ناشطة بريطانية تكتب: أنا عزباء، وبلا أطفال، وامرأة وحيدة.. لقد خذلتني الحركة النَّسَوِيَّةُ، وخذلت جيلي كله!
هوية بريس – علي حنين
بعدما قضت جزءا غير يسير من حياتها في الدفاع عن الحركة النسوية، فاجأت الكاتبة البريطانية، بيترونيلا وايت، الجميع بمقال مثير نُشِر أمس الإثنين على صحيفة “ديلي ميل”، كشفت من خلاله عن بعض ما فعلته الحركة النسوية بها وببنات جيلها من البريطانيات، ووضعت له عنوانا يقطر ألما وحسرة: ” أنا عازبة، وبلا أطفال، وامرأة وحيدة. لقد خذلتني الحركة النسوية، وخذلت جيلي كله”!
واستهلت الكاتبة البريطانية مقالها قائلة: “ألتقي كل يوم اثنين مع مجموعة من الصديقات في أحد مطاعم لندن نجلس على طاولة بالقرب من النافذة ونناقش أحياتنا، لدينا الكثير من الأمور المشتركة فكلنا في منتصف الخمسينات من عمرنا ونساء عاملات متعلمات تعليمًا مرموقًا ولكن.. هناك فراغ في حياتنا فكلنا عازبات وليس لدينا أطفال”.
وأضافت “وايت”: “أشعر بشكل متزايد كما تشعر صديقاتي المقربات أن الحركة النسوية قد خذلت جيلنا”.
وأشارت وايت إلى دور عمتها في اعتناقها للفكر النسوي المتطرف قائلة “عندما كنت في الثالثة عشرة (13) من عمري، كانت هدايا عيد الميلاد من عمتي – الناشطة في حركة تحرير المرأة (Women’s liberation movement) – عبارة عن كتب لغلوريا ستاينم وسيمون دي بوفوار، التي تعتبر أم الحركة النسوية الحديثة”.
كما أشارت إلى أن مما زاد تعلقها بالفكر النسوي المتطرف، هي وبنات جيلها، تولي مارغريت تاتشر لرئاسة الوزراء في بريطانيا باعتبارها أول امرأة تتولى هذا المنصب في تاريخ البلاد.
ولفتت إلى أن وصول تاتشر لذاك المنصب كان بمثابة إعلان بأن “عمل المرأة قد حل محل علاقاتها مع الجنس الآخر (الرجل) إلى حد بعيد”.
ولم تغفل الكاتبة البريطانية في مقالها التنبيه على الدور الذي قامت به المردسة في دفعها لاعتناق هذا الفكر المتطرف، والذي تركز حول ازدراء فكرة الزواج وجعلها أمرا مخزيا، والعمل على شيطنة الرجل، والتنفير من كل ما يتصل بالعناية بشؤون المنزل كالطبخ مثلا. مع التشجيع على تحقيق الذات والنجاح الشخصي للمرأة والعيش بشكل مستقل عن الرجل ورعايته.
وهنا تعلق بيترونيلا وايت “كل هذا جيد جدا عندما تكونين شابة وتتطلعين إلى العظمة، لكن ليس كل الفتيات يكبرن ليصبحن مديرات تنفيذيات أو قاضيات في المحكمة العليا، وهو أمر نسيت النسوية أن تخبرنا به بشكل خطير”.
ولم يفت “وايت” في مقالها أن تشير إلى ذلك الصراع المرير الذي خاضته النساء اللواتي اعتنقن هذا الفكر النسوي المتطرف؛ حيث وجدن أنفسهن أمام خيارين أحلاهما مر، كما كن يعتقدن: إما الزواج والأطفال أو العمل والاستقلال عن الرجل!
وبخصوص وضع الفكر النسوي المتطرف في أوروبا حاليا، قالت بيترونيلا وايت: “أعتقد أحيانا، وكذلك صديقاتي، بأن الغرب قد تجاوز الفلسفة النسوية، وأنها أصبحت ضارة”.
وتساءلت الكاتبة البريطانية بمرارة:” أين في هذا العالم تُترك النساء مثلنا حتى نصل إلى منتصف الخمسينات من العمر ونجد أنفسنا وحدنا؟! .. هل تعلمون أن واحدة من كل عشر نساء بريطانيات في الخمسينات من العمر لم تتزوج قط، وتعيش بمفردها! وهو أمر مؤلم وغير صحي”.
وأوضحت “وايت” أن أحد الأسباب الرئيسية لتعاسة النساء اللواتي اعتنقن الفكر النسوي المتطرف “هو الشعور بأن المرء غير محبوب، في حين أن الرفقة والشعور بالحب يعزز السعادة أكثر من أي شيء آخر”.
كما نقلت لنا وايت في مقالها تجربة مؤلمة لإحدى صديقاتها مع الفكر النسوي المتطرف – الذي بالكاد بدأ نجمه يصعد في بلداننا الإسلامية – قائلة: “صديقتي سالي، الجميلة البالغة من العمر 55 عاما ولديها عيون بلون ماء النيل، قالت لي مرة: (أشعر دائما بأنني غير مرغوبة كامرأة، لأن النسوية علمتنا أن المرأة التقليدية كانت نمطا اخترعه الرجال لإبقائنا تحت السيطرة. وبناء على ذلك، كنت ضد الرجال حتى وصلت إلى حد دفعهم بعيدًا. الآن، أدفع الثمن لذلك)”.
ولأن هذا الفكر النسوي المتطرف -والذي بدأ للأسف يجد رواجا كبيرا في البلدان الإسلامية- يدفع المرأة دفعا نحو الانعزال والوحدة بعيدا عن ظل الرجل وحضن الأسرة الدافئ، ختم الكاتبة البريطانية، بيترونيلا وايت، مقالها بتوجيه تحذير لمثيلاتها من النساء المتأثرات بالنسوية قائلة “وفقا لدراسة حديثة أجراها معهد طبي أمريكي، فإن الوحدة هي السبب الرئيسي للاكتئاب بين الإناث في منتصف العمر. يجب أن أعرف، لأنني وقعت مؤخرا فريسة لمرض عقلي لا يرحم”.