موقف المغاربة من الساعة الإضافية.. بين القبول والرفض

هوية بريس – متابعة
تُعدّ مسألة الساعة الإضافية في المغرب موضوعًا يثير جدلاً واسعًا بين المواطنين، حيث تتعدد الآراء بين مؤيد ومعارض، وتعكس هذه القضية تفاعلاً اجتماعياً وسياسياً مع قرارات الحكومة. في أكتوبر 2018، قررت الحكومة المغربية اعتماد التوقيت الصيفي بشكل دائم (توقيت غرينتش +1)، بدلاً من العودة إلى التوقيت العادي (توقيت غرينتش) خلال الشتاء، وهو القرار الذي أثار ردود فعل متباينة بين المغاربة.
أسباب القرار الحكومي
بررت الحكومة هذا القرار بأنه يهدف إلى تحقيق التوافق مع الشركاء الاقتصاديين، خاصة الدول الأوروبية، التي تُعتبر السوق الأساسية للصادرات المغربية. كما أُشير إلى أن الساعة الإضافية تُسهم في ترشيد استهلاك الطاقة وتعزيز الإنتاجية من خلال استغلال ساعات النهار بشكل أفضل. لكن هذه التبريرات لم تكن كافية لإقناع الجميع، حيث واجه القرار انتقادات حادة من فئات مختلفة من المجتمع.
الموقف الشعبي: انقسام واضح
من جهة، هناك من يرى في الساعة الإضافية خطوة إيجابية. يعتقد هؤلاء أنها تمنح المواطنين وقتًا إضافيًا في المساء للقيام بأنشطتهم اليومية، خاصة في المدن الكبرى حيث يعتمد الكثيرون على ضوء النهار بعد انتهاء العمل. كما يرى البعض أن هذا التوقيت يتماشى مع نمط الحياة الحديث ويسهل التواصل مع العالم الخارجي.
لكن من جهة أخرى، يعبر قطاع واسع من المغاربة عن رفضهم لهذا القرار. يشتكي الكثيرون من تأثيره السلبي على الحياة اليومية، خاصة في فصل الشتاء حيث تتأخر شروق الشمس، مما يجعل الصباح مظلمًا وباردًا. هذا الأمر يؤثر بشكل كبير على التلاميذ والطلاب الذين يضطرون للاستيقاظ مبكرًا والتوجه إلى المدارس في ظلام دامس، فضلاً عن العاملين الذين يبدأون يومهم في ظروف غير مريحة. كما يرى المعارضون أن الفوائد الاقتصادية المزعومة لم تظهر بشكل ملموس، وأن القرار يتعارض مع الإيقاع البيولوجي الطبيعي للإنسان.
التأثير الاجتماعي والثقافي
الساعة الإضافية لم تكن مجرد تغيير تقني في التوقيت، بل أثرت على عادات المغاربة اليومية. ففي بلد تتأثر فيه الحياة الاجتماعية بأوقات الصلاة والعادات التقليدية، أدى هذا التغيير إلى شعور بعض المواطنين بالارتباك. على سبيل المثال، أصبحت صلاة الفجر تؤدى في وقت متأخر نسبيًا مقارنة بالتوقيت الطبيعي، مما أثار استياء البعض الذين يربطون بين التوقيت والشعائر الدينية.
ردود الفعل والمبادرات
لم يقتصر الأمر على الشكوى الفردية، بل شهد المغرب تحركات احتجاجية ومبادرات شعبية للمطالبة بإلغاء الساعة الإضافية. في المقابل، حاولت الحكومة تهدئة الوضع من خلال استثناءات مؤقتة، مثل العودة إلى التوقيت العادي خلال شهر رمضان تلبية لرغبة المواطنين، لكن هذا لم يُنهِ الجدل.
خاتمة
في النهاية، يبقى موقف المغاربة من الساعة الإضافية انعكاسًا لتوتر دائم بين متطلبات الحداثة والاقتصاد من جهة، والتمسك بالعادات والراحة اليومية من جهة أخرى. ورغم مرور سنوات على تطبيق هذا القرار، يظل الانقسام قائمًا، مما يطرح تساؤلات حول مدى نجاعة مثل هذه السياسات في ظل غياب توافق شعبي واسع.



