موقف علماء المغرب رواد الحركة الوطنية من قضية الأقصى وفلسطين
هوية بريس – د. حميد العقرة
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
كانت مواقف علماء المغرب مشرفة اتجاه قضية فلسطين والمسجد الأقصى، وأخص بالذكر موقف رابطة علماء المغرب أيام عزها وسؤددها حين كان أمينها العام أحد كبار علماء المغرب ألا وهو العلامة عبد الله كنون رحمه الله، وكان من أعضائها السادة العلماء: الحاج أحمد بن شقرون، والتهامي الوزاني، والحاج محمد المدكوري، وعبد السلام الأمراني، والرحالي الفاروق، وعبد الله الجرسيفي وغيرهم من أعلام المغرب.
وأود هنا الحديث عن مؤتمرات الرابطة، فبعد الاحتلال الغاشم كانت القضية الفلسطينية حاضرة بقوة في مؤتمراتها، من ذلك: المؤتمر الخامس المنعقد بتطوان سنة 1395هـ/1975 م، وكان من أهم قضايا المؤتمر قضية فلسطين والمسجد الأقصى وكان من بين التوصيات قولهم:
* “إن المؤتمر الخامس لرابطة علماء المغرب المنعقد بتطوان، يسجل دائما وباستمرار أن قضية فلسطين هي قضية المسلمين الأولى، وأن تحرير فلسطين ومدينة القدس بصفة خاصة، والجهاد من أجل ذلك سيبقى فرضا محتما على جميع المسلمين”.
* يُطالب بفتح باب التطوع للجهاد في سبيل الله نصرة للقضية الفلسطينية عموما، وتحرير بيت المقدس من رجس الصهاينة على الخصوص”.
والمؤتمر السادس المنعقد بإقليم سوس في مدينة أكادير سنة 1397هـ/1977م، وكان من بين توصياته: توصية حول فلسطين: “إن المؤتمر السادس لرابطة علماء المغرب يؤكد من جديد أن قضية فلسطين ينبغي أن تكون الشغل الشاغل لكافة المسلمين، وبالأخص الملوك والرؤساء، وأن تحرير قبلة المسلمين الأولى لمن آكد الواجبات على المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.. ويحذر المؤتمر من شعارات السلام التي تنادي بها الدول الموالية لإسرائيل على ألسنة ساستها، والتي يجب ألا نخدع العرب والمسلمين، وأن شعارات الود والأمان ورفع أغصان الزيتون إنما تعبر وتخدم الفكرة الصهيونية في الاستيطان والتوسع”.
والمؤتمر السابع المنعقد بمدينة وجدة سنة 1399هـ/1979م، وكان من بين توصياته: قضية فلسطين، حيث استنكر المؤتمر الاتفاقية الانفرادية التي أُبرمت بين العدو الصهيوني وحكومة مصر ذلك الوقت بالاعتراف للصهاينة بحق الوجود واغتصاب الوطن الفلسطيني العربي، وورد في ختام التوصية: “فإن المؤتمر يعتبر تلك الاتفاقية باطلة شرعا وقانونا، وأن كل محاولة لتزكيتها باسم الدين هي محاولة يتبرأ منها الإسلام والمسلمون”.
والمؤتمر الثامن المنعقد بالناظور سنة 1401هـ/1981م وكان من بيت توصياته حول فلسطين والقدس الشريف:
– “يهيب بالأمة الإسلامية أن تهب إلى التعبئة العامة ماديا وفكريا ونفسيا وعسكريا لتحرير فلسطين والقدس الشريف”.
– “يؤيد الجهود الجبارة التي تبذلها لجنة القدس برئاسة جلالة الملك الحسن الثاني نصره الله من افتكاك أولى القبلتين وثالث الحرمين، ويطالب بالاستمرار في المزيد من المبادرات والخطوات الهادفة إلى استقطاب الدعم، والاعتصام بحبل الوحدة لتحرير المسجد الأقصى” (مواقف وآراء رابطة علماء المغرب للحاج أحمد بن شقرون).
ومن المواقف التي سجلها التاريخ: موقف العلامة الرحالي الفاروق في كلمته بمؤتمر القمة العربي والإسلامي سنة 1970م حيث قال: “وإن من أكبر الظلم والسعي في خراب المساجد والمعابد وخاصة المسجد الأقصى المبارك، الذي امتد إليه يد السوء بالتغيير والتحريق، وإن نبي المسلمين صلى الله عليه وسلم كان يقول: (انصر أخاك ظالما أو مظلوما)، ونصر الظالم نهيه عن ظلمه، ونصر المظلوم الوقوف بجانبه” (دعوة الحق ع 3 ص 11 سنة 1970 بواسطة مقالات ومحاضرات الشيخ الرحالي الفاروق للأستاذ أحمد متفكر3/174).
ومن كلمات العلامة عبد الله كنون بهذه المناسبة قوله:
* “والخلاصة أن قضية فلسطين بكل احتمالاتها هي قضية إسلامية لا عربية فقط، والصهيونية ماهي إلا ربيبة الاستعمار، والاستعمار ما هو إلا صورة مغلقة من الحروب الصليبية”.
* “إن البغي والعدوان الذي تمارسه إسرائيل في فلسطين الشهيدة بحماية الدول الكبرى، لم يبق قاصرا على قتل الأنفس البريئة، والاستيلاء على ممتلكات المواطنين الفلسطينيين بالغصب والسرقة، بل تعدى ذلك إلى أماكن العبادة والبقاع المقدسة، والاستهانة بشعور سبعمائة مليون مسلم([1]) ..فالاعتداء عليه اعتداء على دين الإسلام، ومدرجة للاعتداء على مسجدي مكة والمدينة”.
* “لكن ليس اللوم على مجلس الأمن، ولا على إسرائيل، وإنما اللوم كل اللوم علينا معشر المسلمين بعامة والعرب بخاصة، فلم تحمل أمة من الذل والهوان في هذا العصر مثل ما حملناه”.
* “أما القدس، وأما فلسطين، فستبقى عربية إسلامية ولو بلغت قوة إسرائيل ومن يؤيدونها ما بلغت، فإن الصليبيين قد استولوا على القدس وفلسطين عشرات السنين، ولكنهم في النهاية قد اندحروا اندحارا شنيعا، وسحقهم الشعب العربي الإسلامي بقيادة صلاح الدين سحقا” ( كتاب معارك لعبد الله كنون).
ولما قام بعض من تولى الصهاينة المعتدين من بني جلدتنا بفاس، وادعى أن الأرض لليهود، انبرى له العلامة عبد الرحمن النتيفي رحمه الله بكتاب “النصر والتمكين في وجوب الدفاع عن فلسطين”، ولا يزال مخطوطا.
وأما الأستاذ الزعيم علال الفاسي رحمه الله فكانت فلسطين في عقله وقلبه في كتبه والمحافل التي يحضرها، اخترت منها أبياتا من ديوانه:
المسجد الأقصى ومسرى محمد***والقبلة الأولى وصنو الكعبة
بيد الصهاينة الذين تحالفوا***أن يُرجعوه لهيكل الوثنية
ومساجد الجبهات من أبطالنا***أضحت مواطئ نعلهم يا حسرتي
أنا تطيب حياتكم من قومكم***والقدس تَرسُف في قيود الذُلة
هذا غيض من فيض، وقل من كثر، ويكفي من الحلي ما قل وستر العنق، وإلا ما من علَم من أعلام المغرب ممن عاصر شرارة الاحتلال أو بعدها إلا وله اليد الطولى في الدفاع عن الأقصى وفلسطين السليبة، فاللهم انصر وأيد وآزر وسدد إخواننا بالقدس، إنك على كل شيء قدير، وبالإجابة جدير.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تنبيه: اكتفيت بمن قضوا نحبهم، إبرازا لهم ولمواقفهم، وإلا ففي الأحياء الأضعاف.