافع والمحاسن لهذه المواقع، والكيس اللبيب هو من يجني الثمار ويترك العود للنار.
فأرجو أن ينتبه شبابنا من هذه الغفلة وأن يفيقوا من هذه الغفوة، والله الهادي إلى سواء السبيل.